العلمانية ليست شعاراً بل هي اتجاه تاريخي وجملة مواقف 02/أيلول/2008
يصدر العدد 121 من كتاب في جريدة لشهر أيلول 2008 ويوزع غداً مجاناً مع تشرين كتاب «العلمانية من منظور مختلف» للكاتب السوري الدكتور عزيز العظمة.
ولاشكّ أنّ موضوعاً شائكاً ثقافياً وتاريخياً، ومعقداً مفهومياً وبنيوياً، كموضوع العلمانية يجعل من أي بحث فيه جهداً مطلوباً في هذه المرحلة من تاريخ الوعي العربي. ويأتي الفصلان المختاران في هذا العدد لبحث الجذور التاريخية الثقافية والاجتماعية في التراثين المسيحي والإسلامي، لمحاولة الخروج باستنتاج يفسر واقع الصراع الذي جعل من الثقافي أيديولوجياً، ومن الممارسات التلقائية والشعائرية إلى نسق مهيمن يتمتع بمركزية تقليدية في طبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع.
وإذ تبحث مقدمة الكتاب في التباس المفهوم، وفي اختلاف البيئة الثقافية بين تلك التي نشأ عنها وصدر، وبين موروثات الثقافة التي ورد لها، ومدى اصطدامها بتراث مضاد يجعل من تحديد مفهومه العام أكثر تعقيداً. فإنّ خُلاصات البحث تبقى نوعاً من الأسئلةالأكثر بحثاً عن أجوبة يمكن أن تسفر عن التحولات الممكنة في البنى الاجتماعية التقليدية.
ولهذا يرى الدكتور الطاهر لبيب في تقديمه لكتاب العظمة إن «العلمانية من منظور مختلف» هو، نصّ مؤسسّ حقاً. وقد يكون هذا موقف العلمانيين منه، ولكنّ أول المحتاجين إلى قراءته مراراً هم، تحديداً، من سكنهم عداء العلمانية. هم محتاجون إليه، على الأقل، لتحويل العداء الجاهل إلى عداء عارف.
أما العظمة نفسه فيرى "أن معضلة العلمانية اليوم هي بين أهلها المفترضين أنفسهم وليس لدى المناوئين فحسب ذلك أن في الأدبيات الديمقراطية العربية اليوم نوعاً من السكوت المضروب على العلمنة أو العلمانية، على الرغم من أن مجتمعاتنا مجتمعات علمانية، ودولنا دول علمانية، وفكرنا السائد فكر علماني، فالعلمانية ليست شعاراً بل هي اتجاهٌ تاريخي وجملة مواقف وقوى اجتماعية وأيديولوجية ونظرية تلمّ بالتاريخ وتتوافق مع الترقي ومع التحولات الاجتماعية على الصعيد العالمي."
وبين أن تكمن معضلة العلمانية بين دعاتها أو تأتي من أعدائها، فإن سؤال العلمانية الأساسي في المرحلة الراهنة هو السؤال الفكري-المدني الأبرز لما يمكن أن تؤول إليه مسارات المجتمعات العربية وخياراتها في علاقاتها الداخلية أولاً وبدءاً، أو وفي تفاعلها مع مؤسساتها لاحقاً وفي مجمل سياق علاقاتها مع الدولة ونموذجها المدني المفترض.
|