الدراما السورية والمعالجة الجوهرية لقضايا المرأة
تيسير إدريس: هناك تقصير كبير من الكتاب في رصد واقع المرأة

28/تشرين الثاني/2008

حظيت النساء في المسلسل السوري الشهير «باب الحارة» في أجزائه الثلاثة بنصيب كبير من النقد الذي طال المسلسل رغم نجاحه جماهيرياً، وكانت حجة النقاد في توجيه اللوم أنّ شخصيات النساء في العمل لم تُقارب دور المرأة السورية في تلك الفترة التاريخية من حياة سورية النضالية ومشاركتها في قضية التحرر الوطني، ناهيك عن دورها التربوي والاجتماعي فيما قدمها المسلسل متمترسة وراء دورها التقليدي في المطبخ، وتربية الأطفال، وتحقيق متطلبات الزوج، منكفئة مغمورة مسلوبة الإرادة.
ويؤخذ على الدراما العربية عموماً عدم إنصافها للمرأة من حيث ما حققته، وخوضها معترك الحياة وتسلمها لمواقع مهمة في العمل، والاقتصاد، والثقافة، والسياسة، وظلت تُركز على المرأة التي يريدها المجتمع الذكوري، ويعيد البعض السبب في ذلك إلى أنّ ما تقدمه الدراما من شخصيات نسائية كتب بأقلام ذكورية فقدموا المرأة بطريقة لا تمت إلى الواقع بصلة، مبتعدة عن الجانب الإنساني والإبداعي للمرأة من فكرها، وإمكانياتها، وعملها، وحقوقها.
في الدراما السورية تنقسم الآراء حول معالجة قضايا المرأة في نحو خمسين عملاً للموسم الحالي برزت بين اتكالية، و سلبية، ومغمورة تحت وطأة التقاليد، وجريئة واعية مدركة لدورها، ومسؤوليتها في بناء المجتمع جنباً إلى جنب مع الرجل.
ويقول الكاتب والممثل الياس الحاج: «إنّ موضوع المرأة في الدراما السورية يُقسّم إلى عدّة أقسام، منها ما له علاقة بالدراما البيئية والموروث الشعبي والعادات والقيم التي كانت تحملها تلك المراحل، والأعمال المعاصرة وحتى التاريخية منها»، مضيفاً أنّ المرأة في الدراما غالباً موضوع إشكالي وأن كانت بدأت تتجه نحو موضوعات أكثر جرأة في طروحاتها نحو علاقة المرأة بالرجل، وموقع المرأة المنافسة للرجل في مجال التعليم والعمل، غير أنّ المتابعة هي في الأعمال البيئية والتي يغلب عليها الطابع التقليدي النمطي لموقع المرأة مع الرجل في سياق الحالة الذكورية المرحلية والتاريخية الموجودة من وجهة نظر الكاتب.
ويرى الحاج «أنّ الموسم الدرامي لهذا العام عالج موضوعات تستحق المتابعة، وارتقت النصوص والكتابات إلى موضوعات لاقت استحسان الجمهور بينها تعايش وتآخ بين الشخصيات بالنسبة للمرأة والرجل من مختلف الأطياف والطوائف في سورية، و هناك من رأى في بعض الشخصيات النسائية منافسة للرجل في التحدي والمغامرة وفي شخصيات أخرى امرأة مقهورة ومغلوبة على أمرها، ومن وجهة نظري ككاتب وممثل، فأنّ المرأة تحمل مجموعة متناقضات على مستوى الخير والشر، وبالتالي المهم تقديم نموذج يحصل على اهتمام جماهيري حقيقي وتأثير وتفعيل على المستوى الفعلي الداخلي والخارجي لشخصية المرأة في العمق الجوهري».
ويقول الممثل تيسير إدريس: «إنّ معظم الأعمال تلامس قضايا المرأة من الخارج، والسبب في ذلك عدم التحلي بالجرأة في الدخول إلى عوالم هذا الجوهر الرائع عند المرأة، فلم يستطع أحد فهم المرأة وهذا مرتبط بمدى فهم الرجل للمرأة في الحياة».
ويضيف «هناك تقصيرٌ كبير من الكتاب في رصد واقع المرأة كأم، وزوجة، وحبيبة، وأخت، فيما إلى الآن يقتصر العمل على خطوط درامية محددة بطريقة سطحية وساذجة، فلم تنجح في إيصال مشاعر المرأة وهمومها وبإيثارها للغير سواء الدراما السورية أو العربية، وظلت بعيدة حتى الآن عن قيمة المرأة العظيمة وتقديمها بشكل جميل».
فيما يرى المخرج نبيل شمس «أنّ موضوع المرأة في الدراما السورية هامشي إلى حد ما وغير أساسي، فلم نشاهد أعمالاً مخصصة تحديداً لمعالجة مشاكل المرأة، فقد تكون المرأة أحد خطوط المسلسل لكن تبقى قضايا المرأة غير جوهرية، وربما السبب في ذلك يكمن في أننا مجتمع ذكوري وأغلب كتاب النصوص من الذكور، واعتقد أننا بحاجة إلى كتاب يقدمون نصوصاً تعالج مشكلات المرأة على الشاشة فلا نزال مقصرين بحق المرأة بشكل عام».
أما المخرج غزوان بريجان فيقول: «إنّ الموسم الدرامي الحالي زخر بأعمال كثيرة ومتنوعة، من بيئة شامية ومعاصرة، واجتماعية، وتاريخية، وأكثر الأعمال الاجتماعية المعاصرة عالجت بعض جوانب مشكلات المرأة في المجتمع، أما أعمال البيئة الشامية فبالرغم من أنها أظهرت بعض التقاليد والعادات الجيدة، إلا أنها كانت بعيدة عن دورها في المجتمع، وأعطت صورة غير مستحبة عن المرأة».
و يكمل «فيما الأعمال المعاصرة طرحت بجرأة موضوع المرأة مثل مسلسل "الخط الأحمر" ومشكلات عن الأمراض القاتلة، ومسلسل "نرجس" ومعالجته موضوع المرأة عبر فترة طويلة من معاناتها، ومسلسل "خبر عاجل" بطولته امرأة بدور صحفية ومعاناتها التي تمر فيها في مجال تحاول فيه محاربة الفساد وإثبات دورها في تطور المجتمع، لكن عندما نقول إنّ خمسة مسلسلات عالجت هموم المرأة من أصل خمسين عملاً فهذا قليل جداً، لا شك أننا بحاجة إلى جرأة لطرح قضايا المرأة فهي بالنهاية نصف المجتمع، وإذا لم تعالج قضاياها بالتأكيد أننا نهمش نصف المجتمع كما أننا في الوقت نفسه لا نعالج هموم المجتمع الذكوري».



سانا

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك