فرقة تاتول ألتونيان للغناء والرقص الحكومية الأرمينية في دار الأسد

في المرحلة الثانية من افتتاح فعاليات الأيام الثقافية الأرمينية في سورية

برعاية وزارة الثقافة في الجمهورية العربية السورية وبالتعاون مع وزارة الثقافة في جمهورية أرمينيا وسفارة جمهورية أرمينيا بدمشق، افتتحت يوم الخميس 23 أيلول 2010 فعاليات «الأيام الثقافية الأرمينية في سورية» على مسرح الأوبرا في دار الأسد للثقافة والفنون، والتي تستمر لغاية 28 أيلول الجاري.

ابتدأ الافتتاح بالنشيد الوطني للجمهورية العربية السورية والنشيد الوطني لجمهورية أرمينيا، ومن ثم ألقى السيد وزير الثقافة السوري الدكتور رياض نعسان آغا كلمة ترحيبية جاء فيها: «لم ينقطع التواصل بين العرب والأرمن عموماً وبين سورية وأرمينيا بشكل خاص منذ أقدم العصور، ففي القرن الأول قبل الميلاد امتدت إمبراطورية ديكران الثاني حتى وصلت إلى سورية وفلسطين».


الدكتور رياض نعسان آغا يلقي كلمته

وتابع السيد الوزير قائلاً: «ولعل أوائل المبشرين بالمسيحية في أرمينيا كانوا من السوريين (السريان)، ومع ظهور الإسلام وصلت الفتوحات الإسلامية إلى أرمينيا عام 650م، وقد احترم المسلمون عقيدة الأرمن الدينية وثقافتهم، مما جعل هذا التواصل يمتد إلى عصرنا الحديث حيث اتسعت للأرمن قلوبنا وأرضنا حتى باتت ثقافتهم جزءاً من النسيج الاجتماعي المعبر عن ثراء التعددية التي تعيشها سورية».

وقال أيضاَ: «إن التواصل الحضاري بين البلدين الصديقين سورية وأرمينيا لم ينقطع يوماً وهو يتجذر ويتعمق يوماً بعد يوم، ولأننا كأصدقاء نؤمن بأن الثقافة هي جسر التواصل الأكثر شفافية بين الشعوب، تأتي الأيام الثقافية الأرمينية في سورية كمحطة ثقافة متجددة».

وأنهى الدكتور نعسان آغا كلمته بالقول: «إن استضافة الأيام الثقافية الأرمينية الذاخرة بمكوناتها الفنية والتشكيلية تعبير عن إيماننا بأن الثقافة هي الوسيلة الأمثل للارتقاء بالإنسان وتجسيد قيمه النبيلة، فأهلاً وسهلاً بالأصدقاء الأرمن في سورية موطن الحضارة وبلد السلام والمحبة».

السيد أرتو بوغوصيان يلقي كلمته

ومن ثم ألقى السيد أرتو بوغوصيان نائب وزير الثقافة الأرميني كلمة أكد فيها على أواصر الصداقة بين الشعبين السوري والأرميني وضرورة ترسيخها أكثر فأكثر، كما نوه بالتمازج الحضاري بين العرب والأرمن قائلاً: «قلما خلا علم من العلوم من التأثير المتبادل بين الأرمن والعرب، وكان التمازج الفكري والعلمي والحضاري كبيراً جداً ووثيقاً بين الشعبين، ومدماكاً أساسياً في بناء الصداقة التي شيدها الشعبان على مر العصور، وكذلك كان الوضع على الصعيد الفكري والفلسفي، حيث اهتم المفكرون والفلاسفة الأرمن والعرب على حد سواء بالثقافة والعلوم».

وتابع كلمته قائلاً: «اتسمت الفلسفتان الأرمينية والعربية بسمات كثيرة مشتركة،
وكان المفكرون الأرمن على معرفة وثيقة بالفلاسفة والشعراء العرب أمثال الكندي والمعري والمتنبي وابن رشد وغيرهم وقاموا بترجمة مقتطفات من أعمالهم إلى اللغة الأرمينية».

وأنهي نائب وزيرة الثقافة الأرميني كلامه بالقول: «إن أيام الثقافة الأرمينية في ربوع سورية الصديقة تفتح صفحة أخرى في تاريخ الروابط التقليدية الطيبة وتضيف لبنة جديدة في صرح العلاقات المشرقة بين شعبينا وبلدينا وتعطي زخماً متيناً لتطويرها في شتى المجالات في المستقبل».

بعد هاتين الكلمتين، تم عرض فيلم وثائقي قصير مدته خمس عشرة دقيقة، وهو من إنتاج التلفزيون العربي السوري، وتحدث الفيلم عن جمهورية أرمينيا ومعالمها الحضارية وتضاريسها وكنائسها القديمة وجبلها المقدس أرارات وعن شعبها الطيب كما توقف الفيلم عند العاصمة يريفان.

رقص شعبي من أرمينيا

وأخيراً انتهى حفل الافتتاح بمجموعة من اللوحات الغنائية الراقصة أدتها فرقة تاتول ألتونيان للغناء والرقص الحكومية الأرمينية، حيث استمتع الحضور بهذا الفلكلور الجميل الذي يتقاطع في الكثير من نواحيه مع أغانينا وموسيقانا ورقصاتنا وهذا ليس غريباً باعتبار أن الشعب الأرميني يشكل جزءاً من نسيج الشعوب في هذه المنطقة.

وقبل الاحتفال كان قد افتتح معرض صور فوتوغرافية للفنان زافين ساركسيان، جسد معالم أثرية وكنائس قديمة ومناظر طبيعية من مختلف المناطق في أرمينيا، بالإضافة إلى معرض الفنون التطبيقية الذي حوى إحدى وعشرين سجادة وبساطاً واحداً وحصيرة، بالإضافة لأربع ممالح خشبية وخمس فخارية وكلها أثرية تعود للقرنين التاسع عشر والعشرين الميلادي.

وكما هو معروف فإن أرمينيا اشتهرت منذ آلاف السنين (ما قبل التاريخ) بالصناعات والمنتوجات اليدوية العديدة التي وجدت رواجاً مبهراً في أسواق منطقة الشرق الأوسط وبقيت تلك التقاليد مستمرة في القرون اللاحقة.

وكانت التنقيبات الأثرية قد كشفت في أرمينيا بقايا البسط الأرمينية التي يعود تاريخها إلى الفترة الممتدة بين القرنين الرابع عشر والتاسع قبل الميلاد، ووجدت عليها رموز الصليب المقوس، الماء، والتنين، وإلى آخره من الرموز التاريخية.

أما الملح فهو أهم توابل الطعام، وله حكايته في أرمينيا حيث اعتبر منذ القدم مادة مقدسة، كانت تحفظ في جرات مقدسة في كافة أنحاء أرمينيا، وكانت هذه الجرات حتى الثلاثينيات من القرن الماضي تصنع من الطين، الخشب، ألياف الصوف، والجلد. وقد كانت تصنع بشكل عام على هيئة إنسان، وهناك العديد من الأساطير والحكايات الشعبية تروي الكثير عن أهمية الملح، حيث احتل الملح في العصور الوثنية والمسيحية مكانة كبيرة في الشعائر الدينية لدى الشعب الأرميني.

جدير بالذكر أن الفرقة الأرمينية ستقدم عروضها في كل من دمشق، حلب، دير الزور، في إطار فعاليات «الأيام الثقافة الأرمينية في سورية».

إدريس مراد - دمشق

اكتشف سورية