السادس من تشرين
تعتبر حرب تشرين التحريرية مثالاً ساطعاً عن انتصار إرادة الشعوب في مواجهة القوى التي تحتل أرضها وتحاول استباحة سيادتها وثرواتها، فقد توجت هذه الحرب بانتصار الجيوش العربية المتحالفة على جيش الاحتلال الإسرائيلي، وتم استعادة قسم كبير من الأراضي العربية المحتلة، وقد قضت هذه الحرب على مقولة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر وثبتت قدرة المقاتل العربي على خوض الحروب الحديثة بما تتطلبه من إتقان للأسلحة المتطورة وعلم الحرب الحديث.
دارت حرب تشرين التحريرية بين كل من سورية ومصر من جهة، والكيان الصهيوني من جهة أخرى. بدأت الحرب في السادس من تشرين الأول عام 1973 بهجوم مباغت شنته القوات المسلحة السورية والمصرية في تمام الساعة الثانية ظهراً على كل من جبهتي الجولان من الجانب السوري وسيناء من الجانب المصري. ففي الجانب السوري تمكنت القوات العربية السورية مدعومة ببعض القطعات العسكرية العربية من تدمير خط آلون الدفاعي الصهيوني والتقدم في عمق الجولان المحتل، أما على الجانب المصري فقد عبرت القوات المصرية قناة السويس مدمرة خط بارليف الدفاعي الصهيوني، وتمكنت من استعادة شبه جزيرة سيناء من قوات الاحتلال الإسرائيلي.
استمرت الحرب سجالاً بين القوات العربية من جهة والقوات الإسرائيلية حتى توقيع مصر اتفاقية لوقف إطلاق النار في 22 تشرين الأول 1973 استجابة لقرار مجلس الأمن رقم 338، مما أدى إلى توقف الحرب على الجبهة السورية أيضاً، والتي كانت تستعد لتنفيذ هجوم كبير تستعيد من خلاله ما تبقى من أراضٍ غير محررة.
شهدت حرب تشرين التحريرية بطولات كبيرة قام بها ضباط وصف ضباط وجنود الجيشين العربيين السوري والمصري، ففي الجانب المصري كان اختراق تحصينات الجيش الإسرائيلي على ضفة قناة السويس (المعروف باسم خط بارليف) أشبه بمعجزة عسكرية، أما جبهة الجولان، فقد شهدت صنوفاً من البطولات الفردية والجماعية التي أظهرها العسكريون السوريون بغية تحرير تراب أرضهم من دنس الاحتلال، ومن أشهر هذه البطولات عملية احتلال مرصد جبل الشيخ الحصين المتواجد على أعلى قممه، وهي عملية قامت بها وحدات من القوات الخاصة السورية، التي أنزلت بواسطة ثلاث حوامات مقاتلين منها تمكنوا من السيطرة على الحصن بعد معركة شرسة استخدم فيها السلاح الأبيض.
أدت حرب تشرين التحريرية إلى تحرير مدينة القنيطرة من براثن الاحتلال الإسرائيلي الذي قام بتدميرها بالكامل قبل انسحابه منها، لتظل شاهدة على الوحشية الإسرائيلية ومدى استخفافها بالمعايير الإنسانية والدولية.
وقد أسفرت الحرب التي قادها من الجانب السوري القائد الخالد رئيس الجمهورية العربية السورية آنذاك والقائد العام للقوات المسلحة الفريق حافظ الأسد إلى تغيير كبير في موازين الصراع العربي – الإسرائيلي، وأكدت هذه الحرب على قدرة العرب على تحقيق إنجازات كبيرة إذا ما توحدت إرادة القتال فيما بينهم، كما برهنت من جانب آخر على ضرورة أن يمد العرب أنفسهم بأسباب القوة وفقاً لمعاييرها الحديثة، لأنها الوسيلة الوحيدة لاسترجاع الحقوق العربية الضائعة.
مواضيع ذات صلة: