العرب والسلاجقة والدفاع ضد الغزو الأجنبي


ملخص بحث الدكتور وليد رضوان – سورية
في مؤتمر العرب والأتراك... مسيرة تاريخ وحضارة


تشكل المرحلة التاريخية التي ابتدأت عام 1096م أهمية بالغة في تاريخنا العربي والإسلامي، ففي هذا العام ابتدأت الحملات الفرنجية والتي يطلق عليها أحياناً الحملات الصليبية على شرقنا الإسلامي وتحديداً بلاد الشام تحت راية الصليب، وخلف مزاعم وفتاوى للبابا أوربان الثاني لتخليص السيد المسيح من البرابرة المسلمين.

وقد لعب الأتراك السلاجقة والعرب دوراً تاريخياً مشرفاً في التصدي لهذه وطردها من بلاد الشام، وقد كان أول من تصدى لتلك الحملات الفرنجية التي اجتازت البوسفور في القسطنطينية (استانبول) عام 1096 الأمير السلجوقي الشاب والذي لا تبعد إمارته الصغيرة وعاصمتها (نيقية) أكثر من مئة كيلومتر عن استانبول (قلب ارسلان).

بعد احتلال الفرنجة للساحل السوري كله وتأسيسهم أربع ممالك فرنجية هي الرها (أورفا)، أنطاكية، طرابلس، القدس.
لكن رغم احتلال الفرنجة للساحل السوري كله، إلا أن قلب بلاد الشام ظل محتفظاً بهويته العربية الإسلامية، وحتى يتحول الشرق لاتينياً، كان لا بد للفرنجة من دخول مدينة حلب قلب بلاد الشام وبوابتها.

حاول الفرنجة ثلاث مرات متتالية دخول مدينة حلب، لكن النجدات السلجوقية السريعة لأهالي مدينة حلب في أعوام 1118 و1122 و1124 هي التي منعت سقوط هذه المدينة، وبقاء قلب بلاد الشام محتفظاً بهويته العربية الإسلامية. بعد الصمود الرائع لأهالي مدينة حلب بفضل النجدات السلجوقية، قيض لهذا المدينة الباسلة أمير سلجوقي عازم على توحيد بلاد الشام وطرد الفرنجة منها.

ففي عام 1128 ابتدأ القائد السلجوقي عماد الدين زنكي مسيرته الرائعة، وقد استطاع قبل أن يموت عام 1146 بسنتين من أن يحرر مدينة الرها التاريخية (أولى ممالك الفرنجة في الشرق) من أيدي الفرنجة.

بعد موت عماد الدين زنكي أمام قلعة جعبر، تسلم راية الجهاد من بعده وبدون أي تأخير ولده نور الدين زنكي، الذي قدم صفحة رائعة ليس في تاريخ بلاد الشام والشرق الإسلامي بل في تاريخ البشرية.

إذ استطاع في آن واحد أن يقود معارك توحيد بلاد الشام ثم بلاد الشام ومصر في آن واحد مع معاركه التحريرية ضد الوجود الفرنجي في الشرق الإسلامي، عدا عن نجاحه التاريخي في تأسيس دولة كانت الأولى على مستوى العام في تقديم الضمان الصحي لكل المواطنين.

عندما توفي نور الدين زنكي في دمشق عام 1174 كانت دولته الممتدة من بلاد الشام إلى مصر مهيأة ومستعدة ليأتي من بعده صلاح الدين الأيوبي وينتصر على الفرنجة في معركة حطين التاريخية عام 1187 والتي كانت بداية العد العكسي للوجود الفرنجي في شرقنا الإسلامي...



==
المصدر نشرة مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة 2010.

مواضيع ذات صلة: