معبد بعلشمين في تدمر


معبد بعلشمين في تدمر
الصورة من بدايات القرن السابق

يظهر معبد بعلشمين في رسومات وود التي أنجزها عام 1751م وسط منظر مذهل من الأعمدة المحيطة به رغم أنه كان مدفوناً جزئياً تحت التراب، إلاّ أنّ مصلاّه الذي ما يزال قائماً لليوم مع أعمدة مقدمة الهيكل الستة يبين بوضوح تميز وخصوصية هذا المكان.

في عام 1883 قام السيد لوتيك وهو نائب القنصل الألماني بدمشق ببعض الاكتشافات التي أشارت لوجود مبان ملحقة بالهيكل.

وبعدها درسته البعثة الألمانية عام 1932، وفي عام 1935 قام إيكوشار ببعض أعمال التدعيم للمعبد رافقها بعض أعمال التنقيب السريعة، وتمت معرفة شيء من صفات بعلشمين وتحدد تاريخ تأسيس المعبد بعام 130م، حيث تمت قراءة نص على أحد الأعمدة الستة يُكَرّم فيه أغريبا بن يرحاي أمين سر المدينة، وذكر لكرمه في تحمله مصاريف استقبال تدمر للإمبراطور هادريان عند زيارته لتدمر.

هذه هي المعطيات الآثارية التي كانت بين أيدي البعثة الآثارية السويسرية برئاسة كولار والتي بدأت عملها العلمي والمنهجي عام 1954.


معبد بعلشمين

كان الهدف الأول هو معرفة حدود المعبد الحقيقية، ولكن المعطيات الموجودة كانت مخيبة للآمال، فقد كشفوا عن عدد من الأعمدة، في مدينة فيها من الأعمدة ما لا يعد ولا يحصى، وبعد فترة من الإحباط، اكتشفوا عدداً من الأروقة باتجاهات مختلفة، وخلف هذه الأروقة وجدوا أساسات الجدار الرئيسي وعثروا على مقعد حجري طويل فبدأ ينكشف سر هذا المعبد. إذ بدأ يتحدد المسقط الحقيقي للمعبد ووظائف منشآته من قاعة الولائم إلى الباحة الرئيسية.

وفجأة اكتشف كولار عتبة حجرية تستند على الجدار الجانبي للرواق ولكنها منخفضة، وتحتها اكتشف قبراً لم يمس، فيه عدد من القبور يعود تاريخها لعام 11م. وتبين أن القبور تعود لمدفن لم يتجرأ أحد على المساس بحرمته أو نقله رغم عمليات البناء الواسعة للمعبد، كل ما حصل أنه تم إغلاقه، وكان على مهندسي المعبد متابعة بناء معبدهم دون المساس بحرمته.


معبد بعلشمين

واكتشف كولار الإضافات البيزنطية التي حصلت للمعبد عند تحويله إلى كنيسة، واستطاع تمييز العناصر الدخيلة عن تلك المستخدمة في إنشاء المعبد، وقام بإزالة كل هذه الإضافات، فاكتشف ساكفاً حجرياً كان أعيد استخدامه ولكنه حافظ على نحت رائعٍ لعقبان ورموز لإله هذا المعبد.

وفي عام 1966 اكتشف كولار وبعثته شبكة قنوات المياه المستخدمة في نظام مائي غاية في التطور والإتقان. حيث اكتمل بذلك مخطط معبد بعلشمين، سيد السموات.

كان أول تكريس لمعبد بعلشمين عام 67 م، وقد جدد الحرم وتوسع في عام 130م، وزود بمحراب مزَّين بأغصان الكرمة، ودشنت قاعة الولائم خلف الهيكل المقدس لبعلشمين وتوسعت أروقته ليأخذ شكله النهائي شبه المنحرف.

هذا التجديد كان بمثابة إعلان الانتهاء من بناء المعبد، وتثبت اللقى العديدة التي عثرت عليها البعثة الآثارية السويسرية، أن العبادة استمرت في هذا المكان على مدى ثلاثمئة عام، فقد تضاعفت الأروقة، وكثرت التماثيل النذرية وتعددت المذابح في باحاته، كل هذا يعطينا دلالات أكيدة على الأهمية البالغة التي كان قد اكتسبها معبد بعلشمين في الحياة الدينية والمدنية في تدمر.

يقع معبد بعلشمين في الجزء الشمالي الغربي من المدينة، وقد كرس التدمريون شارعاً خاصاً له يبدأ من الشارع الرئيسي بالقرب من التترابيل على جانب معبد الحوريات باتجاهه، وهو طريق فرعي يبدأ بعمودين ضخمين يشكلان من بداية الطريق المرصوف والمسوَّر من طرفيه وفيه مذبحٌ صغير.

يتألف المعبد من الحرم ومجموعة من الباحات وأروقة عديدة أضيفت في فترات مختلفة ليشكل بمجمله معبداً مهيباً يليق بمعبود أحبه وبجّله التدمريون، ومن قبلهم الفينيقيون.

ويتميز مدخل المعبد بستة أعمدة على أحدها نص يعود تاريخه لعام 130م.

مواضيع ذات صلة: