حضر الجميع في وداع الملك.. وغابت الملكة.. 17/كانون الثاني/2009
بحضور القائم بأعمال السفارة السورية في لبنان شوقي شماط ممثِّلاً السيد الرئيس بشار الأسد، وفي مأتمٍ رسمي وشعبي حاشد، ودّع لبنان بعد ظهر يوم الجمعة 16 كانون الثاني الفنانَ الكبير منصور الرحباني، الذي توفي الثلاثاء 13 كانون الثاني عن أربعة وثمانين عاماً بعد صراعٍ مع المرض.
من خشب المسرح الذي كانت تعرض عليه أعماله، كان نعشُه الذي سجي به واستُقبل بالأرز والورد على طول الطريق المؤدي إلى كنيسة مار الياس في أنطلياس بلدته التي أقفلت فيها مدارسها ومحالها التجارية طوعاً حداداً ووداعاً للراحل العظيم. وقد جال الجثمان باستقبال شعبي مهيب على وقع ألحان الموسيقار الراحل، وتمَّ لفُّ النعش بالعلم اللبناني وأقيمت عليه الصلاة في مأتم رسمي وشعبي، لبناني وعالمي.
بعد الصلاة، انضم النصفان إلى بعضهما، وعاد الأخوان الرحباني متلازمين، ولكن هذه المرة إلى الأبد.
وبعد أن منحه وسام الاستحقاق اللبناني المذهب، قال تمام سلام -وزير الثقافة اللبناني ممثلاً رئيس الجمهورية اللبنانية- في كلمته: «تقديراً لعطائك العظيم وتخليداً لذكراك منحك فخامة رئيس الجمهورية ميشال سليمان وسام الاستحقاق اللبناني المذهب وكلَّفني تعليقه على نعشك»، وأضاف «نجتمعُ حوله لنكرِّم من أبدع في صنع الفكر والثقافة للبنان».
بعد ذلك ألقى غدي ابن الفقيد منصور الرحباني كلمة باسم العائلة، مستعيداً فيها من أبيه كلماتٍ ونصوصاً أعطت للخطاب رونقاً خاصاً، شكر فيها كل من كان صديقاً ومعاوناً لأبيه واهتمّ بصحته ونجاحه، وخصوصاً السيد الرئيس بشار الأسد وفخامة الرئيس اللبناني ميشيل سليمان، والنائب اللبناني ميشال عون ورجال الأمن والأطباء. وانتقد غدي الحكومة اللبنانية قائلاً: «عندما رأينا الناس مجتمعين هنا بكثافة، سألنا كم ساعة اشتغل منصور الرحباني لوطنه؟ وكان الجواب 700 ألف ساعة، لكنهم استكثروا عليه الحزن 12 ساعة». وأشاد الابن بأبيه واصفاً إياه بـ«المثال الأعلى له ولشعبه الفخور بما تركه من إرث فني»، معتبراً أنه «الملك الذي رحل» قائلاً: «لن نبكيك لأن الكبير لا يبكونه، لكنهم يبكون على أنفسهم بعده. وحدك سافرت ملكاً وستبقى ملكاً.. لقد غاب المعلّم، أما المدرسة فباقية. علّمتَنا الصعوبة وصرنا أبناء الصعوبة»، متمنياً وأخويه مروان وأسامة أن يكونوا على قدر المسؤولية في حمل إرث الرحابنة.
وخاطب غدي رجال السياسة اللبنانيين داعياً إياهم إلى عدم الكذب على الوطن، والاجتماع حوله ومن أجله لا لهلاكه. وقال: «إذا لم تكونوا قادرين أن تبنوا وطناً ارحلوا بعيداً، نحن نبني وطن الرحابنة».
كانت الكنيسة قد غصَّت بأكاليل الزهر، وكان في مقدمتها إكليل باسم فيروز، زوجة الراحل عاصي الرحباني التي غابت عن التشييع، وكتبت على الإكليل عبارة «إلى رفيق الدرب منصور».
وبعد انتهاء مراسم التشييع، تقبَّلت العائلة التعازي في الكنيسة، ثم غادر النعش محمولاً على الأكف بينما عزفت له وحدة من قوى الأمن الداخلي نشيدَ الموت قبل أن يوضع في سيارة إسعاف ليوارى الثرى في مدفن العائلة.
|