معرض فني يحتفي بالصحافة والتشكيل والقراءة 28/تشرين الأول/2008
كيف يمكن أن تكون الجريدة، أو تشكّل عملاً فنياً، وكيف يمكن الاستفادة من المساحة التي توفرها لنشر إبداعات تشكيلية، ومن ثم لتشكّل الجريدة نفسها عملاً تشكيلياً، ويقام لأجلها معرض فني، ذلك ما حاولت الفنانة التشكيلية الفرنسية نتالي لولو التي قامت بهذه التجربة كاحتفاء بعيد القراءة، في المركز الثقافي الفرنسي، حيث أقامت معرضاً جاء أقرب إلى معرض آخر يقام حالياً في صالة المركز الثقافي الفرنسي.
وهو معرض غسان جديد الذي شكّل ما يُشبه الإطار الفني لمعرض نتالي لولو. عندما تدلت الأعمال من السقف، فيما علقت لوحات غسان جديد على الجدران. في هذا المعرض سيشارك توماس هيرشهورن ، وسيسيل دوفال، وبرونو سارالونغ، وانري سالا وآخرون.
سيكون الاحتفال بعيد القراءة على طريقتهم في تحرير أربع صحف أصدرتها وزارة الثقافة الفرنسية، ومن ثم سيقدم المعرض الذي اتخذ عنواناً مثيراً «أخبار سارة» كأحد أشكال الفن المعاصر الأكثر حداثة لكتابة الفنانين: الجريدة والدورية، تقتبس هذه الأعمال، كما تقول نتالي، مادتها وشكلها وإخراجها وأسلوبها التحريري منهما، إذ صممت هذه الأعمال كمشاريع حول المعلومات ووسائل الإعلام. على شكل مطبوعة ومعرض في آن.
كيف يتمّ انتقاء المعلومات والجرائد؟ وكيف تؤثر الأحداث على حياتنا؟ وما هي العلاقة التي نقيمها مع الجريدة، العناوين، الصور، المضمون، المانشيتات، الألوان؟ على سبيل المثال توزّع جرائد «hors commerce (u) l. s. old news» محتوى مصمم من قبل فنانين يستخدمون الصحف كوسيلة خلاّقة، توزع الجريدة وتنتشر، وقد تضيع ويتم نسيانها، وإما تحفظ وتجمع وتصبح عملاً فنياً مستقبلاً، ينتقل من مكان إلى آخر.
إذاً المعرض يتشكّل من أنماط لأربع صحف، أغلبها يرتبط، أو يتشارك بين كتاب وفنانين تشكيليين، وجدوا في الجريدة، كما تذكر نتالي، الوسيلة الأكثر اقتصادية، والأسهل انتشاراً، والتي تلامس شرائح مختلف من الناس، على سبيل المثال يكتب ما يتولند و قصةً قصيرة على صحفتين، تجاور أعمالاً فنية لتشكيلتيين قائمة أو منتجة على إيقاعها. هنا ثمة كتابة بصرية نتصف محيط ماتيوه، على سبيل المثال أيضاً فإن توماس هيرشون، وهو فنان سويسري ملتزم يعيش في فرنسا، اختار أن يقدم من خلال الصحيفة حالات تأثره بالكتب التي قرأها، وكان أن أثرت بدورها على أعماله الإبداعية هذا النحات تصرف بأشكال هذه الكتب وحجومها حسب تأثيرها عليه ومؤكداً على أن الجريدة هي بحد ذاتها عمل فني.
جريدة أولد نيوز (الأخبار القديمة) يحررها كل مرة فنان على طريقته الفنان، فبرونو سيرالونك اشتغل على مفهوم الشك وعدم الشك (عدم التأكد)، ذلك لأن ما ينشر بتقديره بحاجة إلى تصويب دائماً فكان أن حذف بعض العناصر وأضاف أخرى حسب هذه الحالة.
الأكثر طرافة كان أونري سالا فقد عزل المانشيتات والعناوين واعتبرها أهم ما في الصحيفة فكان أن أصدر الجريدة بالعناوين فقط ومن دون نص تاركاً للمتلقي أن يملأ ما يشاء في الفراغ تحت العنوان ومستوحياً من العنوان نفسه، ومؤكداً في الوقت ذاته أن ما قدمه في الجريدة هو قطع فنية.
ثمة فنانٌ آخر قدّم الجريدة من دون أي عنوان أو نصوص سردية، فقط صور لأشخاص غير معروفين وجدهم في طريقه: مارة لاعبون رياضيين وسيارات، أشخاص لا نعرف عنهم شيئاً والفنان هنا -وبعد أن قام بلعبة التوازن بنشر الصور- ترك للمتلقي أن ينسج الحكاية التي يراها مناسبة لصاحب الصورة.
كان اختيار الفنانين لهذه الجرائد الأربع، كما تقول نتالي لولو: «لأنها تمثل اتجاهات فنية لهؤلاء الفنانين التشكيليين يحررون "نص" الجريدة بأكثر من طريقة وبأكثر من أسلوب، تارة بالمزاوجة بين النص والصورة وطوراً بالصورة فقط وحيناً الاكتفاء بالعناوين، وفي المحصلة تقديم الفن على شكل صحافة، بحيث ستكون هذه الصحافة معرضاً تشكيلياً، وتكون هذه الأعمال "صحافة وفن" في أقرب مسافة من الناس تقدم له المعلومة والفن معاً».
|