اكتشافات أثرية في حلب تدل على ازدهار المنطقة الثقافي

26/كانون الثاني/2009

أنهت البعثات الأثرية العاملة في المواقع الأثرية بمحافظة حلب موسمها التنقيبي للعام الماضي محققة عدداً من الاكتشافات الهامة التي ألقت الضوء على أغلب الفترات التاريخية.

وبين الدكتور يوسف كنجو -رئيس شعبة التنقيبات الأثرية في مديرية الآثار والمتاحف بمحافظة حلب- أنَّ البعثات البالغ عددها 21 بعثة بدأت موسمها التنقيبي في الشهر الرابع من العام المنصرم، وقامت البعثة الإنكليزية بمسحٍ أثري في منطقة جرابلس تمكنت من خلاله تحديد ما يزيد على 25 موقعاً أثرياً العديد منها لم يكن معروفاً.

كما اكتشفت البعثة الفرنسية العاملة في قلعة سمعان حماماً أثرياً يعود إلى الفترة البيزنطية، يقع على الجانب الغربي من القلعة وفيه لوحة موزاييك تتميز برسوماتها الهندسية، أما البعثة السورية اليابانية العاملة في كهف الديدرية شمال حلب منذ عشرين عاماً، فكشفت عن أدواتٍ حجرية يبرودية تعود إلى نحو 300 ألف سنة وبقايا طفل نينا درتالي هو الثالث من نوعه في الكهف ويعود تاريخه إلى ما قبل 50 ألف سنة، وتُشير هذه الاكتشافات إلى الأهمية الأثرية والتاريخية لكهف الديدرية الذي يُعد من أهمِّ الكهوف العالمية، حيث سكنه الإنسان قبل 300 ألف سنة وتعاقبت عليه أهم ثلاث حضارات وهي الحضارة البيرودية والموستيرية والنطوفية.

وأضاف أنَّ البعثة الأثرية السورية اللبنانية العاملة في موقع النبي هوري كشفت عن جزءٍ من الطريق الروماني وسط المدينة، إضافةً لاكتشاف كنيسة ولوحة موزاييك غاية في الأهمية، وجزء من سور المدينة، أما البعثة الأثرية الفرنسية العاملة في موقع جعدة الغارة فعثرت البعثة على لوحاتٍ فنية مرسومة على جدرانٍ طينية هي الأقدم في العالم، ويقوم العاملون في البعثة بالعمل والتحضير لنقل هذه اللوحات من الموقع الأصلي إلى متحف حلب الوطني بعد الانتهاء من الترتيبات الخاصة بذلك.
وتمكنت البعثة الأثرية الوطنية العاملة في تل العبر الثالث الأثري من اكتشاف بيٍت دائري محفور ضمن الأرض، بنيت الجدران الداعمة له من الحجارة الكلسية المنحوتة على شكلٍ طولاني، كما احتوى حجراتٍ صغيرة فيه لتخزين الحبوب والبقوليات، واحتوى على مصطبةٍ دائرية مرصوفة بالحجارة الكلسية.
ويُعتبر البيت مبنى جماعيا لأنَّه خدم هدفاً جماعياً لسكان القرية النيولوتية التي تعود إلى الألف العاشر قبل الميلاد، وعُثر بداخله على قرون ثور ضخمة، وكسر من أوان فخارية مزخرفة بزخارف هندسية، إضافةً لدمى طينية لحيوانٍ بري، ودمية من حجر الصوان تمثل الربة الأم، وأواني حجرية، وأدواتٍ صوانية كان يستعملها الإنسان في نشاطاته وأعماله، وساهمت الاكتشافات بإلقاء الضوء على تلك الفترة التي تُعتبر مفصلية في حياة البشرية لكونها اتسمت بالتنظيم الاقتصادي والاجتماعي.

وأضاف الدكتور كنجو أنَّ البعثة السورية البولونية العاملة في موقع تل القرامل على نهر قويق بالقرب من محافظة حلب كشفت عن أثار للسكن يعود تاريخها إلى نحو 12 ألف سنة قبل الميلاد، وهي عبارة عن بيوتٍ دائرية ومواقد حجرية.

وتابعت البعثة الأثرية في تل حالولة عملها في الكشف عن بدايات تدجين الحيوانات والزراعة، حيث كشفت عن مخازن للحبوب، وهياكل عظمية حيوانية وإنسانية يعود تاريخها إلى الألف السابع قبل الميلاد.
أما البعثة الأثرية الاسترالية العاملة في جبل خالد بالقرب من سد تشرين فقد تابعت أعمالها للكشف عن أسوار الموقع الهيلنستية والبيوت والمعابد، وقامت البعثة الفرنسية العاملة في موقع الحاضر قنسرين جنوب حلب بمسحٍ اثري وتوثيق لجميع الآثار الإسلامية في القرية الأثرية تمهيداً للقيام بالأعمال التنقيبية في الموسم القادم.

كما اكتشفت البعثة الأثرية البلجيكية في تل أحمر مدفناً أثرياً هرمياً يعود إلى الألف الثاني ويحوي العديد من اللقى الأثرية، في حين كشفت البعثة الأثرية الإسبانية في موقع تل العمارنة الواقع على الضفة اليمنى لنهر الفرات في منطقة جرابلس عن بيوت وأثار سكن تعود إلى الألفين الثاني والثالث قبل الميلاد، أما البعثة السورية الدانماركية العاملة في قلعة حلونجي بالقرب من نهر الساجور فعثرت خلال موسمها التنقيبي الأول على بقايا حصنٍ أثري مهم يعود إلى الألف الثاني قبل الميلاد، في حين عثرت البعثة الأثرية السورية الأمريكية العاملة في موقع بالس في مسكنة شرق حلب على مسجدٍ وقبورٍ تعود إلى الفترة الإسلامية.

وتدل المكتشفات في كلِّ عام في المواقع الأثرية بمحافظة حلب على الازدهار الثقافي في المنطقة، وعلى الامتداد الحضاري الواسع خلال مختلف العصور، ما يشكل عوامل جذب لعددٍ كبير من البعثات الأثرية من جميع أنحاء العالم للتنقيب في هذه المواقع الأثرية.


اعداد:حنان جنيكة
سانا

Creative Commons License
طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك