محمد مراد: دمشق تستأثر بشغف القلوب وتمتلك مفاتيح الخير والمحبة

15 أيلول 2011

قال الباحث محمد مروان مراد ان مدينة دمشق هي المدينة الوحيدة التي تستأثر بشغف القلوب وتمتلك مفاتيح الخير والمحبة والعطاء وعرفت في سجل الحضارات وحكاية الامجاد في سفر الزمان بأنها منارة الخلود.

وأضاف الباحث في محاضرة بعنوان صور من التقاليد والعادات الدمشقية ألقاها في ثقافي كفرسوسة أمس ضمن فعاليات مهرجان دمشق للفنون الشعبية ان دمشق تأخذك إلى قلبها الصداح بموسيقا الحياة الخلابة وإلى طواف في سرادقات الحارات الشعبية وعناق مع حكايات الماضي الجميل في عادات المجتمع الدمشقى وتقاليده حيث تمسك بنبض التراث البهي وتملأ صدرك من ينبوع العطاء الخير.

وأضاف ان أهل دمشق تمتعوا منذ القديم بخصائص اشتهروا وعرفوا بها وأثر عنهم رقة الحاشية ولطف المعشر ورحابة الصدر والاستغناء والبر فكان من ذلك لمدينتهم طبيعة خاصة تمثلت في علاقاتهم وطباعهم وسلوكهم وتطلعاتهم الى الحياة.

ولفت إلى ان الدمشقيين طبعوا على التعاضد والمحبة والايثار واليد الممتدة بالخير في كل زمان ومكان ووقف أبناء المدينة صفا واحدا في السراء والضراء وقنع الناس بما قسم لهم من الرزق فلم يتطلع أحدهم إلى الاخر الا بنظرة المحبة والايثار.

وتطرق الباحث إلى احتفال الدمشقيين بالمولد النبوي وأهميته المميزة في حياة أبناء دمشق لأهمية ذكرى المولد الروحية ولكون هذا الاحتفال فرصة لتوطيد أواصر المحبة والعلاقات الاسرية والاجتماعية بتبادل التهاني والزيارات بين أحياء المدينة وتعتبر العراضة الشامية بحسب مراد من أهم تقاليد دمشق الجميلة التي عاشها الدمشقيون في المناسبات الدينية والاجتماعية وحفلات الأعراس وغيرها حيث كانت عواطف الناس تتفجر تعبيراً منها بالاهازيج الشعبية او العراضات الجماعية موضحا انه كان لهذه الاهازيج فعل السحر في اثارة العواطف وبعث الحماس في النفوس بغير تكلف او رصف كلام.

وبين ان العراضة الشامية لم تكن يوما سبيلا للارتزاق او التكسب بل كانت الاحاسيس التي عاشها مجتمعنا في العراضة مطلع القرن العشرين أحاسيس وفية وصادقة وتشتمل على عدة أنواع ومنها عراضة استقبال الحجاج وعراضة العرس وغيرها.

وقال الباحث مراد يعتبر الحكواتي من أهم صور التقاليد والعادات الدمشقية اذ تعددت السير والقصص الشعبية التي كان الناس يتداولونها في المجتمع لما كانت الجوانب الملحمية والاسطورية تمثل أهم جوانب الثقافة الشعبية المشتركة في مجتمعنا العربي فان نفسية الانسان العربي المحبة للبطولة والمتحفزة للشجاعة والاقدام والمتشوقة للانتصار آثرت متابعة نمط متميز من السير الشعبية تمثلت في سيرة عنترة العبسي والظاهر بيبرس والملك سيف بن ذي يزن و الزير سالم على ما كان يلم بابطال هذه السير من معاناة وعذاب وقهر.

وتطرق مراد إلى الدور الذي لعبته هذه السير في الوجدان الشعبي حتى أواخر العقد الثالث من القرن العشرين يوم كانت وسائل الاتصال المقرؤة والمسموعة مقصورة على قلة من سواد الشعب وكان الناس يبحثون عن قارئ رسالة واحد في الحي.

وأضاف لقد مثل الحكواتي حافظة شعبية لتلك السير ومهندسا لعواطف مستمعيه وفق مقتضيات أحداث السير ومصائر أبطالها وشخوصها وهو بذلك يركز بث على مكارم الاخلاق وصفات العربي من محبة وكرم وحمية ومرؤة وحفظ للذمم ورعاية للجار وينسب ذلك إلى أبطال السير الذين يحالفهم الحظ على مناوئيهم الذين يتصفون بالخيانة والغدر والنكث بالعهود والكذب والبخل وكان الجمهور يتفاعل مع الحكواتي بالتصفيق مرة وبكلمات الاطراء مرة اخرى وبالتعاطف مع أبطال السير في أحيان كثيرة.

وأشار إلى ان شهر رمضان له نكهة خاصة حيث تنفرد مدينة دمشق بتقاليد مميزة عن غيرها من العواصم العربية والاسلامية وتبدأ هذه التقاليد باثبات مولد هلال رمضان.

وأشار إلى ان مدينة دمشق عرفت في شهر رمضان تقليداً محبباًَ وهو التسحير بهدف تنظيم امساك المسلمين وافطارهم وكان يسحر في مدينة دمشق مسحر واحد وما ان يذكر المسحر في دمشق حتى تتداعى إلى الذاكرة مدائح المسحرين وعباراتهم المأثورة التي تحث على البر والتقوى والحض على الكرم والنهي عن البخل لافتاً إلى ان المسحرين قد طوروا المدائح وبالغوا في عرض الاحداث وكيفوا أقوالهم مع معطيات حياتهم ورغباتهم.

وقال الباحث مراد ان تطور الحياة في مدينة دمشق واتساعها وتزايد العمران فيها أدى إلى انتهاء هذه المهمة الجميلة في الحياة الدمشقية وأصبحت وظيفة المسحر غير ملائمة لمطالب العصرولم يبق في دمشق غير مجموعة يسيرة من الرجال تواصل عملها الليلي الرمضاني في الحارات القديمة و وبهذا تودع دمشق تقليد شعبيا ظل لسنوات طويلة مصدر انس وبهجة وحياة وروحانية لم تعرفها غير مدن قليلة في العالم الاسلامي.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق