فضاء ريما سلمون

اللوحات تقول «نعم للحياة» في معرض ريما سلمون

فضاء ريما سلمون

تقول مدارس التحليل النفسي إن الفنان يكتشف مكنونات «اللا شعور» بلوحاته أو بأعماله الفنية. وأمام معرض الفنانة ريما سلمون نتلمس جانباً من الحزن وآخر غامضاً وليد اللاشعور لدينا لعله الإحساس بالفرح المخفي لثنائية الرجل والمرأة.

لكن وعلى الرغم من وجود المرأة وحيدةً في اللوحات، تشعرنا الفنانة بأنها ليست كذلك، فمع كل لوحة لامرأة وحيدة هناك تفاصيل جسدية تشعرنا بقدوم أحدهم أو رغبة المرأة في آن تطال حلماً قد وصل للتو إلى فضاء لوحتها أو الفضاء الموجودة فيه. نجد المرأة في البداية مقيدة بيديها، ومن ثم تحاول القيام بفعل ما وهي تنظر إلى الأعلى، ثم لا تلبس أن تفرد يديها محاولة الوقوف.

وإن كان سعي النساء في لوحاتها يتجه نحو الرجل لإكمال النصف الآخر المفقود الذي يزنِّر الوجوه بهالة مقدسة افتعلتها من خلال رسم هالة القدسية على رؤوس بعض النساء في لوحاتها، فإنه يفاجئنا بحتمية التشابه للمرأة، لدرجة لا نستطيع تفريق الرجل عن المرأة في اللوحات، مع قصدية الفنانة في تكور الرجل والمرأة على أعضائهما الجسدية لنقع في دائرة هذه الثنائية «الرجل والمرأة» ومفهوم تكامل الحياة ولا نستطيع تفريق الجنسين. فحين تحاول المرأة الهرب من الواقع وتغمض عينيها، نجد الرجل بقربها يحميها باثاً روح الأمل. وحين نجد الرجل ملفوفاً بالأبيض وكأنه كفن، تفاجئك المرأة بالنظر إلى الأعلى وكأن اللحظة انقلبت وبدل انتظار الموت هناك انتظار لولادة الرجل. والكثير الكثير من الأحاسيس الغامضة وكأننا في لحظات لغياب الفعل وما زال الفعل يلاحقنا؟

مع ألوان اللوحات التي سيطرت عليها تيمة الألوان القاتمة وما تمتلك هذه اللوحات من خصوصية دالة على الحزن، نجد اللون الأصفر الذهبي مع الأبيض يبرزان الجانب القدسي في بداية الأشياء وربما نهايتها، فيقترن اللون الترابي بلون الشمس وتصبح لمسيرة الحياة معنى مؤكداً، فمع كل شعور بالحيادية والتفرد الذي تبثه الألوان هناك شعور بطاقة اللون وما يحمله من تفرد جمالي. ومع وجود لوحات وحيدة نجد حكاية تكمل بعضها، مضافاً إليها وجود ثلاث لوحات تقف بجانب بعضها البعض، حيث إننا ومع اقتراب مفهوم الوحدة تسيطر علينا روح الجماعة فلا لمعاناة المرأة وحيدة ونعم لمقولة «وراء كل عظيم امرأة».

ثلاثون لوحة مطروحة لندور بها في لعبة الظل والنور بحرفية عالية، تطرح العديد من التساؤلات الإنسانية: ماذا عن الثنائية الأزلية «الرجل والمرأة»؟ ماذا عن ثنائية الحياة والموت؟ وكيف نتشابه لنغدو جسداً واحداً نتطلع في انتظار الكمال؟ إنها مجرد أسئلة تقف الإجابة مقابلها، لكن أيضاً ضمن ثنائيات، فمع كل شعور بالموت داخل ذاكرتنا يقبع شعور الحياة رديفاً ومذكراً بوجوده. ومع وجود المرأة لابد من وجود الرجل والعكس صحيح، فليس للرحيل وجود حقيقي مع وجود الذاكرة، والحياة تنقسم إلى وجود مادي ومعنوي وتفضل الاستمرارية.

ريما سلمون:
مواليد 1963 دمشق- سورية، تخرجت في كلية الفنون الجميلة في دمشق/ قسم العمارة الداخلية سنة 1987، عضو في نقابة الفنون الجميلة، أعمالهما مقتناة ضمن مجموعة خاصة، ولها العديد من الأعمال ضمن معارض مشتركة، في أعمالها يشكل موضوع المرأة أولوية وهاجساً في أعمالها.

المكان والزمان:
صالة آرت هاوس في دمشق، وقد تم الافتتاح في 21/2/2009، والمعرض مستمر لغاية16/3/2009 من الساعة 4 إلى 8 مساءً، وهو المعرض الفردي الثاني للفنانة بعد الذي أقامته في صالة يوروبيا في باريس 2006.


سماح قتال