لهجة تعود لغابر الأزمان وعفى عليها الزمن منذ قرون 10/أيلول/2008
بعد نجاح «خان الحرير» و«سيرة آل الجلالي» كان لزاماً على الممثلين السوريين أن يخضعوا لإعادة تأهيل وتدريب على اللهجة الحلبية، وما لبثت جهودهم أن ضاعت بعد النجاح الذي حققته اللهجة الشامية على مدى أربعة مواسم أو أكثر في مسلسلات سورية أهمها «باب الحارة»، فكان عليهم جميعا أن يتدربوا على «الأوفر» المطلوب من تلك اللهجة التي ومع الزمن أحبها المشاهد العربي، وطلبتها شركات الإنتاج الخليجية.
وبعد انفتاح العروض أمام النجوم السوريين على الدراما المصرية، ومن باب الاحتياط أصبح معظمهم يدرب نفسه في البيت على إتقان اللهجة المصرية، فلا أحد منهم يعرف بالضبط متى سيتم ترشيحه لدور ما في مصر، أو متى ستباغته الفرصة.
ولم يكن الأمر مشكلة فقد تربينا على المسلسلات المصرية وألفنا تلك اللهجة الجميلة والمحببة التي لم يكن صعباً استعادتها. فأثبت الممثل السوري أنه من العبقرية التي تؤهله لخوض كل تحديات اللهجة مادام يمتلك القدرة على التمثيل، وكل التعب يهون من أجل المال والفن.
لكن الأصعب بالنسبة له كان وقوفه أمام خيار لا بد منه وهو اللهجة البدوية، التي تعود لغابر الأزمان وعفى عليها الزمن منذ قرون ليس في بلاد الشام فقط، فراهنّا على ممثلنا السوري لكوننا نعرف ما ينتظره من تحد ومهمات مركبة، قد تكون نفسية بالدرجة الأولى، لذلك يجب أن نعترف بمدى الجهد الذي بذله الممثل السوري في هذه الأعمال حتى ولو كانت بدويته الوافدة علينا مطعمة بالشامية قليلاً، وهذا سيتجاوزه بالتأكيد بعد أربعة مواسم عندما سيصبح بدوياً أصلياً دون أدنى شك، ولن نسمع في نفس الحوار اختلاطاً في اللهجات كما في «اشبَك» و«اشبيش»، وتبقى أمامه فقط مشكلة اللون التي لن يستطيع المكياج إخفاءها أو لم يستطع في المسلسلات البدوية التي بدأنا نتابعها أن يخفيها، عندما فوجئنا، نحن المشاهدين، بأن من نراهم ليسوا بدواً على الإطلاق بعيونهم الزرقاء والخضراء ولونهم الأبيض الناصع، خاصة النساء البدويات اللاتي حافظن على تاتو الحواجب والشفاه المنفوخة والشادو الأخضر.
وقد يُقال لنا في مؤتمر صحفي سيعقد خصيصاً لهذه الأعمال التي تعيد تقييم الحياة البدوية وتلقي الضوء على أصالتها: «إن هذا ليس خطأ فنياً ولكنه مقصود كنوع من المعاصرة في الطرح، لكن بالتأكيد لم ولن يجروا أي تعديل على الحبكة التي أعادتنا عشرين سنة لنشاهد من جديد جوارح وبواسل نجدت أنزور مدبلجة إلى البدوية».
وأغلب الظنّ أننا ومع التقدم التقني الذي ستصل إليه البشرية بعد عدد من السنين سيجد الممثلون السوريون طريقة لتحويل أنفسهم إلى سمر البشرة، على طريقة مايكل جاكسون ولكن بالعكس، حتى يتمكنوا من الاستمرار في الأعمال البدوية أيضاً لكي يرتاحوا من عملية المكياج المرهقة التي يتوقع لها بعد تلك النقلة النوعية في عمل أهم مخرجينا ودخولهم ميدان البدوي أن يستمر تصوير تلك الأعمال على مدى كل العام، وإذا حصل بالمصادفة وشارك هذا الممثل في أدوار غير بدوية أو شامية أو طبيعية فلا بأس من بعض المكياج الفني.
وقد يحالف الحظ بعض الممثلين بأن يتحول لون بشرتهم إلى الأسمر بشكل طبيعي بسبب التصوير الخارجي إذا نجح الممثل بالمشاركة في مسلسلين بدويين على الأقل في السنة، وهذه المجازفة لن تذهب هدراً ولكن ستعود عليهم بالنفع لأنهم سيتمكنون من تشرب طبيعة الحياة البدوية بكل تفاصيلها وسيكون الصدق في التمثيل ومقاربة الواقع البدوي واحداً من النجاحات التي ستحققها المسلسلات البدوية السورية في القادم من السنين!.
|