تل الخويرة

يقع تل الخويرة الأثري بين رافدي الفرات الأوسط الكبيرين، البليخ والخابور، وفي منتصف الطريق بين مدينتي رأس العين وتل أبيض، على بعد حوالي عشرة كيلومترات إلى جنوب الحدود السورية التركية، و60 كيلومتراً عن تل أبيض ورأس العين.



أشار البارون فون أوبنهايم إلى أهمية تل الخويرة لأول مرة في كتاباته عن رحلته فيما بين بليخ والخابور، التي قام بها عند نهاية القرن التاسع عشر. ثم لفتت الصور الجوية التي أخذت للموقع الانتباه إلى أهميته، مما دفع مديرية الآثار والمتاحف إلى إرسال بعثة تنقيب عام 1955 أكدت أهميته الأثرية.




أول من حصل على رخصة العمل في الموقع العالم الأثري الألماني أنطوان مورتغات A.Moortagat واستمر في العمل فيه حتى مماته عام 1978، ثم استلم إدارة البعثة عام 1986 ف.أورتمن W.Orthmann فانتظمت الأعمال وما زالت جارية إلى الآن.



يأخذ التل شكلاً دائرياً، قطره كيلومتر واحد تقريباً، وله سور مزدوج، ويرتفع حوالي ثلاثين متراً عن السهول المجاورة له، ويتوسطه فج غير عميق يمتد من الغرب إلى الشرق.


وقد أظهرت الأعمال الأثرية أبنية تتوزع على عدة طبقات يمكن تقسيم تاريخها إلى عصرين غير متتاليين:




- العصر الأول (3000-2250 ق.م) ويضم الطبقة I:A,B الأقدم، والطبقات I:C,D,E التي تعود إلى عصر نشوء الممالك، وحتى العصر الأكادي تقريباً.



- العصر الثاني ويضم الطبقة II:A العائدة إلى العصر الميتاني والطبقة II:B العائدة إلى العصر الآشوري الوسيط الواقع بين نهاية الألف الثالث ومنتصف الألف الثاني قبل الميلاد.



تعددت الأبنية التي عثر عليها في طبقات العصر الأول، لكن المميز منها هو بقايا أربعة معابد حجرية، أثبتت الدراسات أن المعبد الأول كان مخصصاً لإقامة الطقوس الدينية، بقي منه مصطبة في الوسط، وعلى جوانبها عدد من الحجرات، والثاني هو المعبد الشمالي، والثالث معبد متاخم للأول، وجد فيه درج ضخم، أما المعبد الرابع فيقابل المعبد الأول جنوب الفج، ولم تحدد هويته بعد. ويعتقد أن هذه الأبنية تعود في تاريخها إلى فترة ما من النصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد. هناك أيضاً المعبد الصغير ذو الرواق، الواقع في وسط وأعلى نقطة في التل، والذي تم تجديده أربع مرات، مع اختلاف بين المخطط الأساسي ومراحل التجديد، وتبلغ أبعاد المعبد 6 × 4 متر، أما أبعاد المصلى الخاص به فتبلغ 4.5 × 3.5 متر، ويماثل المعبد الشمالي من حيث الشكل وهو من النوع الشائع في الجزيرة وبلاد الشام، عبر العصور القديمة.

عثر المنقبون في هذا المعبد على تماثيل ومنحوتات حجرية هامة، أهمها تماثيل عبّاد مشوّهة، أطوالها غير متساوية ومصنوعة من الحجر الكلسي، وتعود هذه التماثيل والمعابد إلى عصر نشوء الممالك ووجدت في الطبقات I:C,D,E الأخرى.



أما في الطبقة II:A فقد عثر المنقبون على أساسات جدران مبنى، لم ينته الكشف عنه بعد، وقد وجدت فيه لوحة فريدة، لا علاقة لها بالمبنى مصنوعة من الحجر الكلسي، أبعادها 30 × 40 × 13 سم وتعود إلى منتصف الألف الثالث قبل الميلاد نقشت فيها سبع ربّات جالسات، وعلى الطرف الأيسر طفل، وعلى الأيمن أربعة حيوانات والربات السبع هن: عشتار وصاحباتها، ربات الحياة والخصب.


كذلك عثر المنقبون في الطبقة II:B على قصر يعود إلى العصر الآشوري الوسيط، وعثر فيه على رقم هي إيصالات ورسائل إدارية مع أغلفتها، عرف منها أن اسم المدينة القديم هو خربا، وعثر أيضاً على كسرة فخارية في المعبد الصغير، نقش عليها زوجان من الأحرف الآرامية، تعود إلى العصر الآشوري الوسيط، وتعتبر أقدم دليل على الوجود الآرامي بالجزيرة السورية.