كتابات صفائية ترجع إلى العهد الروماني

30 05

توصلت البعثة الوطنية في منطقة الزلف النمارة إلى معطيات أثرية وتاريخية مهمة وأكد الأستاذ حسين زين الدين رئيس البعثة أن أعمال المسح والتوثيق للكتابات والرسوم الصفائية في الموقع وثقت ألفاً وخمسمائةٍ من أصل ألفين وخمسمائة كتابة ورسم منها ما يشير إلى وقائع ترد لأول مرة وجرت بعد احتلال الرومان لبصرى وتأسيس الولاية العربية 106 للميلاد مثل «سنة سالم القيصر هدربانوس الأنباط» ثم في عصر هدريان الذي استلم الإمبراطورية الرومانية بعد وفاة تراجان و«سنة مات الملك أغريبا» إشارة إلى الوالي الروماني المحلي أغريبا الأول (37 - 44 ميلادي) أو الثاني (53/54 - 92/93) و«سنة نجا مالك» ويرجح أنه «مالك الثالث بن رب أيل» نهاية الفترة النبطية ونجاته من حملة الرومان على بصرى والمناطق النبطية الجنوبية و«سنة حرب آل دأف» وهي تشير إلى إحدى الحروب المحلية ضد إحدى القبائل الصفائية «آل دأف».
اكتُشف أيضاً العديد من سلاسل الأنساب للقبائل مثل آل ضيف وآل عوذ وآل أشلل واكتشاف كتابة يرد فيها ذكر لمدينة حماة وأخرى لمدينة جرش في الأردن إضافة إلى الكتابات العربية الإسلامية الغنية بمضامينها، من الفترتين الأيوبية والمملوكية وتشير إحداها إلى أن جبل حوران أخذه بنو هلال من بني أسد كما عثر على مقطوعة دعاء ديني أدبي ورسوم لحيوانات البيئة ومشاهد صيد ورقص وتدريبات حربية والأهم اكتشاف رسم لعود الحراثة، ما يدل على معرفة أبناء المنطقة بالزراعة وتحضّر أجزاء منها وكانت البعثة توصلت خلال العامين الماضيين بحسب المصدر ذاته إلى اكتشاف الأبجدية الصفائية، الرابعة التي تكتشف في سورية، السابعة عموماً بحساب الأبجديات الصفائية المكتشفة في الأردن -ثلاثة منشورة سابقا- أما بالنسبة إلى سورية فقد نشرت أبجدية واحدة من قبل البعثة السورية الإنكليزية المشتركة بعد أن اكتُشفت عام 1995 أما الأبجديتان الباقيتان فقد اكتُشفتا في موقع العيساوي، واحدة عام 1996 والثانية عام 2002، ولم تنشر بعد و اكتُشف العديد من النقوش المؤرخة بتواريخ محلية معروفة من قبل القبائل العربية القديمة تشير إلى مجيء ابن القيصر بالتبني جرمانيكوس إلى سورية - فلسطين ثم وفاته في أنطاكية عام 19 للميلاد واكتُشف خطأ كبير شائع بين العلماء وهو أن جد قبيلة ضيف هو وهب إيل الذي هو أيضاً جد قبيلة آل عويذ وهذا الخطأ كان ناجماً أساساً عن قراءة مغلوطة لأحد النقوش والاسم الحقيقي لجد هذه القبيلة هو «رهي» وهي قبيلة عربية شهيرة قبل الميلاد ويعود إليها تأسيس قبيلة الرها الواقعة في تركيا اليوم والتي تأسست فيها ولاية عربية في الفترة الرومانية وكان يحمل غالبية ملوكها اسم أبجر، واكتشاف العديد من أسماء القبائل الصفائية الأخرى والعديد من الرسوم الصخرية لحيوانات مثل الأسد والضبع والذئب والحصان والحمار والجمل وبقر الوحش والغزال والجدي البري (الوعل) والنعامة، لكن أهم رسم حجري اكتُشف ولم يرد سابقاً في الرسومات المنشورة رسمٌ لحصان يجر عربة فيها شخصان واكتشاف العديد من الكتابات العربية العائدة للفترة الأيوبية - المملوكية وفيها ذكر لبعض قرى المحافظة مثل الرشيدة وبينها بعض الكتابات بالخط الكوفي الجميل، واكتشاف كتابة يونانية واحدة.
كانت البعثة قد قامت منذ بداية الشهر الأخير من العام الماضي 2006 بأعمال مسح الكتابات الصفائية في منطقة النمارة وشمل المسح المنطقة الواقعة في الجانب الجنوبي الغربي من تلة النمارة مقابل الجسر الروماني القديم في وادي الشام.
تبين أن المنطقة غنية بالكتابات الصفائية والعربية من الفترتين الأيوبية والمملوكية إضافة إلى الرسوم الحجرية العائدة لفترات زمنية مختلفة، وتمكنت من توثيق ألف وخمسمائة نقش صفائي وعربي وسيط إضافة إلى عشرات الرسوم الصخرية التي جُمعت ووُثّقت، وتعكس هذه النقوش والكتابات والرسوم غنىً كبيراً بالمضامين اللغوية والتاريخية والرسوم المعبرة، ما يتطلب متابعة المسح في هذا الموقع خلال العام 2008 وقد رُفعت مذكرة إلى المديرية العامة تطالب بذلك نظراً لأنه لا يزال هناك الكثير من الكتابات الأخرى غير المعروفة أو المنشورة سابقاً وتستحق الجهد والعناء وذلك على طريق الاستغناء عن الباحثين الأجانب في هذا المجال وتشجيع الكادر الوطني.

جريدة الجبل

بقية الصور..