مفاهيم لقراءة موضوعية للتاريخ العثماني

ملخص بحث الدكتور وجيه كوثراني - لبنان
في مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة


(إعادة رؤية التاريخ العثماني)
أربع منطلقات مفاهيمية ينبغي أن تؤخذ بالاعتبار في معالجة التاريخ العثماني:

1- اندراج التاريخ العثماني في منطق ومسار التاريخ الإسلامي العام، ولا سيما في النطاق الذي درسه ابن خلدون في باب نشأة الدول في مسار الجدلية القائمة بين العصبية والدعوة.

2- اندراج هذا التاريخ أيضاً في محيطه الجيو-تاريخي الحضاري المتوسطي والآسيوي، ولا سيما الواقع بين دائرتين مؤثرتين (الدائرة الإيرانية والدائرة العربية).

3- خضوع هذا التاريخ لقانون التغير في الأزمنة التاريخية، وفقاً للتوصيف الذي يقدمه المؤرخ فرنان بردويل، أي التفاوت في سرعة التغير بين الزمن الجغرافي-التاريخي شبه الثابت، وبين الزمن الاجتماعي-الثقافي بطيء التغير، وبين الزمن السياسي سريع التغير.

4- التميز بين الذاكرة الجماعية والكتابة التاريخية، فالأولى تنحو نحو «أسطرة» التاريخ ومزج الأزمنة التاريخية، والثانية تنحو ـ مبدئياً نحو عقلنة التاريخ وتفكيك أزمنته وتفسيرها، مثال ذلك: الذاكرة الجماعية (سواء لدى العرب أو لدى الأتراك) تقرأ التاريخ المشترك، إما من خلال ذاكرة عربية تستعيد إعدامات جمال باشا من جهة أو من خلال ذاكرة تركية تستعيد تداعيات الثورة العربية الهاشمية من جهة أخرى، هكذا مثلاً يختصر ويجمد تاريخ ستة قرون من التاريخ الإسلامي، ويبسط أربعة قرون من التاريخ العربي المرتبط جله بالسيادة العثمانية! فتتولد استعارات النبذ والتنابذ بفعل تكرار مصطلحات ذاكرة شفوية أو مكتوبة تكونت في لحظة من لحظات الزمن التاريخي.

انطلاقاً من هذه المنطلقات المفاهيمية والمنهجية الأربع، تحاول الورقة البحثية أن تعالج مسألة من المسائل المشتركة بين العرب والأتراك هي مسألة الهوية، ومسألة تعددها وتدرجها التاريخي بين مرحلة وأخرى: الهوية العثمانية، الهوية القومية بوجهيها العربي والتركي، الهويات الوطنية (القطرية) بعد لوزان 1923. وكل هذا كان يؤثر على الكتابة التاريخية التي تناولت التاريخ العثماني من مواقع إيديولوجية متباينة، إسلامية كانت أم قومية أو وطنية..

الورقة تحاول أن تفهم السياقات التاريخية لهذا التباين وتفسيره من أجل فهم موضوعي وواقعي للتاريخ العثماني المشترك القائم بين العرب والأتراك، بحيث يتأسس وعي تاريخي قادر عل الفصل والوصل معاً، أي قادر على التمييز بين لحظات الأزمنة الثلاث: الماضي والحاضر والمستقبل، دون قطع بين الأزمنة ولكن دون خلط في ما بينها في ذاكرة «شوهتها» أو «جملتها» أحداث عابرة ومتقلبة.


==
المصدر نشرة مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة 2010.

مواضيع ذات صلة: