أنطيوخس الثالث عشر


الدولة السلوقية


آخر السلوقيين
وما كادت الجيوش الأرمنية تخلي سورية حتى أطل مرشح روما (أحد أبناء انطيوخس العاشر) انطيوخس الثالث عشر، فرحب به الأنطاكيون وأطلقوا عليه لقب الآسيوي للدلالة على إقامته فترة من حياته في آسيا الصغرى. وكمعظم أسلافه بدأ أنطيوخس الثالث عشر حكمه بإعلان الحرب وكانت هذه المرة على (عزيز). ويبدو أنه لم يوفق في حملته على عزيز مما أدى نشوب اضطرابات في أنطاكية تنادي بسقوطه، ورغم أنه وفق هذه المرة في ضرب الثورة عند عودته إلى العاصمة سنة 65ق.م، فإن بعض الناقمين الذي فروا من وجهه إلى كيليكية حضروا أحد أبناء فيليب السلوقي (وكان يدعى فيليب أيضاً) على المطالبة بالعرش. وكان من الطبيعي أن يبحث انطيوخس عن حليف يشد به أزره بعدما أعلن عزيز تأييده للمرشح الجديد، وقد وجد انطيوخس هذا الحليف في شخص ساميسجراموس (شمسي جرم) أمير حمص و(أرثوسا) وعندما وصل شمسي جرم إلى مشارف أنطاكية ودعا انطيوخس إلى التباحث معه في شؤون الحرب، وكان على ما يبدو قد اتفق مع عزيز على أن يتخلص كل منهما من مرشحه وأن يقتسما الغنائم بينهما، وفي حين لبى انطيوخس دعوة حليفه شمسي جرم الذي ألقى القبض عليه واحتفظ به أسيراً، أفلت فيليب من قبضة عزيز ووصل إلى أنطاكية حيث تحصن فيها منتظراً هبوب رياحه.

وفي سنة 64ق.م وصل القائد الروماني (بومبي) 106-48ق.م بعد انتهائه من حرب ميثرياتس منتصراً إلى سورية ليحل مشاكلها باسم روما، وتلقى في أنطاكية نداءاً من انطيوخس الثالث عشر يرجوه فيه أن يعيده إلى العرش. ولكن بومبي الذي كان يعرف ما تنوي روما القيام به لحل مشكلة سورية ومنازعات ملوكها والأخطار التي تتهددها من الشرق والشمال، رفض طلب انطيوخس وجاء في رده عليه «إن الرجل الذي لم يستطع حماية سورية ضد تيجرانس واليهود والأنباط ليس بالرجل المناسب لحكمها». ورغم أن معظم المؤرخين يشكّون في رواية يوسيبيوس التي تذكر أن الأنطاكيين دفعوا مبلغاً كبيراً من المال إلى بومبي مقابل عدم موافقته على عودة انطيوخس، إلا أن الرواية تعكس على الأقل سخط الأنطاكيين بخاصة والسوريين عامة على ملوكهم من آل سلوقس كما عبر عن شعور عمّ الأوساط السورية بأن قبول حماية روما خير من الاستمرار في الفوضى.

وهكذا دخلت سورية دائرة الحكم الروماني سنة 64ق.م، وقام (شمسي جرم) باغتيال انطيوخس الثالث عشر. وعندما دعا بلاط الاسكندرية سنة 56ق.م آخر السلوقيين فيليب الثاني لشغل العرش البطلمي الشاغر بعد هرب بطلميوس الثاني عشر إلى روما، رفض حاكم سورية الروماني (اولوس جابينيوس) السماح له بالذهاب، وانقطعت آخر أخبار السلوقيين من التاريخ كما اندثرت أهمية سورية السياسية في التاريخ القديم باستثناء استمرار بعض المصادر في ترديد ذكر أسماء وألقاب بعض الأفراد الذين يزعمون نَسَبِهم إلى مؤسس الأسرة أو أحد أحفاده. فقد عثر على نقش من القرن الثاني الميلادي قدمته إحدى كاهنات معبد أرتميس في اللاذقية (على البحر) تذكر فيه أنها من سلالة الملك (سلوقس نيكاتور) كما قدم أحد ملوك كوماجيني ويدعى (جايوسيوليوس انطيوخس فيلو بابوس) نصباً تذكارياً إلى مدينة أثينا سنة 115 ميلادي مع تمثال للملك سلوقس نيكاتور على أساس أنه جده العظيم. إضافة إلى نقوش متفرقة في عدد من مراكز حوض البحر المتوسط.

مواضيع ذات صلة: