فضاء سارة شمة

سارة شمة في غاليري آرت هاوس
تقنية عالية وحنان أمومي لا يستثني أحداً

فضاء سارة شمة

البورتريه بوصفه الإنسان (الوجه ـ الجسد ـ التكوين) هو الموضوع الأكثر جدية عند الريشة الفتية للفنانة التشكيلية سارة شمة، ولم تخرج شمة عن هذا الموضوع الإنساني إلا في رسومات قليلة، ويفاجأ المرء عند معرفته بتحقيقها إنجازاً فنياً في أستراليا تمثل في فوزها بالجائزة الأولى للتصوير الزيتي في مسابقة وترهوس الفنية العالمية للتاريخ الطبيعي، وهذه المرة كانت الجائزة عن عمل فني لحيوان وحيد القرن (الكركدن أو الخرتيت)، فيما حصلت سابقاً على الجائزة الرابعة في مسابقة البورتريه العالمية في الصالة الوطنية للبورتريه في لندن (بريطانيا) عام 2004.

تلخص اللوحة فكراً متماسكاً وفرضيات إنسانية هائلة المعاني:
لكن سارة في لوحة وحيد القرن ركزت على مسام الجلد التي تشبه مسام الإنسان. لينتج إحساسها العالي بالنفس البشرية التي تنتمي إلى الكائن الكوني، وتقدم شمة في معرضها الأخير الذي أقيم في صالة الآرت هاوس ما يشبه الأسطورة الإنسانية الفائقة الدقة، إذ لا تكتفي الفنانة بالتشخيص الخارجي المتقن للجسد الإنساني (رجل-امرأة) بل تحاول التعبير عن تفاصيل خيالية بواقعية تخلص إلى التجريد الشاعري.

الرجل كان في أغلب اللوحات مفعماً بعاطفة الأمومة ومشاركاً الأنثى في عطائها، كما كان الطفل وكان الرجل الحامل في اللوحات، لكن أجنته هي أنثى، إذاً هو الإنسان عبر تواتر علاقاته الأمومية من الجيل الأول إلى الجيل الحالي، فالطفل يشعر الأم بعطفه كما تقدم هي له حناناً هائلاً. إذاً فعلى المرأة أن تتوقع نفس ذلك الحنان الأمومي، إذا هي أعطته للرجل بشكل حقيقي.

وهنا تلخص اللوحة الشفافة عند الفنانة الشابة فكراً متماسكاً وفرضيات إنسانية هائلة المعاني، لذا فهي تعزل بمقولاتها التشكيلية الجمال الإنساني عن أي أفكار مغلوطة وتوجهه إلى الضوء الصريح والمباشر.

إن التقنية ناضجة في أعمال المعرض المسمى باسم إحدى لوحاته وهي بورتريه شخصية للفنانة تشخص بها ذاته البشرية في عمر ثلاث سنوات عام 1978. ومن هنا يشعر المتلقي بأهمية ما تقدمه اللوحات على مستوى التلقي بمكونات بصرية هي في قمة الهرم التواصلي بينه وبين ما تعتزم شمة إيصاله.

وعلى عكس المتوقع، فإن الريشة التشكيلية لوحات لا واعية في أغلب لحظاتها: لذلك هي لا تفكر في ما ترسم، بل توجه لاوعيها إلى ما يريده هو لتكون في تعبير محسوم لمصلحتها وذاتها بالنتيجة، وهنا نرى أن ما تؤديه الأعمال ليس الغاية الفنية الترفيهية بل إظهار الحقيقة الداخلية الإنسانية.

وترفض سارة انتماء أعمالها إلى أي مجتمع سوى الكون لذلك فهي تقول أيضاً أن ما ترسمه ينتمي إلى أي مجتمع وليس بعيداً عن المجتمع العربي فهو في النهاية خرج منه.

سارة شمة:
أقامت معارض وصل عددها إلى 59 فردية وجماعية في جميع أنحاء العالم، أمسكت الريشة في الرابعة عن عمرها وبدأت ترسم، وهي الآن تحقق نجاحات باهرة.


رنا زيد