فرقة جسور في غاليري مصطفى علي
جسور غناء بين الماضي والحاضر

20/نيسان/2009

المكان «غاليري مصطفى علي»، الزمان يوم الثلاثاء 14 نيسان 2009، وموعد مع أمسية غنائية لفرقة «جسور»، هذه الفرقة التي اعتمدت على التراث الأصيل لدخول بوابة الزمن، وهذه الغاليري التي عودتنا على نشاطات ثقافية نوعية ومميزة، تُغني النشاط الثقافي الدمشقي بفعالياتها المتعددة في دارها العربية الجميلة والعتيقة، ففيها عبق الشام وأصالة الشام، إضافة إلى أصالة الموسيقى في هذه السهرة المميزة.

أعادتنا فرقة جسور إلى أيام مضت من الأصالة والصدق في الكلمة واللحن من خلال لوحة فسيفسائية موسيقية متعددة الثقافات والبيئات الموسيقية، وما لم يكن متوقعاً، هو وجود هذا الانسجام والتجانس بين المكان (غاليري مصطفى علي) وما تقدمه فرقة «جسور» من روائع التراث العراقي والسوري، ليكتمل المشهد بزخات من مطر نيسان فاحت من خلالها رائحة الماضي العتيق، وموروث الأجداد الخصب الذي لا تنفذ خزائنه من الأسرار، ولتنطلق من حجارة المكان أرواح مَن كانوا، ليستمعوا إلى مقطوعات تمجد الحب والحزن والفرح.

ضمت الفرقة كلاً من: صلاح عمّو على البزق - سليم سالم على العود - محمد خضر على القانون - فراس حسن على الإيقاع - مزكين محمد وباسم الجابر على الكونترباص - محمد كدر على الناي - صهيب سمان عازف تشيللو - والمغنيتين منال سمعان وليندا بيطار.

في بداية الأمسية قدمت الفرقة رقصة أرمنية من التراث الأرمني، ومن التراث العراقي غنت المغنية منال سمعان أغنية «مرّوا بنا مِن تمشون» وأغنية «سيد الهوى قمري» للملحن السوري محمد محسن، كما شدت بأغنية «ما ريده» من التراث العراقي، ثم عزفت الفرقة قالب سماعي من تأليف الموسيقي التركي يوردال كوتجان، وأبدعت المغنية لينا بيطار من التراث الحلبي بأغنية «ومن الشباك لرميلك حالي»، وشدت أيضاً بموشح من تأليف الموسيقار الفلسطيني روحي الخمّاش، لتغني أيضاً بإحساس رائع أغنية «أهواك» للفنان زكي ناصيف، ثم قدمت الفرقة قطعة موسيقية بعنوان «سلاف» من مؤلفات الفنان العراقي غانم حداد، ثم غنت منال سمعان من التراث العراقي أغنية «طالعة من بيت أبوها»، لينتهي الحفل بأغنية «فوق النخل» من التراث العراقي.

«اكتشف سورية» حضر الأمسية الغنائية وحاور مدير فرقة جسور السيد صلاح عمّو الذي قال: «تأسست الفرقة في عام 2007، الفكرة بداية كانت بيني وبين الأستاذ سليم سالم كنوع من الديتو (ثنائي غنائي)، ثم أسسنا هذه الفرقة وأسميناها فرقة «جسور». تتكون الفرقة من ثمانية موسيقيين، وتنتمي لبيئات ثقافية مختلفة من سورية والعراق، وما نطمح إليه هو مد جسر بين الفرقة والجمهور من خلال تقديم ثقافاتنا وبيئاتنا المختلفة، والمحافظة على الموزاييك المتنوع الموجود في المنطقة». ويضيف الفنان عمّو: «ما يميّز هذه المنطقة من العالم هو تعدد الثقافات والحضارات التي انعكست على الموروث الغنائي، وأن نشاهد أكثر من لون غنائي من كل ثقافة وحضارة في حفلة واحدة، نكون قد نجحنا في شد الانتباه لهذه الثقافات المتنوعة، والغاية الجوهرية هي خلق حالة من المتعة الجميلة بكل مقاييسها لدى الحضور».

