انطلاق حملة تشجيع القراءة للأطفال في حلب
برنامج إقليمي لتطوير أدب الأطفال في عدد من المدن السورية

09/تشرين الأول/2009

في مشروع اشتركت فيه جهات عدة ما بين مؤسسات حكومية وجمعيات أهلية ومنظمات دولية، انطلقت مع بداية شهر تشرين الأول الحالي حملة تشجيع القراءة للأطفال تحت عنوان «قال الراوي يا سادة يا صغار» بغرض تنشئة الأطفال على حب القراءة وممارستها كفعل اعتيادي من قبلهم تمهيداً لخلق مجتمع قارئ في نهاية المطاف.

وقد انطلق هذه المشروع في خمسة بلدان عربية حالياً هي: مصر، الأردن، فلسطين، لبنان، إضافة إلى سورية، والتي تم إنشاء تسع مكتبات للأطفال فيها أربع منها موجودة في دمشق، والباقي موزعة عبر المحافظات السورية والتي من ضمنها محافظة حلب حيث تم يوم الأحد 4 تشرين الأول 2009 افتتاح أول مكتبة عامة خاصة بالأطفال ضمن رحاب المركز الثقافي العربي في منطقة هنانو.

تم تمويل هذه المكتبة من قبل مؤسسة «أنا ليندا» الأورومتوسطية والتي تقول عنها السيد نوال الطرابلسي، مسؤولة البرامج والمشرفة على البرنامج الإقليمي لتطوير أدب الأطفال والقراءة في مؤسسة «أنا ليندا»: «إن مؤسسة أنا ليندا هي مؤسسة أورومتوسطية تضم 43 دولة أوروبية إضافة إلى كل دول حوض البحر المتوسط. مقر هذه المؤسسة الرئيسي هو مدينة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، واسم هذه المؤسسة هو على اسم وزيرة سويدية اغتيلت قبل بضعة سنوات إنما لا تتبع المؤسسة دولة معينة».

وتهدف هذه المؤسسة كما تقول السيدة نوال إلى تشجيع الحوار بين هذه البلدان حيث تأسست كإحدى نتائج مؤتمر الأمم المتحدة الذي أقيم في مدينة برشلونة في العام 2005 حيث تقول عنها: «هذا المشروع هو من بين المشاريع العديدة التي تقوم بها المؤسسة، وهو مشروع تموله مؤسسة "سيدا" السويدية، والتي قررت إطلاق مشروع يهدف إلى تعزيز القراءة في خمسة بلدان عربية بهدف تطوير فكرة القراءة لدى صغار السن وخاصة الفتيات وهي الفئة التي إذا ما تطورت تطور معها المجتمع، إضافة إلى استهداف الفئات الفقيرة غير القادرة على شراء الكتاب».

وتتابع السيدة نوال موضحة: «إن آلية المشروع قامت على التعاون مع الجمعيات التي تهتم بموضوع تطوير القراءة لدى الأطفال، ومن ثم جرى التنسيق مع عدد من الوزارات مثل وزارات التربية والثقافة والشؤون الاجتماعية والعمل لإنشاء شبكة ما بين هذه الجهات مما أفضى في نهاية الأمر لإنشاء تسع مكتبات خاصة بالأطفال ضمن تسع مراكز ثقافية عبر كامل القطر السوري. وقد قررنا اختيار المراكز الثقافية كأمكنة لوضع مكتبات الأطفال فيها لأن تمتلك بنية تحتية جاهزة، وقد قدم وزير الثقافة مشكوراً كل التسهيلات المناسبة لهذا المشروع. من جهتنا نحن اخترنا المدن التي تضم تجمعات سكانية كبيرة؛ صحيح أن القرى تعاني من نسبة أمية وضعف في القراءة كبيرين، إنما في الوقت نفسه قررنا إقامة مشاريع تكون نموذجية ضمن تجمعات كبيرة مع تفعليها بالشكل المناسب لتكون بمثابة أمثلة رائدة يتم الاقتداء بها مستقبلاً».


طفل متلبس بالقراءة

وتتابع السيدة نوال: «بأن المرحلة الأولى ستشمل تأمين الكتب مع تدريب أمناء هذه المكاتب على التعامل مع الأطفال باعتبار أن أمين المكتبة هو صلة الوصل ما بين الكتب والأطفال وهو روح المكتبة في ذات الوقت ومن ثم تسليم الموضوع لوزارة الثقافة لمتابعة توسيع هذه التجربة لتشمل عدة مراكز ثقافية أخرى مستقبلاً. وقد أصبح عمر هذا المشروع في سورية 3 أعوام حيث تم التعاون مع الجمعيات الأهلية في إصدار وثيقة حول واقع القراءة في سورية ووضع كتب الأطفال، ومن ثم جرت عملية تقييم للكتب عن طريق إصدار معايير للمقارنة والمراجعة لهذه الكتب، ومن ثم قررنا إطلاق مشروع المكتبات كمشروع طويل المدى بالاشتراك مع وزارة الثقافة والتي قامت بعملية إعادة تفعيل للمكتبات الموجودة في المراكز الثقافية الخاصة بها بمساعدة منا».

وتضيف السيدة نوال بأن المشروع المشابه لهذا المشروع والمقام في فلسطين منذ ما يقارب العشرين عاماً، أدى إلى إنشاء 100 مكتبة عامة فيها حتى الآن، مع عملية تدريب لحوالي 4000 أستاذ على مفهوم التعامل مع الأطفال وتشجيع مبدأ القراءة لديهم. وتختم قائلة: «لا يوجد هناك أسس ثابتة حول مفهوم تشجيع القراءة، إنما قد يكون هناك عدد من الطرق. هناك مثلاً أولاد يحبون القراءة في الوقت نفسه الذي يكرهها آخرون. لا إجبار في القراءة لأن فعل القراءة مثل فعل الحب لا يتم الإكراه عليه، وليس لدينا القدرة على حث العائلات على القراءة، ولكن يمكننا في الوقت ذاته تدريب أمناء المكاتب على طرق تشجع القراءة لدى طلاب المدارس مثلاً».

المكتبة العامة وسيلة لنشر المعرفة:
«الكتاب أصبح مكلفاً، ويجب أن يكون للمكتبة العامة دور كبير في تسهيل الوصول للكتاب لمن لا يقدر على شراؤه حتى لا تتحول المعرفة إلى امتياز!»؛ بهذه الكلمات يعرّف السيد جمال باروت المفكر والناشط في مجال التنمية الفكرية المكتبات العامة، ويتابع قائلاً:
«من المهم تمكين أولئك الذين يرغبون بالقراءة من الوصول إلى الكتاب بشكل سهل، وهنا يأتي دور المكتبة العامة في توفير الكتاب بشكل مجاني إلى أولئك الذين لا يملكون القدرة على شراء الكتب والفئات الفقيرة في المجتمع وبالتالي تطور المجتمع وازدياد معارف أفراده بالنتيجة. هناك أطفال يحبون القراءة مثلاً، إلا أنهم لا يستطيعون الحصول على الكتاب أو لا يستطيعون دفع ثمنه. وجود المكتبات العامة الخاصة بالأطفال قد يحل هذه المشكلة، إنما يجب أن تكون مدعومة من قبل المجتمع المحلي لكي تستمر وتبقى وليكون لها دور فاعل».

ويضيف السيد باروت بأن سورية دخلت حالياً ـ مثلها مثل كل دول العالم تقريباً ـ مرحلة الانقسام بين «من يعلم» وبين «من لا يعلم»، حيث أن من يملك المعلومات يمسك بمصيره ومحيطه والعالم أيضاً، على اعتبار أن هذا العصر هو عصر المعلومات والقراءة ركن أساسي من أركانه.

الانغماس بالقراءة

وعن رأيه في الشراكة التي تمت ما بين الجمعيات الأهلية والهيئات الحكومية مع مؤسسة «أنا ليندا» فإنه يقول: «ضمن مفهوم التنمية الحديث، أصبح من الضروري اليوم إنشاء نوع من الشراكات قائمة ما بين الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني إضافة إلى المنظمات المانحة والتي أصبحت بدورها بمثابة "وقفيات عالمية" تقوم على مسألة الخدمة الثقافية غير الربحية بغية تحقيق نفع يعم العالم. ويجب ألا نستغرب من أن قيم الحضارة الإسلامية قامت على مسألة "الوقف" هذه والذي يتم تطبيقه حالياً من قبل هذه الهيئات». يختم السيد جمال باروت كلامه.

وفي كثير من الدراسات، فإن عملية قياس تقدم الشعوب وحضارتها تقاس بعدد من يقرأ فيها، وبعدد الساعات التي يقضيها هذا الشخص الذي يقرأ في القراءة، وأخيراً بنوع ما يقرأه أكان في مجالات علمية أم أدبية أم لمجرد الاطلاع. وتشير الدراسات الإحصائية التي تقوم بها عدة جهات تعنى في هذه المجال بأن الوقت الذي يقضيه المواطن العربي في القراءة يقل بكثير عن الوقت الذي يقضيه المواطن الأوروبي أو الأمريكي. هذا الأمر في حال قاطعناه مع العبارة التي سبقتها، لوجدنا فيها تفسيرات كبيرة عن سبب تقدم تلك الدول وتراجعنا من جهة، ولبرزت في الوقت نفسه أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابة من قبلنا.


حلب
اكتشف سورية

Creative Commons License
طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك
مريانا الحنش:
شكرا لاهتمامكم بالموضوع
اتمنى أن تشاركونا في حفل افتتاح المكتبة العمومية للأطفال بالمركز الثقافي العربي بحي هنانو الخميس 19/11/2009
لتتطلعوا على واقع المكتبة ونشاطاتهاونوعية الكتب وماقدمناه من عمل خلال الفترة التجريبية أثناء تجهيز المكتبة
المشرفة على تنفيذ المشروع في حلب