قداسة الأرض في رواية في البدء كان المكان

07 شباط 2012

-

يتجه يوسف سامي اليوسف في روايته في البدء كان المكان إلى توثيق مرحلة من الزمن عاشها في أرضه فلسطين قبل أن يهجر منها بعد وقوع النكبة عام 1948 تحت عسف الاحتلال الصهيوني ومجازره الفظيعة.

يقدم الكاتب في الرواية التي تنطوي تحت ما يسمى السيرة الذاتية حياة فيها من الحقائق ما يجب أن يدركه العالم وتعرفه الأجيال القادمة وذلك منذ أن بدأ الصهاينة يتسربون إلى فلسطين.

يبدأ المؤلف حكايته من مسقط رأسه قرية لوبيا التي بدأت تنهار بيوتها تحت قصف الاحتلال بعد أن صمد رجالها فترة ليست قصيرة حيث حرص الكاتب على تناول وصف الأرض والعادات والتقاليد ومختلف جوانب الحياة في تلك القرية.

والكتاب يبين أن اليوسف اشتغل على توثيق الأرض والمكان وحوله إلى شيء مقدس لأن محور الصراع هو ذلك المكان الذي ينتمي إليه الإنسان الفلسطيني الذي بات يفتش عن مكان يشبه مكانه فلن يجد إلا الخلاء وهذا ما دفع الكاتب ليتشبث في مكان لم يعد له وجود إلا في الذاكرة.

ويظهر الكاتب أن تدشين حركة استرداد الارض هو أمر لابد منه لذلك عمد على صيانة تفاصيل الحياة اليومية للشعب الفلسطيني قبل النكبة لتبقى ماثلة أمام الأجيال في الذاكرة حتى لا يقتلها النسيان أو الضياع لأن الصهاينة سيزولون عاجلا أم آجلا.

ويحرص الكاتب في الرواية على تحريض الفلسطيني لمحاسبة الذين دعموا الصهاينة وكانوا وراء جرائمهم حتى ولو بعد حين ولاسيما أن الفلسطينيين شعب تراكم في مخيمات ليس فيها سوى اليأس والحرمان يتقاسمون الأنفاس والآلام مبينا أن الجيل الذي غادر فلسطين بعد النكبة أوشك على الانقراض والأجيال التي ولدت لا تعرف فلسطين إلا من خلال الكتب والحكايات.

ويظهر في الرواية أن الكاتب يعمد الى ذكر أسماء القرى والأماكن المحيطة والقريبة من قريته رغبة منه في الحفاظ عليها وصيانتها من الزوال آملا أن تشتعل الحمية في الأجيال القادمة فتعمل على تطهير الأرض.

ويحرص الكاتب في الرواية على مسالة الهوية أيضا والحفاظ عليها من خلال استخدامه لعناصر الحياة الموجودة بتفاصيلها في فترة كان يمارس فيها عذوبة الحياة على أرضه فذكر الفرن آن ذاك والموقد الذي كان يلتف حوله مع أهله في الشتاء ببساطة الريف وطيب الفقر الذي يعتبره أرأف من الثراء.

ويؤكد الكاتب أن شخصية اليهودي زائلة لأنها منتحلة فالشمعدان السباعي والنجمة السداسية اختلسهما اليهود من بابل مدينة النور التي عبدت الكواكب وقدست الستة لأنها توءشر إلى الجهات الست أي إلى الوجود أما السبت أيضا فقد اخترعته بابل لأنها اهتمت بالوقت والعمل .

وأشار اليوسف إلى أن اليهود يسرقون اللباس الفلسطيني والفنون اليدوية وأنماط الطعام وينسبونها إلى أنفسهم كما إن فكرة الإله الواحد موجودة ومعروفة قبل وجود إبراهيم جد اليهود وهذا ما تثبته التوراة التي تثبت أيضا أن تسمية اللغة العبرية هي زور وبهتان لأنها هي اللغة الكنعانية التي انتحلها اليهود واغتصبوا أرض أهلها .

وتظهر الرواية كره الكاتب لجزء من الثقافة الغربية التي انحازت ودافعت دفاعا باطلا تزلفا لليهود مشيرا الى انه من الكتاب الذين سقطوا في هذا المستنقع الألماني /ياسبرز/ والفرنسي سارتر.

لقد دون الكتاب تاريخا حيا بشرف وأمانة ليكون حافزا للحفاظ على ما تبقى من كرامة.

يذكر أن الكتاب من منشورات اتحاد الكتاب العرب ويقع في 175 صفحة من القطع الكبير.


الوكالة السورية للأنباء - سانا

Share/Bookmark

اسمك

الدولة

التعليق