رهاب البيطار تعرض نسمات من الجولان في دار البعث

مخيّلة خصبة مسكونة بمثيولوجيا الخيال وحكايا الأساطير

10/آذار/2008


افتتح الدكتور محسن بلال وزير الإعلام معرض الفنانة رهاب البيطار في صالة دار البعث للفنون الجميلة بدمشق تحت عنوان «نسمات من الجولان»، وضم المعرض حوالي خمس وعشرين لوحة فنية من قياسات كبيرة تشكل إطلالة مهمة على تجربة الفنانة رهاب البيطار ذات البصمة الخاصة الجديدة الغريبة من نوعها في التشكيل السوري المعاصر.

الفنانة رهاب إنسانة عارفة بعمق لكل حالات الوطن، أو -كما يقدمها الدكتور محسن بلال وزير الإعلام- تحمل راية العشق للوطن، فحملت من هذا الجمال ذاكرة الجولان التي شكلت حالات إبداعية وخصبة في مخيلتها، وإطلاقها تسمية معرضها الجديد «نسمات من الجولان» تؤكد مواكبة مسارات التألق لهذا الوطن الجميل.

تجربة الفنانة رهاب البيطار «هي تجربة صادقة» كما يصفها الفنان التشكيلي أنور الرحبي «لأنها تعاملت مع أشكالها ووحداتها أنها تقيم في مختلف مسارات لوحاتها ومضامين هذه اللوحات، وتشكل تجربتها التزام الذاكرة بالخيال والدفاع عن هذا الخيال والخروج بأشكال مختلفة الحجوم تسقط من الأعلى، وتقترب من المتلقي لتصافحه وتشاكسه وتعلن أن مكانها هنا، وهذه الوحدات المتطايرة التي تتصاعد بأحجامها في إطار اللوحة ما هي إلا استقراء لتجربة فنانة في عوالم الأشكال التي تتوضع في الأعمال الفنية من مبدأ أن الشكل الذي تقوم برسمه لا ينفصل عن ميثيولوجيا الخيال».

تؤكد رهاب البيطار أنها قد نذرت نفسها لقضية إنسانية هي قضية الجولان وللتعبير عن الهوية الصادقة بلغة الرسم التي لا نستطيع ترجمتها إلا وجدانياً لأن العقل والعين كفيلان بقراءتها البصرية الصحيحة.

اللوحات التي تعرضها الفنانة البيطار كان فضاؤها التشكيلي حاملاً وحدة المواقف والانتماء والهوية، لهذا كله اختزنت خطابها الفني التشكيلي بطقوس عشقها لوطن أحبته، وقضية أصبحت هاجساً لها.

‏في سبب تسمية المعرض «نسمات من الجولان» تقول البيطار «إنني نذرت نفسي لموضوع اسمه قضية الجولان، وأحاول أن أوصل قضية الجولان التي هي موضوع إنساني عن طريق الفن التشكيلي كي تتاح إلي فرصة التحدث عن هذه القضية الإنسانية التي أصبحت هاجساً لدى الكثيرين، وهي قضية كبيرة بحيث أن لوحة واحدة لن تستطيع التعبير عنها».

تجربة البيطار التشكيلية متعددة الأبعاد تنطوي على الرمز والتعبير فهي بقدر ما تدخل الأسطورة من خلال الرموز البصرية تلامس أيضاً الجوانب الإنسانية فهي تستخدم الرؤية الذاتية من مجموعة مخيلات هلامية استطاعت أن تتراقص على مساحة اللوحة لتجسدها من خلال أشكال تشبه الكثير من العلاقات الإنسانية فيها الفرح، والألفة، والمحبة، والهيمنة، والأمل، لكنها لعبت على المكان بدائرة الزمان التي تخصها فهي لا تريد أن تتحدث عن أي موضوع محدد، والحالة الإنسانية موجودة في ذاكرتها استطاعت أن تلتقطها عبر مجموعة أشكال هلامية سقطت من الذاكرة على اللوحة على نحو ما.

تدخل رهاب مغامرة رصد موضوع واحد من زوايا متعددة وتحمل كل لوحة من اللوحات الكبيرة في المعرض رؤية تكمن في القيمة البصرية للوحة، فاللوحات تدعونا لرحلة غريبة نوعاً ما مستعيدة فيها حكاياتها الأثيرة وذكريات الطفولة والأخيلة وحكايات الأساطير التي رافقتها منذ طفولتها لتجسدها في اللوحات التي شاهدناها في معرضها الحالي أشكالاً مختلفة لحيوانات أسطورية وأشكالاً هلامية ذات عيون مميزة، وطيور متنوعة، والعديد من أسماك السلمون.

الحيوانات التي رسمتها في معظم لوحاتها تنطوي على دلائل وإسقاطات فهي لم تجسدها بشكلها الواقعي طبعاً، لكنها عملت على مسألة التحوير، والتحوير القريب من السريالية بشكل متعمد فهي سريالية منظمة تعتمد على الذاكرة التي أرادت أن تستفزها من أجل خلق نوع من التساؤل عند المتلقي.

لماذا اختارت أن ترسم هذه الأشكال؟ وما مضمون اللوحة؟ وكيف يمكن للمتلقي أن يفهم ويقرأ اللوحة؟

تؤكد الفنانة البيطار أن الفنان دائماً هو ابن بيئته فهو يؤثر فيها ويتأثر بها في الوقت ذاته فتقول «الموضوع الذي أختاره أستطيع أن ألزم نفسي به، لكن العمل لا أستطيع أن أدخله حيز الإلزام، أنا أمسك الخامة البيضاء وأرسم دون أن أعرف ماذا أريد أن أرسم، أدواتي هي التي تتحكم بي، وبمجرد أن أشتغل على اللوحة تظهر تلك الشخصيات رويداً رويداً وأتحاور معها فأنا لا أحاول أن أفسر اللوحة فكل عمل يتناول حكاية ما، لذلك أترك للمتلقي أن يفسر اللوحة كما يراها هو، ويمكن القول إن الأعمال الموجودة في المعرض هي اختلاط الواقع بالخيال، واختلاط الحلم بالحقيقة، وبالتأكيد كل شخصية موجودة في الواقع تتغير أشكالها في الحلم، وتتحول إلى هلاميات طائرة تسبح في الفضاء، من الممكن أن تكون تلك الخرافات من حكايا قبل النوم أو من حكايا الأساطير، وما يهمني في النهاية هو ذلك الحوار الذي يدور بيني وبين لوحتي التي أعتبرها قطعة مني».

يمكن القول إن كل لوحة من لوحات الفنانة رهاب أشبه بدراسة لعمل ما فهي تنشئ تفاصيلها الخاصة استناداً إلى نقاط معينة تضعها بواسطة تلك التلخيصات لمخيلتها وذاكرتها كي تصوغها وفق عدة أساليب من أجل مقاربة ما تريد إيصاله أو بثه من شحنات انفعالية وتعبيرية تخص الخيال والأحلام.

تعتمد الفنانة البيطار على الألوان القاتمة في معظم لوحاتها ويبرز فيها اللون البني والأسود والأحمر ولكنها أيضاً تستخدم الألوان الفاتحة مثل الأصفر والأورانج والأزرق لتشكل انسجاماً قوياً مع الألوان القاتمة، وتسهم في إضفاء الفرح والتفاؤل في اللوحة.

أدواتها استخدام السكين وقلم الفحم وألوانها مستمدة من البيئة الخليجية التي عاشت فيها فترة طويلة فهي تستخدم الألوان الحارة كما تقول، لأنها ألفتها واعتادت عليها، وتأثرت بها إلى حد ما وذلك جعلها تتناول اللون البني والرمادي في الأعمال معظمها ولم تتخل أيضاً عن الألوان الفاتحة، لأنها تحب الألوان المشرقة مثل الأصفر والأورانج ولون الزعفران فهي تحب أن تمنح الناس شعوراً بالسعادة كتلك السعادة التي تشعر بها أثناء استخدامها في اللوحات.

في سبب وجود العديد من سمك السلمون في أغلب لوحاتها، تقول الفنانة البيطار «هذه السمكة تشبهني كثيراً لأنها تسبح عكس التيار، وتغوص في المناطق الصعبة، تشبهني أيضاً كونها في النهاية تعود إلى جذورها الأصلية فالمعروف أن سمك السلمون يدور دورة الحياة كاملة، ثم يعود إلى موطنه الأصلي في شلالات نيغارا، أنا سافرت كثيراً وقضيت حياتي في الغربة بين دول الخليج وقطر والإمارات وأمريكا، وزرت بلداناً عدة في أوروبا ولكن دائماً أعود إلى موطني إلى سورية الحبيبة التي لم أجد أجمل منها في العالم.

لوحات رهاب البيطار تجربة فريدة في المشهد السوري، وهي بذلك فنانة تبوح بمكنوناتها الداخلية وتسقط ما في مخيلتها من أحلام وذكريات مليئة بحكايا الأساطير والقصص الطفولية لتتوالد لديها كائنات هلامية تصور الحب والفرح.

الكائنات المركبة والهلامية والمسوخ السريالية شريط لا ينتهي من الذكريات تحمّلها البيطار شحنات تعبيرية ودلالات هائلة مستمدة من نسمات سورية وأساطيرها ومثيولوجيتها وبيئتها أفكاراً تصوغها في تشكيلات إبداعية فريدة ومختلفة في معرضها الحالي.

يذكر أن الفنانة البيطار شاركت في واحد وعشرين معرضاً تشكيلياً فردياً وجماعياً، كما شاركت في عدة ورشات عمل مع فنانين عالميين: وجيه نحلة وسيزار أستراني وميتشو ساكاي وعبد القادر الريس.




تشرين


مواضيع ذات صلة
- بيطار في صالة الخانجي بحلب
- التشكيلية رهاب البيطار تعرض في دار البعث
- معرض تشكيلي ضوئي وجلسة حوارية حول المرأة في دار البعث
المرأة في الريف في يومها العالمي

- محمد عبد الرزاق بعّاج في دار البعث
التقانات و طلاوة العفويَّـة

- تكريم الفائزين بجائزة الجولان للإبداع الأدبي
- الندوة الدولية حول «تاريخ الجولان وآثاره»
تقاطع الجغرافيا والتاريخ لإثبات الحق والهوية

- افتتاح الندوة الدولية عن الجولان وآثاره
نحت الجولاني تمثالاً صغيراً قبل 250 ألف عام

- الجولانيون يحتفون بدمشق عاصمة للثقافة العربية
أمسية غنائية شملت مجموعة قدود حلبية وأغان أخرى

- وفد المفكرين الأمريكيين يزور القنيطرة
- مهرجان خطابي في مجدل شمس ومسيرة وطنية حاشدة
- الألكسو تقر دعم البرنامج التعليمي في الجولان المحتل
- تقرير شامل عن القنيطرة في صحيفة فانغوارديا الإسبانية
- من مكتبة الجولان وثائق عثمانية حول الجولان
أوقاف وأوامر سلطانية وسالنامات

- أهلنا في الجولان المحتل يرفعون شعار دمشق عاصمة الثقافة العربية

تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر