أوراق ثقافية: الفنان فارس قره بيت في الأبيض والأسوء

29/أيار/2008


«الأبيض والأسوء» معرض لرسومات كاريكاتيرية للفنان المبدع فارس قره بيت، وضم المعرض زهاء سبعين لوحة تتحدث عن الماضي والحاضر والمستقبل، وقضايا الإنسان والحرية والاستعمار والتسلط وحقوق الشعوب، وتتوزع بين السياسة والاقتصاد، والاحتكارات النفطية والشؤون الاجتماعية للبشر.

يرسم الفنان فارس قره بيت في كل هذه القضايا المستقبل، فالإنسان المشاهد لا بد من أن يرى ما يعبر عن همومه وقضاياه، عن آماله، وآلامه وأتراحه وأفراحه، عن أحزانه وابتساماته، هو الفنان الشاهد على ما يجري، وما يمكن أن يجري، وفق رؤية تصوغ لوحات جميلة ومعبرة، وترسم الحياة كما نريدها ضد كل أعداء الحياة، وضد أولئك الذين يريدون الموت لهذه الحياة، حين تتجه أحقادهم إلى الإنسانية والحرية والكرامة وحقوق البشر.

إنه فارس قره بيت الذي عرفناه رساماً وفناناً بنوع إبداعي من الفنون التشكيلية، وهو فن الكاريكاتير القريبُ جداً، بل المندمج إلى أبعد الحدود، مع فن الصحافة، بل إن بحر هذا الفن (الكاريكاتير) لا يظهر أو لا يكون من دون الصحافة حتى إن صحفاً ومجلات ومطبوعات كانت على فترات تستغني عن المقالات بالكاريكاتير، أو على الأقل كثيراً ما استغنت صحف عن الصورة، ليكون الكاريكاتير هو المادة الفنية الإبداعية الملازمة للمقال، وعلى الدوام كانت صحف ومجلات الكاريكاتير هي الأكثر انتشاراً ورواجاً بل هي الأكثر تأثيراً، لا سيما والسخرية التي تحملها لوحات ورسومات كاريكاتيرية، تنطق بلسان الشاهد أو القارئ ليجد نفسه، بل رؤاه ومواقفه، في الموضوع المطروح، أو في المادة السياسية والاجتماعية والخدمية والاقتصادية التي تشكل جوهر عملية السخرية بالأساس.

هناك فوق ذلك كثيرون من فناني الكاريكاتير قد برعوا في السخرية المأساوية، على طريقة المثل القائل «شر البليّة ما يضحك»، ولن أخوض في تفاصيل تأثير الكاريكاتير وفنانيه وصانعيه على الصحافة، ولا في ازدياد أهمية الصحافة، ولا سيما اليومية حين تركز على الكاريكاتير، وتعتبره فناً ليس إبداعياً تشكيلياً، بقدَر ما هو فن صحفي، أو نوع صحفي لازم مطلوب لصحافة تنقد وتحلل، وتكشف عن الحقيقة وتقدم المعلومة، وترفض الخطأ، وتعتمد فيما تعتمد على كل ما يسهل مهمتها الصحفية، وعلى رأس هذه المهمات ما يراه رسام الكاريكاتير حيال الواقع وقضاياه من رؤىً باستخدام الريشة التي كثيراً ما تكون أشد قوة وتأثيراً، بالطبع، من القلم.

إن الفنان فارس قره بيت في معرضه «الأبيض والأسوء» لا يقف موقفاً سلبياً أو ضاحكاً أو ساخراً أو متبرماً مما يجري، بل يغوص عبر عقل تحليلي ديناميكي في كل ما يجري، ويبحر من أجل أن يكتشف الجوهري في صراع مستمر طويل بين الظلم والعدل، بين الحقيقة والتضليل، بين الأصالة والزيف، بين الاستعمار في سطوته، وحرية الشعوب في نضالها ومقاومتها لكل أنواع وأشكال الاستبداد والاستعباد.

راداره هنا هو الريشة التي تعبر عن واقع لا يكفي أن نسخر منه، أو نندد به، بل ينبغي أن نستفيق بوعي وإدراك لتحدياته ومخاطره، لقد عرفته صحافتنا منذ سنوات، وها هو يعزز دوره الإبداعي والفني والإعلامي، نشاهده يتحرك بين خطوط لوحاته وأضلاعها، كأنه أقوى من الزمن، لا يتردد في قرع النواقيس، ودق الطبول محذراً وداعِياً إلى إنسانية طاهرة، وأهداف مقدسة، ونبيلة، هي أهدافنا كلنا من البحر إلى البحر، ينادي بالوحدة العربية والوحدة الوطنية، والمقاومة، والكرامة، والحرية والاستقلال والتحرر، يفضح أعداء الوطن، وأعداء العروبة، وكل الانهزاميين الذين يشكلون مادة أساسية في لوحاته كاحتياطي أو أدوات عميلة، للاستعمار والنفوذ الخارجي، وبذلك تتحول عملية استقواء هؤلاء العملاء بالقوى الاستعمارية الخارجية، على أنها شر مستطير، مهما زينت ذلك بنكهات وألوان لا طعم لها ولا رائحة إلا الفتن والموت المجاني البطيء.

إن كان ثمة إشارة في الختام، فهي أن الفنان فارس قره بيت -لأنه يمارس الكاريكاتير فناً وإبداعاً وإعلاماً- يجيد عبر رؤيته ونظرته وتقويمه للشخصيات، فضْح صورتها برسومات يستطيع أن يُخرج ما في داخلها، ويكشف عن تفكيرها وذهنيتها وعقليتها وهو ما يطلق عليه «البورتريه» وهو فن قائم بذاته يجمع بين القدرة التشكيلية والتكوينية، والرؤية الساخرة ووجهة التحليل النفسي للملامح والقسمات.




تشرين


مواضيع ذات صلة
- «الأبيض والأسوء» لفارس قره بيت عن الأوس للنشر
خلاصة رسومه خلال خمس سنوات في صالة الشعب

- افتتاح معرض متنقل للكاريكاتير من الشرق الأوسط في ثقافي كفرسوسة
- في زاروب ثقافي قرب مقهى ناي باللاذقية
علي فرزات يعرض لوحاته للمارة ورواد المقاهي!

- انضمام سورية لمنظمة الفيكو الدولية للكاريكاتور
لإظهار قيم الفنّ ونشر رسالتي السلام والمحبة بين الشعوب

- فنانا كاريكاتير سوريان ينالان جائزتين في مسابقة غزة الدولية
- الأبيض والأسوأ براءة للأسود من عنصرية اللون
لم نؤسس في سورية للكاريكاتير والكاريكاتير السوري دمه ثقيل


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر