لماذا غابت عن شاشة رمضان؟
سوزان نجم الدين: لا أعرف الندم!
لم تكن سوزان نجم الدين يوماً بعيدة عن عرش النجومية في سورية بدءاً من دورها في مسلسل «نهاية رجل شجاع» وصولاً إلى «شجرة الدر» و«ولادة بنت المستكفي» فمسلسل «الهاربة» الذي فتح باباً جديداً في الدراما السورية.
خاضت تجربة الإنتاج من خلال شركة «سنا» وتخوض حالياً تجربة التقديم البرامجي من خلال برنامج «جار المشاهير مع سوزان نجم الدين»، إلا أنها غابت درامياً هذا الموسم، بعد أن اعتذرت عن العديد من الأعمال الدرامية السورية والمصرية والجزائرية التي عرضت عليها ومنها أسمهان، وزمن العمالقة بدور مي زيادة، ولعبة الأيام، هانم بنت باشا، وعندما تتمرد الأخلاق، الحوت، لورنس العرب، وغيرها، فما هي الأسباب، ولماذا غابت سوزان عن أعمال هذا الموسم؟
كيف تبررين غيابك عن شاشة رمضان؟
لقد فضلت هذه السنة أن أتفرغ لبرنامجي «جار المشاهير مع سوزان نجم الدين»، فشاركت في إعداده، ووضع أفكاره مع فريق متخصص من المعدين، وأشرفت على كل التفاصيل المتعلقة به، كما قمت بتصميم الديكور الخاص به بناء على طلب الشركة المنتجة، ولذلك لم أستطع أن أقبل أي عمل لهذا الموسم مع كل هذه الالتزامات.
وهل يستحق «جار المشاهير مع سوزان نجم الدين» أن تضحي بكل الأعمال التي عرضت عليك من أجله؟
أتمنى وأسعى لأن يستحق ذلك، وإن لم يكن كذلك فهذا هو خياري وأنا مسؤولة عنه، ولم أعتد في حياتي أن أقوم بعملين كبيرين في آن معاً، وأفضل التفرغ لعمل واحد فقط من باب إحاطة هذا العمل بكل الاهتمام والوقت الكافي لدراسته والإلمام بتفاصيله من كل النواحي، فما بالك إن كان هذا العمل برنامجاً جديداً أخوض غماره للمرة الأولى، وهذا الأمر يشكل تحدياً بالنسبة لي، ولابد أن أكون مستعدة له بالكامل.
يقال إن هناك خلافات بينك وبين الشركة المنتجة للبرنامج يتعلق بالأجر الذي ستتقاضينه؟
أبداً، هذا الكلام غير صحيح على الإطلاق، لقد تمّ الاتفاق على الأجر وعلى كل التفاصيل التي تتعلق بالأمور المادية منذ الجلسات الأولى التي وقعنا أثناءها العقد، ولم نتطرق لتلك المواضيع بعد ذاك التاريخ أبداً فالأمور واضحة منذ البداية بعقد محكم بين الطرفين.
هل تشعرين بالندم وأنت تشاهدين الأعمال التي عرضت عليك واعتذرت عن قبولها؟
لم أعرف الندم في حياتي ولا أحب أن أعرفه، لأنني عندما أعتذر عن عمل ما أو أقبله أكون قد فكرت كثيراً واتخذت قراري دون رجعة، حتى لو كنت أدرك أن هذا العمل أو ذاك سيحقق نجاحاً كبيراً.
لماذا تغيبت شركتك «سـنا» عن الساحة الفنية هذا العام؟
ربما غابت هذه السنة عن الساحة الفنية فقط بسبب انشغالي وسفري خارج البلاد لأجل البرنامج وغيره من الأعمال، لكنها كانت حاضرة بقوة من خلال أعمال أخرى حيث تمّ إنتاج برامج وثائقية لإحدى المحطات كما تم إنتاج إعلانات مهمة وفيديو كليبات لكبار النجوم من المطربين في العالم العربي، إضافةً إلى أعمال المونتاج والمكساج والغرافيك لأكثر من عمل درامي لهذا العام، ومن الناحية الإنسانية كانت الشركة موجودة كراع للعديد من الأعمال الخيرية والثقافية في سورية.
شاهدك الجمهور في «الهاربة» ذي الطابع البوليسي الجديد، هل ستكون هناك تجارب مشابهة في المستقبل؟
إن شاء الله، فأنا أطمح دائما لتقديم الجديد والمختلف، وأسست هذه الشركة لتقديم الأعمال الهادفة والنوعية وليس للربح والتجارة، ولا يهمنيي أن يكون لدي عمل أو أكثر للإنتاج في العام بقدر ما يهمني أن أقدم صيغة مختلفة من حيث الطرح والصورة، وهذا ما حاولت تحقيقه في مسلسل «الهاربة».
«الهاربة» فتح باباً جديداً على الدراما السورية من حيث الأكشن وسرعة الإيقاع، ودعا الجمهور إلى المشاركة في حل ألغازه الغامضة إلى أي حدّ أنت راضية عن نتائجه؟
إلى حدّ كبير، فقد حاولنا بجد وبمحبة كبيرة أن ننجز هذا العمل بوقت قياسي، لأننا دخلنا في إنتاجه قبل رمضان بثلاثة أشهر فقط وكانت معجزة أن ننجزه بهذا الوقت وبهذه الجودة، فقد استوردنا لأجله أحدث الأجهزة آنذاك، وقد صنع هذا العمل بمحبة كبيرة من كل النجوم الذين شاركوا فيه، ولولا تعاونهم معنا جميعاً لما استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة.
تتزاحم أعمال البيئة الشامية على الشاشات العربية، هل ترين في هذا الكم من الأعمال حالة صحية؟
لا أرى ذلك طبعاً، فهناك من يجتر هذا النجاح لأهداف ربحية فقط، وأعتقد أنها باتت تشبه بعضها، وما هي إلا موضة تستمر لسنوات ثلاث أو أربع على أكثر تقدير.
كيف ترى سوزان نجم الدين واقع الدراما السورية هذه الأيام؟
حققت الدراما السورية نجاحات رائعة وإنجازات متقدمة، وفرضت نفسها بقوة من نواح عدة، وأراها اليوم تحاول أن تحافظ على تلك المكانة المهمة التي احتلتها في العالم العربي، فالفنان السوري يملك ثقافة عالية وطموحاً كبيراً يجعله دائماً في حالة منافسة حتى مع نفسه، ورغم ذلك أقول: إن النجاح يحملنا مسؤولية أكبر، فكل نجاح كبير يحتاج إلى نجاح أكبر، وهذه معادلة في غاية الصعوبة وتحتاج من الجميع إلى بحث دائم عن الأفضل، كما تحتاج إلى محبة وتعاون وتنسيق فيما بيننا، ولكن للأسف هذا التنسيق غير موجود، فتجديننا أحياناً كل يغني على ليلاه وهنا تكمن الخطورة.
المسلسلات التركية المدبلجة لاقت إقبالاً ملحوظاً من قبل الجمهور العربي، كيف ترين تأثير هذا النوع على الدراما العربية والسورية؟
على الرغم من نجاح هذه الأعمال جماهيرياً، وقدرة الفنانين السوريين الرائعة على تحقيق هذا النجاح في الوطن العربي من خلال أصواتهم فقط، فإنني أرى بعض الخطورة على المشاهد العربي أولاً قبل أن تكون هذه الخطورة على درامانا العربية، ولاسيما أنها تحمل إلينا بعض العادات والتقاليد والأفكار البعيدة عنا. لكني لا أعتقد أنها ستؤثر على درامانا العربية في المدى الطويل، لأن لكل دراما نكهتها. غير أني أعتقد أنها سدت فراغاً نحتاجه في الحياة ونفتقده إلى حد ما في درامانا العربية ألا وهو رومانسيتها، ولعلنا نستطيع سد هذا النقص في المستقبل.
وكيف نستطيع حماية النجاحات التي تحققها الدراما السورية برأيك؟
هذا يتطلب دعماً من الدولة، ولاسيما في الأمور التي لا تقدر عليها شركات القطاع الخاص كلاً على حدة، كتأسيس اتحاد للمنتجين السوريين، وإقامة مدينة للإنتاج التلفزيوني، وإيجاد آلية لتسويق الأعمال الدرامية السورية، وغير ذلك بما يمكننا من الوصول إلى مرحلة يمكن أن نقول فيها: إننا نمتلك صناعة درامية تلفزيونية، تشكل دخلا قومياً للبلد، وتساهم في التعبير عن الصورة الحقيقية لثقافتنا وحضارتنا التي يحاول الآخر تشويهها.
رفضت العديد من الأدوار السينمائية لأنها تعتمد على إبراز مفاتن الجسد، ولكن يقال بأن الممثل المحترف هو الممثل القادر على أداء كل الأدوار، فماذا تقولين؟
تضحكني تلك العبارة التي أسمعها أحياناً من قبل بعض الفنانين المحترفين ليبرروا لأنفسهم ما يقومون به من أعمال، بطعمة وبغير طعمة، بحجة التنويع، ومع ذلك أقول: إنني لست ممثلة محترفة ولن أكون أبداً وسأبقى تلك الفتاة الهاوية والعاشقة للفن، وسأبقى تلك المهندسة التي ترسم طريقها بدقة وبهدوء نحو هدف راق وطموح يستحق منها هذا التروي في اختيار أعمالها، ومع ذلك أؤكد بأنني قادرة وباحتراف على أداء جميع الأدوار مهما كانت صعبة أو سهلة شرط ألا تفقدني احترامي لنفسي ولجمهوري وألا تبعدني عن أهدافي وطموحي وطريقي الملتزم الذي اخترته لنفسي من باب أن الفنان هو قدوة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى وعلى كاهله تقع المسؤولية الكبرى في حمل رسالة بلده إلى العالم. وبالتالي فإن عليه أن يفكر ألف مرة قبل أن يقدم على عمل رخيص أو بعيد عن المسؤولية لمجرد أنه يريد أن ينوع وليقنع نفسه أنه قادر على لعب جميع الأدوار.
يقدر الجمهور لسوزان نجم الدين مشاريعها الإنسانية؟ وهو ما لم يقدم عليه فنانون وأثرياء كثر، ما أهداف سوزان نجم الدين من وراء هذه المشروعات؟
ببساطة، منطلق سوزان نجم الدين الفنانة في هذا المجال هو سوزان نجم الدين الإنسانة بكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى، فأنا لا أستطيع أن أضحك بينما هناك من يبكي، ولا أستطيع أن أهنأ بعيش وأشعر بالسعادة وهناك من يعيش حياة بائسة فقيرة دون أن أساعده أو على الأقل أبحث عنه ليكون لي شرف المحاولة.
تغمرنا حالياً أجواء رمضان، كيف تقضين وقتك في الشهر الكريم وما الطقوس التي تمارسينها في أيامه المباركة؟
مبارك هذا الشهر علينا وعليكم وعلى قرائكم، متمنية من الله تعالى أن يعيده على الجميع بالصحة والسلامة والنجاح، وأما عني فإنني أنتظر هذا الشهر الكريم لأتزود من خيراته وبركاته، لتكون لي زوادة تمدني بالقوة من سنة إلى أخرى.
وماذا عن تفاصيل هذه الزوادة؟
صلة الرحم أولاً، لأحاول أن أعوض غيابي عن الأهل والأصدقاء بزيارتهم وقضاء معظم الوقت معهم، كما أحرص أن أقوم بواجباتي كاملة تجاه ربي أولاً وتجاه نفسي ثانياً من حيث الصلاة والزكاة والصدقات وقراءة القرآن بختمة واحدة على الأقل ليعمق صلتي بالخالق والخلق أيضاً، ويساعدني على تشذيب روحي ووضع السكينة فيها بعيداً عن قلق الحياة وهمومها كما أحاول في هذا الشهر الكريم أن أتواصل أكثر من أي وقت مضى مع الفقراء والجمعيات الخيرية وطبعاً أحاول متابعة بعض الأعمال الدرامية التي تناسب وقتي.
ماذا تتابعين من أعمال في رمضان وهل شدك عمل دون غيره؟
حاولت متابعة معظم الأعمال في البداية، ولكن ضيق الوقت وانشغالي في شؤون أخرى منعني من المتابعة الدقيقة لعمل دون غيره وعلى العموم عرض هذه الأعمال كلها دفعة واحدة في شهر واحد مرهق للمشاهد وظلم كبير له ولها، لأن ظروف متعددة كتوقيت العرض والمحطة التي تعرض ومزاج المتلقي، تلعب دوراً في نجاح أو فشل هذا العمل أو ذاك، ولذلك فإن مشاهدة الأعمال بعد رمضان، تجعل الحكم منطقياً أكثر كي لا يغبن تعب الفنان ولا تمل عين المشاهد.
هل من أمنية تودين أن تبوحي بها عبر هذا اللقاء؟
هناك أمان كثيرة على صعيد الوطن والفن والإنسان، ولكنني سأحاول الجمع بينها بأمنية واحدة لأقول: إنّ الوطن بعيداً عن الفن والإنسان غربة، والفن بعيداً عن الوطن والإنسان كارثة، والإنسان بعيداً عن الفن والوطن بائس، وكم أتمنى أن تتعانق تلك الرموز مع بعضها بعضاً ليغمرها الحب وتحلق بنا عالياً إلى حيث نستحق ويستحق هذا الوطن الغالي.
حوار: هدى العبود
تشرين