حسكو حسكو: عدم وجود الإنسان في لوحاتي إدانة لأفعاله

08 12

مخلوقات خرافية في إطار الإبداع

أشكال أسطورية أو خرافية، عناصر تواجه الناظر في مساحاتٍ الإبداع التي يحويها معرض الفنان حسكو حسكو في المركز الثقافي الفرنسي.
يتجلى إغراق الإحساس في الطبيعة وتوحّده فيها من خلال اللوحات التي تركز على إبراز عناصر مستمدة من مكونات الوسط لكنها منسوجة في خيال الفنان، ليبلور من خلالها عناصره. الحيوانات في لوحات حسكو ليست هي الحيوانات التي نعرفها، إنما حيوانات تنتمي لحديقة خياله وقدرته على الإبداع، فهذه العناصر هي شمّاعة يُعلق عليها تكوين اللوحة وهو ما يبدو في لوحتي «طائر الحناء وزهرة القطن»، وتعتمد اللوحات في بنيتها على التجريد والتعبير، لكن حسكو يصرّ على أنه لا يتقيد بمدرسة إنما يلتزم بمبادئ وأسس المدارس الفنية فقط.
ويقول: «لوحتي لا تخضع لمدرسة، إنها خارج كل المدارس وكل المدارس تجدها في لوحة»، أمّا عن المخلوقات والعناصر الموجودة في لوحاته يجيب «هذه العناصر أو الكائنات موجودة في المحيط وأغلبها استوحيتُه من ذاكرة طفولتي، أذكر أنني كنت أجلس تحت الأشجار لأتأمل هذا التأمل طالما حرض الإبداع لدي، وحرَّك في داخلي الإحساس بالطبيعة وعناصرها المحيطة بي».
لقد تم رسم معظم لوحات المعرض بمواد مختلفة، وهي أيّ شيء موجود في المحيط، كأوراق الجرائد أو جزء من رسومات أطفال، كما في لوحة «حقيقة الوهم»، إذ تختلط المواد المختلفة لتكوّن لوحة باستخدام كل تقنيات الرسم وبتكنيك عالٍ. وفي نفس الموضوع يضيف حسكو «أرى أنّ مفهوم المرسم انتهى لصالح مفهوم المشغل، فنحن أبناء عصرنا لا نستطيع أن نهرب من التقنية الحديثة، وما فرضته مسيرة الحداثة في إدخال مواد جديدة على عملية إبداع اللوحة، فأنا أحيانا أستخدم فرشاة طلاء في إنجاز لوحاتي أو دواليب السيارات، أعتقد أنّ الإبداع يتجلى في كل ما يحيط بنا، وهذه الأدوات هي أدواتي وتناسب عصري الذي أحيا فيه ولا أستطيع أن أنسلخ عنه، ويجب أن تكون عملية الإبداع جزءاً منه».
الملفت في كل اللوحات -وهي حوالي 14 لوحةً ضمّها المعرض- تغييب الإنسان فيها، في المقابل تتجسد عناصر الطبيعة: أشجارها، وشمسها، وحيواناتها في معظم اللوحات، بأسلوب يعتمد التجريد لكنه يقترب أو يحاول أن يحاكي التجارب الطفولية في بساطة التعبير عن فكرتها وبراءتها. يقول حسكو: «أنا أبحث عن الصدق في لوحاتي، لذلك أرسم شيئاً أقرب إلى الخيال الطفولي الذي لا يعرف الرمادي، بل يتمسك بكل ما هو جميل من عناصر الطبيعة من بيت وجبل وريف، هذا الجمال الصادق ولوحاتي تبحث عن الصدق دائماً، فاليوم التطور ابتلع الإنسان وجعله ينسى الطبيعة منبع الجمال الحقيقي، أعتقد أنّ عدم وجود الإنسان في لوحاتي إدانة لأفعاله».
ويؤكد حسكو أنه غير مَعني في النهاية إلا بالفن والإبداع ولا يعنيه السوق وما يريده من لوحات، ومع أي الأشكال يرغب أن يتعامل ويقول: «أنا ارسم خارج الواقع، أكون في حالة انسلاخ تام عن الواقع عندما أقوم بالرسم، لا أفكر بالمال أو بما يرضي فلان من الناس، إنّما ما يهمني أن أشبع حالة اللوحة وإبداعها، أرسم حتى أشعر بالتعب ولا أنقطع عن الرسم في بعض الأحيان لأي سبب من الأسباب حتى أتمّ ما بدأته، أشعر بالوفاء لهذه اللوحات ربما أستشير بعض الأصدقاء بما رسمته، لكن هذا لا يعني أن أغير لوحاتي بما يتناسب وأذواق الآخرين».

عمر الأسعد

اكتشف سورية

Share/Bookmark

صور الخبر

بقية الصور..

اسمك

الدولة

التعليق