الترجمة الأدبية بين الأصيل والوسيط في الساحة التركية


ملخص بحث الدكتور نور الدين جفيز - تركيا
في مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة

إن الإبداعات الأدبية الحقة التي تبدع أو تنتج في كل عصر وزمان تعبر أولاً عن فكر صاحبها، وتعبر ثانياً عن فكر المجتمع الذي عاش فيه هذا المبدع، فالإبداعات الفنية تعبر عن نموذج وجزء من الإنسانية جمعاء، وهذه الإبداعات تكمل بعضها بعضاً وتنصب في النهاية في تكوين صورة حقيقية للإنسانية بكل ما تحمل هذه الكلمة من معان، وإذا كان كل إبداع يكتب بلغة صاحبها، فالقارئ متشوق بمعرفة الوجهة الصحيحة والنقطة الحقيقية التي أرادها المبدع والتي شكلتها عصارة تجاربه وخبراته ورؤيته الفنية، ومن هنا تأتي أهمية الترجمة.

فالترجمة إما أن تصل إلى ما أراده الكاتب بحق وإما أن تحور وتغير هذه الوجهة، وفي الحقيقة إن الترجمة تعد عملاً صعباً لأن لكل لغة مفردات وتعابير خاصة بها، فهي دائماً تشق طريقها في إيجاد مفردات وتعابير مناسبة للغة المترجم عنها، وإن أي إبداع فني يترجم إلى أية لغة لا مفر من أن ينتقص من قيمته الفنية، هذا إذا كان الإبداع قد ترجم من اللغة المصدر مباشرة دون استخدام لغة وسيطة، فكيف كان الأمر إذا ترجم عن طريق لغة ثالثة أو أكثر، وهنا تبرز المشكلة الكبرى في عملية الترجمة.

ولا يخفى على أحد أن كثيراً من الإبداعات الفنية التي كتبت باللغة العربية أو التركية قد ترجمت إلى كلتا اللغتين وقد لاقت اهتماماً من قبل القراء سواء كانوا من العرب أو الأتراك، لكن هذه الترجمات كثيراً ما تمت عن طريق لغة ثالثة وسيطة. وهذه الحالة تخلق مشاكل لدى القاري الحقيقي الذي يريد أن يتمتع بالنص الذي يقرؤه ويستفيد منه في نفس الوقت، ومشكلة الترجمة المباشرة لها صلة حقيقية بالمثقفين والمشتغلين باللغة بصفة عامة، ولأجل هذا يجب عليهم أن يكثفوا جهودهم على الترجمة المباشرة دون استخدام لغات وسيطة لتأخذ الإبداعات الفنية دورها الحقيقي في مساهمتها في تعزيز العلاقات بين الشعوب.


==
المصدر نشرة مؤتمر العرب والأتراك.. مسيرة تاريخ وحضارة 2010.

مواضيع ذات صلة: