فضاء وليد الآغا

«الرقم، المخطوطات، الأختام الأسطوانية»
عناصر تشكيلية بارزة في أعمال الفنان وليد الآغا

فضاء وليد الآغا

حاول عدد كبير من الفنانين التشكيليين العرب في السنوات الأخيرة، في إطار بحثهم عن تجسيدات لمقولة «الأصالة والمعاصرة» الاستفادة من مسألة التراث بتضمين اللوحة عناصر تراثية عديدة، ضمن صياغات وأشكال مختلفة تتباين حسب رؤية الفنان وأسلوب معالجته، فانتشر مثلاً استخدام «الحرف العربي» كجزء من تكوين اللوحة عند البعض، في حين ذهب البعض الآخر إلى تقديم لوحة «حروفية» متكاملة.

الفنان وليد الآغا واحد من هؤلاء القلائل الذين راحوا يبحثون عن جذور هذا التراث بحثاً معمقاً، في محاولة لإعادة صياغته في بحث تشكيلي دؤوب وصولاً إلى الخاص، المتفرد به.

قضى الفنان وليد الآغا سنوات عديدة في دراسة «الأختام الأسطوانية» و«الرقم» و«المخطوطات القديمة»، وتحول مرسمه إلى مختبر حقيقي حتى توصل إلى النتائج التي اطلعنا عليها بمعرضه الأخير في غاليري أتاسي بدمشق. لعل أهم هذه النتائج إبراز عناصر تشكيلية أخرى، إذ تتحاور في لوحته الآن الرقم، والأختام الأسطوانية، والحرف العربي، ومن هذه العناصر مجتمعة يبني الفنان تكويناته التي تحمل بالإضافة إلى أصالة التاريخ لمسة الحداثة، عبر التعامل مع اللون والضوء، ومن خلال ما تتيحه المادة المستخدمة من إشارات ورموز، وعلاقات مختزلة لها دلالاتها الغنية.

أصبح الفنان يكتفي بأخذ حرف أو كلمة من المخطوطات، ليدرسها جمالياً، ويدخلها كعنصر من عناصر تكوين لوحته في إطار علاقة حوار متجددة مع العناصر الأخرى. إذ قد يبرز الحرف وقد يختفي، وذلك بحسب الحاجة إليه، وبحسب مبرر وجوده، فالمسألة لدى الفنان ليست مجرد استخدام مجاني للحرف، كما يفعل البعض، وهذا مما يؤكد احترامه للحرف ومسؤوليته تجاه استخدامه بشكل يعطي التكوين حيوية وجمالاً.

من جهة أخرى فإن إدخال عنصر «الرقم»، منح التأليف حيوية إضافية من خلال ملمس السطح الخشن، العفي، ومن خلال تباين المساحات على سطح القماش التي كشفت التبدل على السطوح الأخرى، ووضعت المتلقي أمام مقارنة معها كما يقول الناقد التشكيلي طارق الشريف.

إن أعمال الفنان الآغا، هي عامل تحريض، وتنبيه إلى ثروتنا الكامنة، بدلالاتها ورموزها، والعريقة بحضارتها الزاخرة!


علي الكردي