لمحات عن الفن المعماري السوري في العهد العثماني


ملخص بحث الدكتور صبحي ساعتجي - تركيا
في مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة

إن سورية التي تحتل موقعها في موزوبوتاميا الشمالية، تعتبر أهم منطقة تقاسمت نفس المصير المشترك مع تركيا عبر عصور التاريخ، وبوجه خاص فان موزوبوتاميا العليا التي تضم مناطق جنوب الأناضول والأجزاء الشمالية من سورية، كانت مهداً لسكنى الأقوام البشرية حتى في عصور ما قبل التاريخ، وهي تمتاز لذلك بكونها تملك أغنى مواطن الآثار القديمة في العالم كله.

وقد شهدت هذه المناطق مصيراً مشتركاً في العصر الإسلامي أيضاً، حيث استمرت في العيش ضمن إدارة مشتركة، ولا أدل على ذلك من أن المميزات المعمارية لكل من مدن الشام وحلب وأورفا وغازي عنتاب وماردين تملك هوية متجانسة تكمل إحداها الأخرى.

إن هذه المدن التي كانت مهداً لحضارة عريقة، قد جلبت الاهتمام دوماً بفضل كونها مراكز مهمة وغنية للتجارة والثقافة والفنون ومن جانب آخر فإن الحملات التي شنت ضد العالم الإسلامي في العصور الوسطى، قد منيت بالهزيمة بفضل ملاحم وبطولات الجيوش الإسلامية، وعلينا أن لا ننسى بأن هذا النصر الرائع الذي تم درجه على صفحات التاريخ بمداد من ذهب، إنما تحقق بفضل تعاضد وتساند الجيوش الإسلامية التي كان الزنكيون والأيوبيون العنصر الغالب فيها
.
إن مناطق الشام وحلب التي تملك إرثاً معمارياً غنياً، كانت موئلاً لسكنى الأقوام البشرية في حقب الألف الثالث قبل الميلاد، وقد شهدت المنطقة منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا عهوداً للروم والسلاجقة والبيزنطيين والعرب والعثمانيين، وأضحت الشام وحلب في عهد الأتابكية الزنكية (القرن الثالث عشر) بصورة أخص من أهم مراكز الحضارة الإسلامية في تلك البقعة من العالم.

وفي العصر العثماني نجد أن الشام وحلب تعتبران من أشهر المدن أيضاً، بما أفرزته من إرث حضاري غني تمثل في آثار معمارية تنافس الواحدة الأخرى في الجمال والروعة والإتقان.

وفي القرن السادس عشر أضحى جامع السليمانية في الشام وجوامع الخسروية والعدلية ودوقاقين زادة والتي شيدها المعمار سنان أيضاً في حلب، آثاراً ذات أهمية بالغة أغنت النسيج التاريخي لهاتين المدنيتين. وبجانب المؤسسات والآثار الدينية التي شيدت في المنطقة حتى أوائل القرن العشرين، فقد شيدت في كل من الشام وحلب مؤسسات تعليمية عديدة لها أكبر الأهمية في مجالها، إن هذه المؤسسات الثقافية التي لا زالت تحافظ على وجودها حتى هذا اليوم، إنما هي آثار مهمة لها دور كبير في توثيق معالم الحضارة الإسلامية.

==
المصدر نشرة مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة 2010.

مواضيع ذات صلة: