فرقة أورنينا تقدم الإلياذة الكنعانية على مسرح الأوبرا
ختام فعاليات القدس عاصمة الثقافة العربية
27/كانون الثاني/2010
بحضور المهندس محمد ناجي عطري رئيس مجلس الوزراء وعدد من السادة الوزراء وحشد كبير من الحضور، قدمت فرقة أورنينا للرقص المسرحي الملحمة التاريخية الغنائية «الإلياذة الكنعانية»، على دار الأسد للثقافة والفنون وعلى مسرح الأوبرا مساء الاثنين 25 كانون الثاني 2010، من تأليف الأستاذ محمود عبد الكريم ، رؤية وإخراج مؤسس الفرقة الأستاذ ناصر إبراهيم، والموسيقى والتوزيع الموسيقي الأستاذ وليد الهشيم، وذلك احتفالاً بالقدس عاصمة الثقافة العربية 2009.
كانت أرض كنعان أرضَ الملحمة المستمرة منذ آلاف السنين، ومعبراً من آسيا إلى إفريقيا وبالعكس، منها مرت الأقوام والتجار والمحاربون والحجّاج والبحارة والمغامرون، ولكن الفلسطيني عاش فوق هذه الأرض، انغرس فيها، زرع وحصد وأحب وحلم وقاتل واستشهد. لقد مر الهكسوس، الحثيّون، الفراعنة، الفرس، الروم، والبيزنطيون كلهم على هذه الأرض. لكن الكنعاني بقي في أرضه يفلح بيد ويقاتل بأخرى، بالحجر، بالسيف، بالسكين، والقبضات، وهو رغم الهول يعشق ويغني ويبدع ويهب الحياة ألقها وجدارتها، وحينما تظمأ الأرض يهبها دمه. إن الفلسطيني الكنعاني العربي قدرة نادرة، لقد كسر منذ زمن طويل رهاب العدو واستنفر روحه وجسده وقيمه في معركته الدائمة للحفاظ على هذا المكان (الأرض المقدسة). وهو لا يتعب ولا يتراجع وقد ضرب عبر التاريخ أمثولات نادرة في عشق الحياة والأرض. وهو ما يفتأ يطلق ناياته في جبال الجليل، ومرج ابن عامر وجبال النار. تحت أسوار عكا تكسرت رايات ريتشارد الإنجليزي وملوك الفرنجة، وعلى أسوار القدس سال العبير الأحمر غزيراً، دهراً وراء دهر، دفاعاً عن أمثولة «الناصري» عليه السلام، من أجل الإخاء والحب والسلام والإنصاف.
منذ دهور والإلياذة الفلسطينية، في لجة الصراع الملحمي، في قلبه وعينيه. والأجيال جيلاً وراء جيل، تدافع عن الهواء والموج والجبال والزيتون والحبق والزعتر البري وقطعان الأغنام، وعن الحق والحرية. في أرض فلسطين نشوء الرقص الأول، الزراعة، الموسيقى، الحب، تاريخ فلسطين، ومراحل أطماع اليهود في أرض كنعان بدءاً من ما فعلت أيديهم السوداء في صلب السيد المسيح، وانتهاء ببناء الجدار العنصري وهدم البنى التحتية للأقصى بحجة البحث عن حائط المبكى (هيكل سليمان)، وما بين الفترتين تتعاقب الأجيال. قد تكثر المخيمات والقتل والدمار ولكن يبقى الحلم واحداً، وتبقى الأرض عربية مهما كلف الأمر.
هكذا تقدم أورنينا عملها «الإلياذة الكنعانية»، حيث تتداخل الرموز بين كلمات الأخوين رحباني وأغاني فيروز «طلعنا على الشمس ..»، ويصدح صوت إلياذة الشعر الفلسطيني محمود درويش: «أيها المارون بين الكلمات العابرة، اجمعوا أشياءكم وانصرفوا ..». ويختتم العرض بلوحة غنائية راقصة من التراث الفلسطيني الجميل.
الإلياذة الكنعانية، مسرحية غنائية شعرية ملحمية درامية، تعتمد الأداء الاستعراضي التمثيلي الغنائي، لأن الملحمة الفلسطينية تقتضي الدراما (التمثيل والحركة الجماعية الغنائية الاستعراضية)، فهي الأقرب إلى روحها وقيمها ورمزيتها. يمكننا القول بأن هذا العرض كان متكاملاً من النص إلى الديكور والإضاءة واللوحات الراقصة والأغاني التي تقدم بصوت المغني السوري شادي العلي، معتمداً على التراث الفلكلوري والشعري الخصب من أناشيد الكنعانيين القديمة إلى أشعار محمود درويش.
مشهد من الإلياذة الكنعانية لفرقة أورنينا
الغاية من هذا العمل هو تقديم عمل ملحمي يبقى في الذاكرة الشعبية برؤية معاصرة تعرّف بالقضية الفلسطينية، فقد سميّ العمل «الإلياذة الكنعانية» لأن لكل شعب «إلياذته» التي تمجّد وتروي صمود هذا الشعب الذي وقف منذ حوالي ثلاثة آلاف عام في حمى صراع لا يتوقف من أجل الأرض والحياة والسلام والحرية، وهي «ملحمة» لم يخضها شعب في التاريخ بهذه الديمومة والصبر والإصرار والبطولة، وفوق ذلك يملأ قلب خصومه بالغيظ المميت.
فريق الإلياذة الكنعانية:
تأليف النص: الأديب والشاعر محمود عبد الكريم.
التأليف والتوزيع الموسيقي: وليد الهشيم.
كريوغراف: ناصر إبراهيم.
السينوغرافيا والإضاءة: ماهر الهربش.
الديكور والإكسسوار: محمد كامل.
تصميم الأزياء: ناصر إبراهيم ومحمد رحّال.
تنفيذ الأزياء: ماهر الصفدي.
التنسيق الإعلامي والصحفي: مزنة الأطرش.
مدير التسويق: وسام الصاوي.
متابعة إدارية: محمد رحّال ونضال إبراهيم.
تصميم البروشور: جمال الأبطح.
الإعداد البدني للراقصين: الخبير ألكسندر دونتس.
الإعداد البدني للراقصين: الخبيرة ناتاليا دونتس.
رؤية وإخراج: ناصر إبراهيم.
تسجيل الموسيقى: استوديوهات الفنون، عمّان - الأردن.
مهندس الصوت: أيمن عبد الله وأحمد أبو عريش.
صوت كنعان: مغني الأوبرا شادي العلي.
كمنجات: جورج أسعد، فراس حتر، عبد دخان، قصي عبد الجبار، تيمور إبراهيموف، محمد طهبوب، يعرب أسميرات، وأيمن أسميرات.
فيولا: فراس حتر، صلاح النيبالي، وخالد ياغي.
تشيللو: فهد الخطيب، محمد أمين، وفادي.
صولو الناي: نور أبو حلتم.
دادوك: سورين.
إيقاعات: صفاء ناظم وصلاح جار الله.
العود: همام سعيد.
قانون: عبد الحليم الخطيب.
كلارينيت: هايك مازيميان.
فلوت: أمير خانيان.
أوبوا: أحمد علي.
كورال شباب: أحمد رامي، سليمان عبود، رامي شفيق، فادي غسان، وشعلان محمد.
كورال بنات: هيفاء كمال، بيسان كمال، عبير الصباغ، لورين حتر، وسمر دحدل.
فنانو أورنينا: أحمد سلامة، نور أبو العردات، محمد البريدي، يولا سبرونوفا، أحمد الخطيب، أمجد يوسف، نيرمين أبو إسماعيل، مي الحارس، مرام بهلوان، مها الأطرش، سندس نصر الدين، سامر منصور، محمد عباس، أحمد زهير، عرفان المصري، مالك المصطفى، علاء ناصيف، نسرين ضاهر، طارق اللداوي- سعيد الدملي، محمد زهير حلبي، أنس عبد العزيز، بلال طبارة، أحلام محفوض، ياسمين النجار، عماد قبيطري، مروان شمّا، محمد محمود الحلبي، كارينيه كوشكريان، أمل النبواني، ثائر زعطوط، عبد الله عبد الله، عامر عبد الله، نغم عزّام، مرح محمد- ميلاد محمد، محمد السبع، ريما مقداد، ومحمد مرسي.
مشهد من الإلياذة الكنعانية لفرقة أورنينا
فرقة أورنينا للرقص المسرحي:
تأسست فرقة أورنينا للرقص المسرحي عام 1993 باحتضانها لمجموعة من الراقصين المحترفين. وقد استطاعت أن ُتعرّف عن نفسها كسفيرة للشرق، من خلال تميزها بتقديم الماضي والحاضر بسحرٍ شرقيٍ إلى العالم بأكمله. وقد أثبتت طيلة هذه السنوات أنها مؤسسة ثقافية وفنية تشكل حالة حضارية متقدمة في الوسط الفني ككل، من خلال عروضها وراقصيها الذين مثّلوا الوجه الحضاري
لسورية.
ومن أهم أعمال الفرقة: الملحمة الغنائية «الخيل والهيل»، العمل الغنائي الراقص «طوق الياسمين»، مسرحية «الصوت»، أوبريت «الربّان والقوافي»، البانوراما الاحتفالية «رايات العودة»، العمل المسرحي «وطن الأمجاد»، العمل المسرحي «العود عبر التاريخ»، أوبريت «أنشودة العروبة»، الأوبريت الاحتفالي «الضوء الأول»، العمل المسرحي «شرقيات»، الاحتفالية الغنائية «الملاذ»، والعمل المسرحي «حلم من الشرق».
وقد قدمت هذه الأعمال في العديد من دول العالم نذكر منها: فرنسا، تركيا، مصر، المغرب، الجزائر، الكويت، الإمارات العربية المتحدة، السعودية، البحرين، قطر، عُمان، لبنان، الأردن، وسورية. كما حازت الفرقة في مجمل مشاركاتها على العديد من الجوائز وشهادات التقدير.
كان لموقع «اكتشف سورية» لقاء مع الفنان ناصر إبراهيم -مدرب ومؤسس فرقة أورنينا- الذي حدثنا عن رؤيته للعمل قائلاً: «لكل مشروع حلم، والإلياذة الكنعانية حلم من أحلام أورنينا وقد تحقق. عمل يحكي قصة الشعب الفلسطيني، يحكي نضال هذا الشعب، تاريخ الجذور الفلسطينية وأصالته من كنعان إلى يومنا هذا، والوقوف عند أبرز المحطات التي عاشها هذا الشعب المقدام. إني أعتبر أن هذا العرض يشكل نقلة نوعية في حياة فرقة أورنينا، حيث سبق لنا وقدمنا أعمالاً تحكي قصة عمان والإمارات والبحرين، ومؤخراً قدمنا "طوق الياسمين"، وهي تحكي قصة
دمشق، وباعتقادي أنه حان الوقت لنحكي قصة فلسطين، هذه القضية التي تشغل العالم، متنياً أن نكون قد قدمنا لهذه القضية ونضال الشعب الفلسطيني شيئاً يليق به وبمعاناته». وكإهداء لهذا العمل، تابع إبراهيم: «نهدي هذا العرض إلى روح الشاعر الفلسطيني الكبير محمود درويش، الحاضر بقصائده في العرض من البداية إلى النهاية، وهو موجود كناي لهذا العمل. فألف تحية إلى روح محمود درويش، ونحن نقدم هذا العرض في ختام احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وأتمنى أن يكون ختامها مسك».
إدريس مراد
اكتشف سورية