فضاء فاتح المدرس

ديوان الزمن الشيء 1990

فضاء فاتح المدرس

نظر
الشيء إلى السماء
قال مبتسماً
ـ هل أنا أيضاً سجين
ـ قالت السماء:
ألم يدهشك، وأشارت
إلى ظله
ـ سيدتي، سيدتي
هلا أريتني الوجه الآخر
للكون؟
هذا العالم تأكله
جرذان الكمبيوتر
قل لي هل يلد العقل
جرذاً
تعانق المجرات بعضها
أحياناً
فيتناثر النار والضياء
في رحاب الكون
قل لي:
كل هذا الدمار
من أجل قبله؟
الحب، ينتصر دائماً
على ذاكرتي
حاملاً حيرتي
بعيداً..
لما ورا حدود الظن
عانق الزمان
المكان
وتبددا
بحب
لقد رأيتهما
متلبسين
بالوهم
وابتسما هكذا
ببلادة.
الشرطي الأول:
ـ ضبط متلبساً
الشرطي الثاني:
ـ يكتب شعراً؟
إذن لنخلع حذاءه
قال المواطن ساهماً
فعلاً كل الملائكة
بلا أحذية
ـ قال الأول:
ـ هات هويتك
خرج المتهم ضاحكاً
ـ إنهم، حسبوني تيساً
قالوا:
ـ فروته من نحاس أحمر
ـ لازالوا يبحثون
عن سكين وملح...
قال المتهم الثاني مصفقاً
ـ ايه انظروا انظروا
عادوا بهوياتنا.

***

ـ قل لي يا عبيد
يا ابن الأبرص:
ـ هل أقفر من أهله ملحوب
فقال ساهماً:
وبدلت منهم وحوشاً... وغير حالها الجنوب

من ديوان القمر الشرقي
على شاطئ الغرب
أيها الشيء الجميل
وراء ظن الحمحمة
عبر أخيلة الفرسان الكوكبين
فاتح قلبك لشمس سوداء... افتح

***

أيها الروح من وشاح الدم
ارفع وجهك. بلا جدران
انظر كيف تمر مواكب العراة
على كل رأس من وحل
قلب أخضر

***

وبعد فلنسهر في دهاليز مدينتنا الرصاصية
تدور آلاف دواليب اليورانيوم
ثور يوم.
وثورن ضخم ينفث الهم الجديد
بلا غضب. بلا حب

***

إنهم يستهلكون دنيانا
هل صفرت معهم أغنية فاللحم يلتهب
والجدران مرايا مائية
إنهم يستهلكون دنيانا

***

وهكذا سافر أبنائي
بطيالسهم السود
وإنهم حشروا نبوءاتهم
كآهة الصحارى القاهرة

***

في عين الشمس
تحوم حقيقة ميتة
منذ ألف ألف جيل

***

«وللحزن نشيد آخر»
بشطآني المتباعدة
نظرة غائمة
ولأحزاني نشيد آخر
مسلسل بالحديد

***

تنبت وتمضى في الصحراء
أشجاني
فلا الصدر يندى بآه
ولا الجدار الأفق بالتهاوي
أو بالمرتد
أن على كتفي. قدم رب سيرك كبير كبير
يلقي ظله
على كوكب صنع من الم
صب قالباً واحداًً

***

ويستدير
لشطآني المتباعدة
نظرة غائمة... غائمة
أيتها الحرية
لك من لحمي
نشيد آخر حزين

***

الليلة
كتبت اسمك
على أرض غرفتي
رأيتي وتسلق الجدارماشياً
كما لو أن هذا الكوكب
بلا أحذية

***

الليلة
طمست البقع الرمادية
فازدهر الشر
رملاً ناعماً

***

واطلق مرة ثانية
الخيط الأسود
يرسم للحظة خاطراً
كصخرة تائهة من الفراغات

***

هويت أسحب ورائي
خيطي الأسود
وتحول كوني من جديد
إلى جدار إلى وطن
وردة قانية

***

النوم بلا أجفان
يزحف كمحارب وثني
دوماً مع الفجر
فتنهض أحزاني من جديد
بانتساقها وتمضي
دون أن تلتفت للوراء
كالكلاب.

***

الحب
يمسك يكتفي
ويهزني
ويحملق بي
بين فكيه خنجر
صغير
وفي عنقه قلادة
من حب الفول

***

ويعد متربصاً
النوم يهز رأسه
بلا عيون
ويمضي
وأمضي وراءه

***

اسرحوا بحب
الطعنة في القلب
ويورق على رأس النمر
شجر الآس والزعفران

***

حبيبي نحت بحب
من حجر الصوان
بين مجرتين

***

«نقوش المدينة السابعة»:
المشط العاجي في يدها
وراءها يقف الشتاء
وقد حنطوه بعناية
وعلى مصطبة من خزف
رقص إله ما
يرمق شيئاً هكذا
بله
عبر الأزمان..
هل أحد

***

«مسافرة»تقف على الرصيف
بلا أمتعة
تحمل كتاباً «بؤس العقل شجرة»
على صدرها عقد من حب الآس

***

انظر هي تذوب ببطء
تنظر الطائر
وقد مض
من السماء

***

وجهك
لاأذكر وجهك
راع يوقد ناره
والعين تحب دموعها
وجهاك
لاأذكر وجهك
راع يوقد ناره
والعين تحب دموعها
وجهك
لاأذكر وجهك

***

غداً
ستلتقي من جديد
بقلوب من حديد
غداً
والعيون
حشوها الرماد
وكتاب جلده حي
غاب
من زمان لحم النيئ
غداً
بلا قدم أو خد
والقلب
سيشهد. ويضمحل
شيئاً فشيئاً
سنلتقي من جديد. من جديد


فاتح المدرس