مهرجان دمشق المسرحي يعقد ندوة الدراماتورجيا في يومها الثاني

الدراماتوج قديم قدم المسرح نفسه وكان موجوداً بين مجموعة من الفنيين

16/كانون الأول/2008


عُقدت في دمشق يوم الاثنين 15 كانون الأول الندوة الثانية حول مفهوم الدراماتورجيا في المسرح، وتناولت جانبين من عناوين الندوة هما الدراماتورج والترجمة للمسرح والدراماتورج والنقد المسرحي.

وترأسَ الندوة عبد الأله فؤاد من المغرب وقدّمَ المتحدثون مداخلاتهم بواقع ورقتي عمل لكلَّ عنوان، حيثُ تحدثت الدكتورة نهاد صليحة ومنحة البطراوي من مصر عن الدراماتورج والترجمة، فيما تحدثَ عبد الحليم المسعودي من تونس وحسن المنيعي من المغرب حول الدراماتورج والنقد المسرحي.

وميزت الدكتورة صليحة بين الدراماتورجية كخاصيةٍ تتميز بها الأعمال الدرامية، وبين مجموعةٍ الوظائف التي تندرجُ تحت هذا مسمى الدراماتوج المشتقُ من الكلمةِ اليونانية بمعنى مؤلف أو حدثٍ درامي، مشيرةً إلى أنَّ مجموعة الوظائف والمهام التي باتت حديثاً تحت هذا المسمى هي قديمة قدم المسرح نفسه، وكانت تتوزع بين مجموعةٍ من الفنيين والتقنيين المتخصصين الذين كانوا يحملون مسميات عدة مثل المدير الفني، أو المُعّد، أو المستشار الأدبي، أو جَامعُ المادة العلمية، وقد يكون بينهم المخرج، والمؤلف، ومصمم الديكور.

وتطرقت الندوة إلى مسألةِ انتقاء النصوص وتحديثها واستبدال الكلمات والمصطلحات مع التطور الذي يحدثُ بمرور الزمن، وإلى مسألةِ اختصار النصوص مع تطور حالةِ اللغة، وإلى مسألة معاونة المخرج والعمل معه لبلورة رؤيته الإخراجية، وذلكَ من خلالِ طرحِ العديد من الأسئلة عليه فيما يخص سبب اختياره للنص المراد إنجازه، وفهمه للنص، وما يريد قوله من خلال عرضهِ إضافةً إلى إطلاعهِ على التفسيرات النقدية المختلفة للنص، وكذلك إطلاعهِ على العروض السابقة له وطريقة تقديمها ولمحةً عن عَصرِ الكاتب، وصولاً إلى تقديم الاقتراحات بشأن الملابس، والديكور، والإضاءة، والمؤثرات الصوتية، والموسيقى.

وتناولت الندوة مسألةَ الأعمال المسرحية التي تتخلقُ من ورش العمل والإبداع الجماعي، حيثُ يقومُ الدراماتورج بتوجيهِ الجهود البحثية وتنظيمها وتجميع نتائجها ومناقشتها مع الفريق، إضافةً إلى تدوين ارتجالاتهم عليها وملاحظات المخرج وتعديلاته.

كما تطرقت إلى مسألةِ تحويل بعض الأعمال الأدبية كالروايات إلى مسرحياتٍ، وإشكالية أنَّ يسمي في هذه الحال الدراماتورج نفسه مؤلفاً، وأنَّ يَنسبُ الإعداد الجديد إلى نفسه باعتباره كَتَبَ نصاً جديداً، أو توصيفهِ كتابةً على الكتابة وفق المصطلح التفكيكي وخاصةً عندما يتعامل الدراماتورج مع نصٍّ أجنبي ويحوله إلى لغةٍ مغايرة للغته الأصلية، أو أنّ يحولهُ إلى لغةٍ محلية، أو تغيير الإطار الزماني وإعطاءُ الشخصيات أسماءً وسماتً محلية.

وذهبت منحة البطراوي إلى تعريفِ ارتأته للدراماتورج بأنَّه «المستشار الدرامي الذي يتدخلُ مباشرةً لدى مسرح، أو فرقة، أو مُخرج يسندُ إليه أموراً عدة ترتبط بالنص من ريبرتوار، أو إعداد، أو صياغة وترجمة، وبحثٍ توثيقي أو أكثر من عنصر معاً.

وقدمت البطراوي أمثلةً عدة من الأعمال الدراماتورجية في مصر إنَّ كان في السينما أو المسرح على السواء ومدى تبدل النص بين الحالين، وخَلُصت إلى ضرورة أنّ يكونَ الدراماتورج مثقفاً وعليه أنّ يثقفَ المجموعة التي يعمل معها.

وأكَّدت ضرورةَ وجودِ الدراماتورج في العملِ الفني، وخلُصت إلى القول بأنّنا أصبحنا حالياً بحاجةٍ إلى دراماتورج دارس ويمكنهُ تحملَ المسؤولية في طرح احتمالات العرض المتباينة أحياناً.

ثُمَّ تحدث عبد الحليم المسعودي من تونس وحسن المنيعي من المغرب عن مسألةِ الدراماتورج والنقد وتجليات الحس التجريبي، وأشارا إلى أنَّ الدراماتورجية أذابت جليدَ المسافة بين الكاتب والمخرج المسرحي، وبين استقلالية الكاتب والمخرج الذي كانت مَهمته نقلُ النصِّ من بين دفتي كتابٍ إلى المسرح.

وأشارَ الباحثان إلى أنَّ الدراماتورجية قامت في الأصل على خلفيةِ القراءة التأويلية لكتاب «البيوطيقيا أو فنُّ الشِعر» لأرسطو، حيث تَمَّ تكريسُ مبدأ الوحدات الثلاث طوالَ مسيرة حياة الدراما الغربية، كما أنَّ هذه الدراماتورجية الكلاسية أنشأت أدباً نظرياً قائم الذات، جعل إتقانُ قوانينها مظهراُ من مظاهر الحرفية التأليفية.

وقدم الدكتور نبيل الحفار ورقةَ عملٍ حولَ تطور مفهوم الدراماتورجية، مشيراً إلى أنَّه اكتسبَ معناه الحديث في القرن العشرين، وقال: «إنَّه في القرن الحالي ومع تطور أشكال المسرح في سياقِ تبدُل البُنى الثقافية ووسائل الإعلام، نجدُ هذا التطور يخترقُ بصورةٍ متزايدة حدود الأجهزةِ المسرحية التقليدية، في الوقتِ الذي تبعتدُ فيه بعضُ المشاريعِ المسرحية متعددة الأشكال عن الأسلوب المعتاد في إخراجِ النصوصِ المسرحيةِ التقليديةَ، متوجهةً إلى جمهورٍ جديد من جيلِ الشباب يختلفُ من حيثُ عاداتِ التلقي عن الجمهور القديم.

وأكَّد الحفار أنَّ العمل الدراماتورجي سواء أكان في المؤسسات المسرحية التقليدية أو في المسارح ذات الطابع التجريبي يحتاجُ إلى تفكيرٍ مستمر بصيغٍ ثقافية، وجالية طموحة لمواجهةِ جمهورٍ معرض باستمرار لتغيير عادات التلقي لديه.

كما قُدمت في الندوة شهاداتٌ عدَّة حول الدراماتوجيا من قبل الدكتور عادل قرشولي من سورية، وعثمان جمال الدين من السودان، وعبلة الرويني من مصر.



داود أبو شقرا


سانا


مواضيع ذات صلة
- اختتام مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر
حراك مسرحي روى عطش جمهور عريض

- لقاء مع الدكتور عجاج سليم مدير مهرجان دمشق المسرحي
لا مسرح بدون دمشق ولا جمهور إلا جمهور الشام

- العرض المسرحي السعودي «حالة قلق» في مهرجان دمشق المسرحي
المخرج الأحمري: قرأت عن حضارة سورية وأراها الآن بأم العين

- المسرحية القبرصية علامة الحسن لوحات فنية شديدة الجمال
تذكرنا ببدايات المسرح حيثُ كانَ هناك فرقٌ جوالة تجوبُ الشوارع محاولةً إضحاكَ العامة

- «السمرمر» على خشبة الحمراء اليوم
مسرحية تعتند على الحكاية الممزوجة بالغناء والمستمدة من روح المكان والبيئة

- المنجور: مشاركة عُمانية في مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر
فضح للشروخ الاجتماعية في زمننا الحاضر

- فعاليات اليوم الثالث لمهرجان دمشق المسرحي
مسرحيات وندوات وورشات عمل

- حفل افتتاح مهرجان دمشق المسرحي الرابع عشر
أربعون عرضاً مسرحياً من 21 دولة عربية وأجنبية

- اليوم حفل افتتاح مهرجان دمشق المسرحي بمشاركة 21 دولة
حفل الافتتاح عرض راقص حول الحوار بين الشرق والغرب

- مهرجان دمشق الرابع عشر للفنون المسرحية يُفتتح يوم الجمعة
تكريم مجموعة من الفنانين العرب خلال المهرجان


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 
 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر