العولمة بالعمق تقليص للمكان وتسارع في الزمان 19/تشرين الأول/2008
يتابع المركز الثقافي الفرنسي تقديم المحاضرات عن العولمة ضمن حلقة العولمة في أسئلة التي انطلقت في شهر آذار 2008 بمعدل محاضرة كل شهرين، وصولاً إلى محاضرة العولمة على بساط البحث للكاتب والفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه.
وتهدف هذه الحلقة إلى معالجة سلسلة من الأسئلة المهمة جدا لمجتمعاتنا والمسائل المتعلقة بالعلاقات الدولية، والاقتصاد، والثقافة، والصحة، والبيئة، وهي في قلب الاهتمامات اليومية لزعماء العالم ومواطنيه.
بدأ دوبريه المحاضرة بتعريف العولمة من وجهات نظر متعددة فهي من وجهة نظر السياسة توسع المنظومة الرأسمالية على الكوكب ككل ومن الوجهة الاقتصادية نمو للمردودية العالمية العائدة للتكنولوجيا.
وتابع دوبريه «إنّ قيم العولمة لم تؤد إلى تعميم القيم الإنسانية، فهي متناقضة وذات آثار سياسية وثقافية غير متوقعة، لذا فإن التحدي الأول أمامنا يكمن في التحلي بالتواضع، لأن العولمة عالمٌ هش وضعيف، عالم يصعب توقعه وتنظيم التعايش فيه، ومن هنا يجب أن نتعلم التحكم بالسرعة لأن العولمة بالعمق تقليص للمكان وتسارع في الزمان».
وأضاف دوبريه «إنّ وسائل الاتصال العصرية تسمح لنا بالسيطرة على المسافات، لكنها لا تفعل الشيء نفسه مع فترة التأهيل والتعلم، فمثلاً أستطيع في باريس أن أعلم بوقوع حدث ما في دمشق لحظة وقوعه، ولكنني أحتاج لسنوات لتعلم العربية، فالتكنولوجيا لم تخترع حبة لتعلم العربية وكذلك الطفل يحتاج للذهاب إلى المدرسة ثم لجامعة ليكبر، لذا فإننا لا نستطيع أن نختصر كل الأشياء ببساطة أما التحدي الثاني فهو أن نتعلم العلاقة مع الزمن من جديد أي أن نستعيد الزمن البطيء فهو زمن الثقافة والتواصل».
وأكمل دوبريه «إنّ التقدم أدى إلى انعدام الصلات الثقافية بين الشعوب فالمدينة الكوكبية ليست ضمانة للعالمية لأنها أدت إلى انقسام العالم إلى أحياء مغلقة على نفسها ومتعادية».
ومن التحديات الأخرى ما يسميه علماء المستقبل بأثر الجوكنغ، فهم يرون أن سكان المدن الذين يسيرون في علب معدنية صغيرة السيارات سينسون المشي وستضمر أرجلهم بعد قرن ليظهر الإنسان الجديد المستقل الذي لا ينتمي لشيء، ولكن في قلب هذه الحداثة سيكون هناك حنين دائم إلى الماضي وهو جزء من مفارقة العولمة وعودة المحلي إلى العالمي وعودة القديم من خلال التجديد ويمكن أن نسمي ذلك التقدم الرجعي.
|