وعن الحفلات التي قدمتها الفرقة يقول الفنان عمّو: «قدمنا أمسيات في كثير من الأماكن منها خمس حفلات في دار الأوبرا السورية ومسرح الدراما ومسرح القاعة ذات الاستعمالات المتعددة، وكرمنا بحفلات خاصة عدداً من الموسيقيين منهم روحي الخمّاش من فلسطين وناظم الغزالي من العراق وسنكرم مستقبلاً مؤلفاً موسيقياً سورياً سنعلن عنه في وقت لاحق».

من جانبه يقول الأستاذ والفنان سليم سالم: «أنا متواجد في سورية منذ عام 2001 ومعرفتي بالفنان صلاح عمّو قديمة، فقد درّسته المقام الموسيقي العراقي، ثم بدأنا كثنائي وتطورت إلى أن كوّنا هذه الفرقة».

وعن أهداف الفرقة يقول الأستاذ سليم سالم: «حددنا أهدافها مسبقاً في التركيز على التراث الغنائي الكبير لهذه المنطقة، فهذه الفرقة عبارة عن جسور تربط بين ثقافات وحضارات غنائية وموسيقية من بلاد الرافدين وبلاد الشام».

ويضيف: «قدمنا عدة حفلات ومنها حفل ناجح في دار الأسد للثقافة والفنون، تناولنا في هذا الحفل الآثار الغنائية والموسيقية للفنان الفلسطيني روحي الخمّاش وهو من مدينة نابلس، وقدمنا أيضاً حفلاً عن ناظم الغزالي في دار الأسد، ونسعى الآن لتقديم تراث حلب وبغداد في شهر حزيران في دار الأوبرا. وسنشارك في الأسبوع الثقافي العراقي الذي سيقام في دمشق في شهر أيار القادم، وهناك احتمال كبير بزيارة العراق».

وعن الفنان روحي الخمّاش يقول الأستاذ سالم: «عاش الموسيقار روحي الخمّاش في بغداد خمسين عاماً وتوفي ودفن فيها، روحي الخمّاش ملحن وموسيقي وعازف كبير، تربطني به علاقة خاصة، فهو أستاذي الذي درسني سبع سنوات في بغداد».

وحول نقاط التشابه بين التراث الغنائي السوري والعراقي يقول الفنان سالم: «هنالك لمسات مشتركة بين هاتين البيئتين، ولكن الفرق البسيط يظهر في إدخال بعض الإيقاعات التي قد لا تكون موجودة في المنطقة الأخرى، وأسلوب الأداء والستايل الغنائي قد يكون مختلفاً، لكن الروح تقريباً واحدة والمقامات تقريباً متساوية إضافة للغة الواحدة».


من جانبها عبرت المغنية منال سمعان عن سعادتها في المشاركة بهذه الأمسية الغنائية قائلة: «في العادة نكون متوترين قبل أي حفل نقدمه على خشبات المسارح، ولكن الأمر هنا مختلف. فغنائنا للأغاني التراثية في بيت دمشقي قديم، وبوجود هذا الحضور الرائع، خلق جواً حميمياً رائعاً وكأنني أغني في بيتي».

وعن الغناء التراثي وما يعطيه للمغني من ثقة كبيرة تقول المغنية منال: «برأيي يجب على أي مغني أن يبدأ من التراث، لأنه يعطي أرضية صلبة لفهم ثقافة البلد الذي ينتمي إليه».

وعن تجاربها الغنائية السابقة تقول سمعان: «بالنسبة للموسيقى العربية، أغلب مشاركاتي كانت مع الفرقة السمفونية الوطنية للموسيقى العربية، وفرقة الرواد، وفرقة قوس قزح. وقد شاركت منذ سنتين مع الأستاذ زياد الرحباني في ست حفلات، وقريباً لدينا حفلات مع الأستاذ زياد الرحباني في أكثر من محافظة سورية، وشاركت أيضاً بحفلتين مع الأستاذ مارسيل خليفة في دار الأوبرا.

أما بالنسبة للموسيقى الغربية فأنا خريجة أوبرا من المعهد العالي للموسيقى وقد شاركنا في افتتاح دار الأوبرا، ودائماً لدينا مشاركات في حفلات مع الأوركسترا السورية وكورال المعهد العالي للموسيقى وحالياً أنا مع كورال الحجرة بقيادة فيكتور بابينكو».


مازن عباس
اكتشف سورية

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك