اسكندر عزيز: إذا متّ فادفنوني بالقامشلي
09/أيلول/2008
رغم مرور أربعين سنة على وجوده في دمشق إلا أن الفنان المخضرم إسكندر عزيز ما زال يحن إلى القامشلي حيث موطن الصبا وذكريات الطفولة وبدايات الوعي والوله بالفن والتمثيل، يقول عزيز لـ«الوطن»: «أنا جزراوي، ودمي وترابي هناك وحنيني للقامشلي لا ينتهي، وأتمنى من أهلي أن يدفنوني في تراب القامشلي بعد موتي». وفي الوقت نفسه لا يخفي عزيز عشقه ومحبته لدمشق.
ويقول: «منذ أربعين سنة جئت إلى دمشق وفيها تعلمت وعملت وأنا أعشق وأحترم هذه المدينة ولكن حنيني إلى أيام طفولتي في القامشلي ليس له نهاية».
ويعود عزيز بالذاكرة إلى طفولته حيث مثّل قبل أن يعرف ما التمثيل فقد كان يُعيد تجسيد الحكايات التي يسمعها من والده أمام منقل الجمر في ليالي الشتاء الباردة، حيث كان يتفاعل مع شخصيات هذه الحكايا ويضيف «في يوم من الأيام وكان عمري وقتها عشر سنوات تأثرت كثيراً بإحدى حكايا والدي، فطلبت من أقراني في الحارة مشاركتي في تمثيل مسرحية استوحيتها من تلك الحكاية ولم أكن وقتها أعرف قيمة وأهمية ما نفعل، وعندما شاهدنا والدي فرح كثيراً قال: "ما قمتم به أحلى من حكايتي"».
وكان والدي أول المشجعين لنا وبعد ذلك عاد عمي من العراق وكانت لديه فكرة عن السينما والتمثيل. وفي يوم أخذني معه إلى مدينة القامشلي لكي يريني السينما، وقبل أن ندخل أعطاني عمي فكرة عنها حيث كنت صغيراً وخشي عليّ من المفاجأة، ما حسبه تحقق فأول مشهد رأيته كان لشاحنة فحسبت أنها قادمة لتدهسنا صرخت من الخوف وكانت هذه المرة الأولى التي أرى فيها سينما وأعرف ما التمثيل.
بدأ اسكندر عزيز بالتردد إلى مدينة دمشق في عام 1961 لغاية الانتساب للمسرح القومي بعد أن أسس فرقة مسرحية في القامشلي قدمت إحدى عشرة مسرحية، منها لموليير، ومسرحية عن ثورة الجزائر في عام 1959، وانتسب اسكندر عزيز إلى المسرح القومي عام 1964 وبدأ رحلته الحقيقية في الفن.
وقدّم على مدى هذه السنين عشرات المسرحيات وشارك في العديد من المسلسلات السورية الناجحة، ويُعد اسكندر عزيز من الجيل الذي أسس للدراما السورية، فهو من الفنانين الأوائل الرواد الذين حملوا هذه الدراما على أكتافهم ردحاً طويلاً من الزمن ولأنه يعرف مكامن قوتها ما زال متفائلاً بحاضر ومستقبل الدراما التلفزيونية السورية، فهو يراها «رائعة، ستبقى رائعة ما يجري ليس فورة وتنتهي ومن يعرف تاريخ الدراما السورية يع ما أقوله جيداً وإذا كنا قد تخلفنا قليلاً قبل عشرين سنة فلأننا كنا نمر بتحولات كبيرة في سورية وعندما شعرنا بأهمية الدراما تحرك القطاع الخاص وكانت بداية النهوض بمسلسل "البركان" للمخرج محمد عزيزية وكان هذا العمل الإعلان عن قدوم الدراما السورية وبقوة إلى العالم العربي».
ويرى عزيز أن السوريين هم أهل الفن العربي، ويعطي مثالاً على ذلك أبو خليل القباني وإسكندر فرح اللذين كانا أول من أسس فرقاً مسرحية تقدم عروضاً للمشاهدين سواء في سورية أم مصر، وفي عام 1894 ذهب أبو خليل القباني وعرض في مدينة شيكاغو الأميركية وهذا أمر لم يسبقه إليه أي فنان عربي، وعندما كان في السفينة عائداً إلى سورية كتب الأغنية الشهيرة «يا طيرة طيري يا حمامة وديني لدمر والهامة»، وما زال اسكندر عزيز يحن إلى أيام الإذاعة والتمثيلات التي كان يقدمها حكمت محسن ويرى أن الفنان أنور باب أفضل من قدّم شخصية المرأة في تاريخ الدراما السورية.
ويصف اسكندر عزيز الفنانين دريد لحام، ونهاد قلعي بـ«بيارق الفن في العالم العربي»، ليصل عزيز إلى القول: «إن ما تشهده الدراما السورية اليوم لم يأت من فراغ وإن أمامها آفاق رحبة».
ما زال عزيز يقرأ عن المسرح ويعترف أن الفنان السوري على العموم لم يعد لديه وقتٌ للقراءة بسبب «زحمة العمل طوال العام ولكن هذا لا يعني أنه لا يوجد فنانون سوريون مثقفون»، ورغم قلة مشاركاته إلا أن الفنان اسكندر عزيز لا يشتكي ويرى أن المخرجين السوريين متميزون، وعزيز متفائل بالجيل الشاب في الدراما السورية ويرى أنه جيل مؤسس على الموهبة والمعرفة.
|