فضاء ريما سلمون

عيد التشكيل في صالة السيد

فضاء ريما سلمون

في احتفالية لافتة احتضنت صالة السيد بدمشق, معرضا تشكيلياً, بمناسبة عيد المرأة, شاركت فيه 22 فنانة سورية وعربية,ويمثل المعرض تظاهرة فنية وإنسانية وجودية, تطرح إشكالية الوعي والرغبة في الخلاص من بطش الإنسان والمادة على السواء, وتتميز اغلب الأعمال في بناءها التشكيلي الأكاديمي المتماسك, حيث تتفرد كل فنانة بمساحة من الخصوصية, لكنهن يتفقن في الطرح التعبيري والانفعالي, لإسقاطات الشعور في بعده الشخصي والجمعي.

أسماء الفيومي:
في لوحتها أنت أمام دراما تعبيرية عن الرحيل, وللمرأة فيها دور البطولة , في بؤرة العمل ثمة امرأة تشهد على الانهزام, وأخرى تحمل رضيعها بخوف, في مشهدية مسرحية متكاملة توصلك حافة الصرخة, وفي حوارية ألوانها الحيادية والدافئة تسمع موسيقى العاصفة, خطوطها المرتجفة تحول اللوحة إلى كيان متموج يشطر الوجوه إلى نصفين في خطوط عامودية قاسية, في دلالة رمزية إلى الشروخ النفسية التي أصابت الإنسان, اللوحة التي تقدمها(أسماء) دعوة إلى المتلقي ليكون شاهدا معها على الخوف, والخوف من الرحيل.

غادة دهني:
فنانة تمتلك أدواتها, وتتحرك بفضاء اللوحة بحرية وتوازن, ممسكة بأبعاد التصميم للوحة من حيث التكوين والبناء والحركة, وحركة اللون, إضافة للبعد ين الثقافي والجمالي حيث تترك خلفية اللوحة شرقية بنقوشها الزخرفية دافئة دفء الشرق في ارتباط متناغم مع موضوع اللوحة, المتمثل بصبية ممشوقة العنق, في إشارة لأعتادها بشرقيتها كامرأة, مؤكدة على سلامها الداخلي بعصافير تقف على يديها الممسكتان بورود بيضاء.

ريما سلمون:
أسلوبها النحتي في بناء اللوحة يعيدك إلى رسوم الكهوف, ويدخلك عالماً من الصدمة, حيث لا لون للشكل إلا الرمادي ودرجاته, على خلفية قاتمة ببعد واحد في غياب للأفق, يخيل إليك لوهلة انك أمام امرأة تحتضن امرأة في انصهار كلي للأنا في الآخر بتكثيف انفعالي حاد,لتكتشف بعد ذلك أن المرأة المحتضنة رجل ليس إلا ! بإسقاط لا شعوري لغياب الرجل الفاعل عن ساحة شعور الفنانة, ريما تختزل التشريح لتبقي التعبير متوهجا إلى أقصاه, وفي انسيابية خطوطها الناعمة والدافئة حرارة العاطفة المتقدة المتفشية على إيقاع الملمس الصخري البارد.

سارة شما:
لوحة واقعية تعبيرية, سريالية الفكرة بخصوصية متفردة, المعالجة اللونية متأنية ومتماسكة, من حيث توزيع الكتل والمساحات على امتداد اللوحة, وفي إيقاع الظل والنور على ثنيات ثوب المرأة حيوية متوهجة تخفف من حدة الثبات اللوني, المرأة في لوحتها تقف بتحد وثقة في نظرة إلى خارج اللوحة وثمة امرأة ثانية تنبثق منها يكاد يظهر جسدها, بينما رأسها واضح المعالم تنظر من خلاله إلى أفق اللوحة, في إشارة إلى ازدواجية لشخصية المرأة الشرقية, سارة تضيف للوحتها عمقا آخر حيث تقلب سماء اللوحة إلى أسفل, لتتمم فكرتها حول انقلاب القيم والمعاير المجتمعية, ولتكتمل الحركة في فضاء اللوحة تقذف بالكراسي إلى الأعلى حيث لا يمكن الجلوس عليها والاستسلام.

عتاب حريب:
تدخل إلى اللوحة الزيتية بإيقاعها المائي, لكنها تخفق في خلق بناء متماسك لعناصر اللوحة, من حيث اللون أو حركة الكتل وتوازنها, فتأتي لطخات اللون غير المدروسة لتكسر منظور اللوحة الهوائي, وتخلق تنافرا مستغرب؟! ومن حيث الموضوع تأتي المرأة بحس رخامي باردة, رغم ألوانها الحارة جداً, و باستعراضية ضعيفة لأنثوية الجسد, مما يدفع التعبير باتجاه حيادية المرأة حتى بالنسبة إلى جسدها.

هيلدا الحياري (الأردن):
أسلوبها الخاص في تشكيل اللوحة, يأتي بعيدا عن المدرسية, ويتخذ من اللون والدائرة شكل انفجارات كونية متتابعة بحركية دافقة لا منتهية, وذلك على فضاء اللوحة القاتم هيلدا تجوب عوالم فلسفة الدائرة وتوالد المادة وتحولها في عناصر الكون, وهي تطير إلى الفضاء الكوني في عملها أو تغوص إلى جزئية العنصر, بإيقاع موسيقي لوني تحتاج لسماعه إلى عينيك وعقلك.

لجينة الأصيل:
تفرض حضور لوحتها رغم اختزالية لافته للخط واللون, إلا أن الشكل المتلاشي للمرأة يخفي قوة تعبيرية إذ ما ربطت بين انفعالية الحركة وحيويتها وبين مساحات اللون الدافئة على خلفية الشكل الرمادية, وفي حوارية ضبابية بين المرأة والحمامة يبرز ضعف الانسجام الداخلي للمرأة, إلا أنها لا تفقد الأمل عبر الضوء القادم من أعلى اللوحة.

خلود السباعي:
اللوحة لديها قصة المرأة من الألف إلى الياء, من تفاحة الخطيئة إلى انفعالات الفرح والحب مروراً بحالات الانكسار والوجع, اللوحة مشهدية روائية لحياة المرأة عبر لوحات تعبيرية صغيرة, ببنائية هندسية غير متآلفة, حيث يفقد اللون توازنه لصالح فكرة الموضوع.

راجحة القدسي (العراق):
تتميز لوحتها بقوة الكتلة وتوازنها, وتناغم اللون مع الموروث الشرقي التاريخي في بعده الرمزي البابلي, حركة الخط تتلمس بعث الحضارة العراقية, وبتعبيرية رمزية تتداخل الصبيتين وفي نقطة التقائهما يسود الخير والسلام, كناية عن التقاء دجلة والفرات.

ليلى نصير:
المرأة المجنحة بجسد حصان تحمل أطفالها على ظهرها لتطير إلى الشمس, وشمسها الورد والخضرة, عمل تعبيري ببعد رمزي أسطوري, ترغب من خلاله بالخلاص بعائلتها (الوطن) من ضغط العنف والتدمير! ألوانها رومانسية شفافة وخطوطها لينة, وكأنها ترسم حلماً تقول (الحلم هو البديل).

سارة بكار (تونس):
عمل تزيني, غنى وتنويع بمساحات اللون, لكن تفقد للانسجام والترابط.

فايزة المغني (الجزائر):
تدخلك أجواء الفلكلور الجزائري بهيبة الأيقونة, عمل جمالي رومانسي, تؤكد من خلاله اعتزازها بتراثها وهويتها الشرقية.

فاطمة الحاج (لبنان):
تعتمد المباشرة اللونية, ويحتل الأحمر الدموي مساحة اللوحة, مما يفقدها توازنها, بالنسبة لباقي المساحات اللونية, المرأة مبهمة مساحة لونية حيادية إلا من تدرجات البنفسجي الخفيف, يترصد المرأة حيوان يشبه الهر, في غياب لتعبير انفعالي يؤكد فكرة اللوحة.

تمام الأكحل (فلسطين):
يصطدم بصرك أولاً بجدار سميك كناية عن الاحتلال, نازفا ًمن رصاصة, نافذة طولانية ضيقة تقطعها أسلاك شائكة تطالعك على الأفق, العمل تعبيري واضح الفكرة, إلا أنه يفتقد إلى المعالجة اللونية المناسبة للأفق.

ضحى قدسي:
لوحة رمزية تعبيريه, تختزل النساء إلى خطوط أو مساحات لونية تتميز بحرارة الحركة, في مشهد راقص تحت الشمس باعتبارها (الرجل في التحليل النفسي) وهذا الرقص لتفريغ الضغط الذي يسببه الرجل, العمل منفذ على قطع من الخزف المعالجة بعد تلوينها بالفرن.

جزلة الحسيني:
تعمل على خامة الجلد الملون, بتكوين هندسي نافر للشخوص والبيوت, توزيع متوازن للكتل, في إطار حركية مرنة للخط, البعد التعبيري للوحة يظهر برودة العلاقات الإنسانية.

ماسة أبو حبيب:
لوحة تعبيرية, تطالعك بأجواء لونية دافئة, تقسم فضاء اللوحة إلى أربعة أقسام, وردة, ونصفي وجه, وامرأة خلفها مزهرية, في رفض أن تكون المرأة جمال للعرض.

نازلي مدكور (مصر):
عمل يضج بالحركة والغنائية, انفعال حميم تجاه القرية والبيت, يظهر بعفوية الخطوط المتراقصة, فرح المرأة بمقدمة اللوحة يعكس هذا التوافق الجميل بينها وبين مجتمعها.


عمار حسن