الصفحة الرئيسية | شروط الاستخدام | من نحن | اتصل بنا
|
كأيّ فلسطيني، تحملُ حقيبة ذاكرتها في رأسها، وتلهج دائماً (بشؤون الذكريات). الفنانة الفلسطينية سامية حلبي، والتي تقيم معرضها في غاليري أيام مع مجموعة من الفنانين هم نصوح زغلولة، ومنير شعراني، ونديم كرم، تتحدث إلى «اكتشف سورية» عن مشاركتها بشكل خاص في هذا المعرض، وعن مسيرتها الفنية التي قارب عمرها نصف قرن في عالم التشكيل أمضتها مدرّسة للفنون في جامعات ومعاهد الولايات المتحدة الأمريكية حيث تقيم.
ماذا عن لوحاتك التي تشاركين بها في هذا المعرض؟
هذه اللوحات بشكل عام أعتمد فيها على ألوان الطبيعة، وهي بالفعل لوحات أسعى فيها إلى محاكاة التكوينات الموجودة في الطبيعة وإن بلغة تجريدية، وقد استوحيتها لتمثل حالتان طبيعيتان هما الصباح والربيع مع الابتعاد الكامل عن الانطباعية التصويرية التي تنقل الواقع كما هو، إنّما اعتمدت إحساسي الداخلي لتصوير هذه الحالات التي قمت برسمها، وكما قلت استخدمت ألوان الطبيعة، إضافةً إلى تقنية التجريد هذا من ناحية، ومن ناحية أُخرى فقد اعتمدت على استخدام الخط العربي في اللوحة أيضاً بلغة تجريدية واضحة لا يظهر الخط فيها بشكل جلي إنّما يتحسس الناظر نكهته في تفاصيل الخطوط المتموضعة في اللوحة.
قلت أنك استخدمت في لوحاتك الخط العربي، لماذا؟
الخط العربي بالنسبة لي لغة كاملة ومتكاملة في نفس الوقت، وله شيء من معاني التجريد العالي، وهو يعني الكثير ويوحي لي بالكثير أيضاً فأحياناً يمثل الحد الفاصل بين مكانين أو زمنين، وأحيانا أستطيع تخيله الخط المستقيم المفضي إلى غاية أو مكان ما، كلّ هذا هو الخط بكل تجلياته. وهكذا أرى الخط يوحي لي في كثير من المواضع وفي كثير من المواضيع أيضاً.
في كلّ لوحاتك تعتمدين التجريد كتقنية عمل وفي حديثك تؤكدين عليه، لماذا هذا الاعتماد على التجريد؟
التجريد في البداية هو لغة واقعية بدأت بسيطة ثمّ أخذت بالتراكم والتطور ما لفتني إليه كمدرسة وأسلوب عمل، ومن ناحية أخرى نشأ التجريد على يد فئة من الرسامين لا تريد أن تمدح أحداً سواء كان حاكماً أو طبقة اجتماعية في وقت كان الفن التشكيلي كله يسير نحو إرضاء من يريد اقتناء اللوحة، لذا فأنا أراه فنّ يهتم بالناس وقضاياهم ولكن بلغته وتعابيره الخاصة. والتجريد اليوم تعدى إلى غيره من حقول الإبداع فتقنية الغرافيك خرجت من رحم التجريد وهذا شيء مهم جداً، وإنّي أرى المستقبل للتجريد على عكس ما يظن البعض أن المستقبل لفنانين ما بعد الحداثة الذين منهم من يشوه اللوحة.
هل هذا موقف من فناني ما بعد الحداثة؟
في البداية ما قصدتهم هم فنانون اعتمدوا ما بعد الحداثة من غير العرب أما العرب فالأغلبية كانوا فنانين مقلدين للمدارس الغربية فقط لا غير دون معرفة تاريخها، إذ هناك من استخدم مدارس ما بعد الحداثة في الغرب لإرضاء جهات معينة على حساب قضايا مثل قضية فلسطين، لكن من ناحية أخرى أنا لست ضد أي لغة جديدة تفرض نفسها بقوة على الساحة التشكيلية، ويجب أن نتمكن من توظيفها كشعب عربي لديه حضارة وثقافة كبيرة، وأؤكد هنا على استخدام الرسم خاصة وأنّه يعتبر لغة عالمية تنتشر في كلّ العالم ولا تحتاج إلى ترجمة.
ماذا عن مشاركاتك فيما يخص القضية الفلسطينية؟
في هذا المجال عملت على مجموعة من الملصقات التي تصور مراحل من مأساة فلسطين الممتدة على مدى 60 عاماً ونلت الجائزة الأولى في طهران كما قمت بأعمال توثيقية لمجازر كفر قاسم ودير ياسين وغيرها. لكن المشكلة هي ضعف الإمكانيات فلا يوجد لدى الفنان ما يساعده ليقيم ثورة إنّما لدينا بعض النشاطات فقط وفي هذا المجال، أنا أيضاً عضو في لجنة الجسر لتي تعمل على خدمة القضية الفلسطينية وساعدنا من خلالها في إقامة معرض صنع في فلسطين في واحد من أهم متاحف الولايات المتحدة الأمريكية. كما لدينا مؤسسة العودة الناشطة في نفس المجال وأصبح لنا عدة فروع في الولايات المتحدة وكندا.
ما هي المصاعب التي تواجهونها في عملكم؟
أولاً العنصرية القوية الموجهة ضدنا في كلّ وقت، والاهتمام الكبير باليهود على حساب العرب والمسلمين، كل هذا مما يواجهنا بشكل يومي فهناك من لا يريد الاعتراف حتّى بوجودنا كعرب، وهذه الظواهر أخذت بالتفشي أكثر بعد أحداث 11 أيلول التي غيرت حياة كثيرين من العرب والمسلمين المقيمين في الولايات المتحدة والفنانون التشكيليون العرب هم من جملة من تغيرت حياتهم أيضاً.
بما أنك فنانة مقيمة في الولايات المتحدة وزياراتك إلى سورية متكررة، كيف تنظرين إلى الساحة التشكيلية السورية؟
في البداية سأتكلم عن الفنانين المشتركين معي في هذا المعرض، فأعمال منير الشعراني أراها تأخذ قوانين الخط العربي وتضيف عليها تجديداً من حيث الشكل وهذا مما يستحق الوقوف عنده، من ناحية أخرى أرى في صور نصوح زغلولة شيء ما يشبهني ويشبه أعمالي، وهناك خصوصية للوحة التشكيلية السورية تميزها عن بقية المنجز التشكيلي العربي ربما علاقات الود والتجمعات في الحياة السورية هي التي تنعكس على اللوحة أيضاً حتى أن لديكم في سورية من اهتم برسم الجموع والشخوص وأذكر هنا تجربة أحمد معلا الممتدة أكثر من عشرين عاماً، كما أرى في رسومات فادي يازجي وتشخيصه للوجوه التي رسمها في معرضه المثير للجدل والجميل في المرة الأخيرة نفس الحيثيات والخلفيات كل هذا برأيي يميز اللوحة السورية عن غيرها.
والجدير بالذكر أنّ الفنانة سامية حلبي مواليد القدس، عام 1936.
في العام 1948 هاجرت سامية حلبي مع عائلتها إلى بيروت أولاً، ومن ثمّ إلى الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصلت على شهادات في الفنون الجميلة من جامعة سينسيناتي (1954-1959)، وجامعة ولاية ميتشغان (1959-1960)، وجامعة إنديانا (1961-1963). خلال السنوات الثماني عشرة اللاحقة، درّست بشكل كثيف كأستاذ مساعد وأستاذ في جامعات مثل جامعة هاواي، ومعهد الفن في كنساس سيتي، وجامعة ميتشغان، وكلية الفنون في جامعة ييل (1972-1982).
أقامت الحلبي معرضها الفني الأول في القاهرة عام 1971. ومن ثم تتالت معارضها في جامعة ييل (1972)، وبريدج بورت في كينيتيكت (1983)، وعمان في الأردن (1995)، ودمشق في سورية (1997)، وبيروت (1999)، ورام الله في فلسطين ومدينة نيويورك (2000).
اليوم نعثر على لوحاتها وأعمال الحفر الطباعي التي أبدعتها ضمن مقتنيات معهد الفن في شيكاغو، ومتحف غوغينهايم، وغاليري نيلسون روكهيل للفن، وغاليري جامعة ييل، ومعهد تاماريند، ومتحف صحراء بالم سبرينغز، والمتحف البريطاني في لندن، ومعهد العالم العربي في باريس. هي التي تعتبر واحدة من أبرز الفنانين الفلسطينيين المعاصرين، والتي تتميّز في الرسم والحفر الطباعي على حدّ سواء. وفي ذاكرتها ووجدانها ما زالت تحتفظ بذكريات قوية حول القدس التي تركتها وهي لا تزال تحمل شخصية مدينة عربية قديمة.
اكتشف سورية
المشاركة في التعليق