ميساك باغبودريان: قيادة الأوركسترا اختصاص معقد
مندلسون أول قائد أوركسترا استخدم عصا خشبية

14/حزيران/2008

مما لا شكّ فيه أن فن قيادة الأوركسترا هو فن حديث بالنسبة لفنون العزف الآلي، فقد تطوّر بسرعة كبيرة ليصل إلى شكله الحالي وليس النهائي، حيث ما زالت مدارس قيادة الأوركسترا تعمل على تطويره كفن، وصقل شكله بعد تحوّله إلى علم تخصصي يتطلب تأهيلاً تقنياً خاصاً، ومعرفة مميزة بالعلوم الموسيقية، وشخصية قيادية وموهبة موسيقية.
وحَول فن قيادة الأوركسترا، وضمن سلسلة «التذوق الموسيقي عبر المعرفة»، التي تقام شهرياً بالتعاون مع جمعية صدى، ألقى ميساك باغبودريان -قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية- محاضرة في المنتدى الاجتماعي بعنوان «مفهوم قائد الأوركسترا» بتاريخ 7 حزيران 2008.
تحدث فيها ميساك عن قيادة الأوركسترا، وتاريخها، وتقنياتها، وإلى التطورات التقنية والمكانة الحاسمة التي احتلها قائد الأوركسترا في الفِرق الكلاسيكية المعاصرة، حيث يقول: «لم تكن هنالك حاجةٌ في البداية لشخص يقوم باختيار الإيقاع المناسب وموازنة الأصوات بين بعضها البعض، وإيجاد شخصية واحدة للمقطوعة الموسيقية، إذ كان أحدُ العازفين يتكفل بأداء هذا الدور معتمداً على قوس آلته أو على حركة رأسه، وبقيت هذه العادة حتى القرن السابع عشر. وغالباً ما كان هذا الدور يُسند للكمان الأول الذي يُستخدم قوسه بمثابة عصا للقيادة. ومع ظهور الفِرق الكبيرة وتطور الحركة الموسيقية، بدأ العمل يحتاج إلى قائد متفرغ يقوم بتوجيه الموسيقيين نحو أداء عمل موسيقي مشترك. وفي بداية القرن التاسع عشر، أصبح عُرفاً أن يختص شخص بقيادة الأوركسترا دون أن يقوم بالعزف أثناء العرض على آلة موسيقية». ويكمل بغبورديان كلامه «مع توسع حجم الأوركسترا، غدا استخدام عصا القيادة مألوفاً أكثر، كما أنه أكثر دقة من حركة الأيدي والأوراق الملفوفة التي استخدمت في بدايات القرن السابع عشر».
ميساك بغبورديان يحاضر عن قيادة الاوركستراويعتبر مندلسون أول قائد أوركسترا استخدم عصا خشبية دقيقة للمحافظة على الإيقاع، بعد المؤلف الموسيقي جان-باتيست لولي، الذي استخدم عصا كبيرة تسببت بوفاته، بعد أن هرست قدمه والتهبت بالكزاز. إذن أصبحت العصا تقليداً مستخدماً حتى يومنا هذا، وإن وُجِد قادة اوركسترا مشهورين لا يقومون باستخدامها حال بيير بوليز، وديمتري ميتروبولوس. ويُعتبر برليوز أول قائد أوركسترا متميز، أما فاغنر يعتبر المسؤول عن تغيير دور قائد الأوركسترا من شخص مسؤول عن توقيت أداء الأدوار والمحافظة على الإيقاع إلى شخص يقوم بإضفاء ترجمة شخصية للمقطوعة.
وأشار باغبودريان أن قيادة الأوركسترا من الناحية التقنية تعتمد على التواصل الفني بين مؤديّ العمل، ولا توجد قواعد حصرية تقضي بصحة طريقة القيادة هذه أو تلك، فيقول: «هناك تنوع كبير في أساليب القيادة، وجميعها يمكن اعتبارها صحيحة لاعتبارها عائدة إلى رؤية المايسترو التي تخضع لصفات مزاجيته الحادة، والرومانسية، والحماسية الانفعالية التي تضفي على السيمفونية روحاً جديدة».
ثم ذهب باغبودريان باتجاه تلخيص مهام قائد الأوركسترا في تحديد الإيقاع، وإعطاء الإشارة للعازفين بحلول دورهم، والسيطرة على الصوت الصادر من المجموعة، كما تتبع ذلك دراسة دقيقة لعناصر التعبير الموسيقي للمقطوعة المؤداة وإيصال هذه المعلومات إلى المجموعة.
وعن دور حركات الأيدي في توضيح ما سبق ذكره، يقول بغبورديان: «يقوم قائد الأوركسترا بتوضيح النبض بشكل عام بيده مع العصا أو بدونها، وتقوم اليد برسم أشكال متعارف عليها في الهواء تتعلق بمقياس المقطوعة، ومنهم من يقوم باستخدام يديه الاثنتين لتوضيح هذه الأشكال، جمهور محاضرة بغبورديان عن قيادة الاوركستراحيث تشكّل حركة اليد اليسرى انعكاساً لليد اليمنى. وبالنسبة لغالبية قادة الأوركسترا، فإنها حركة يُفضل تجنبها، والبعض الآخر يراها حركة ممنوعة، ويعتبرون أن مهمة اليد الأخرى هي إعطاء إشارات الدخول، وتوضيح التعابير الموسيقية والجُمل، وغيرها من العناصر المكونة للعمل الموسيقي»، وأضاف باغبودريان: «أن قائد الأوركسترا هو الوحيد الذي يقرأ المدونة الموسيقية كاملة، خلافاً للعازف الذي يقرأ الدور المخصص له، لذلك فهو الوحيد الذي يستطيع رؤية مجمل هندسة المقطوعة، وتصوّر النتيجة المرجوة». ونوّه بغبورديان في نهاية محاضرته إلى أن قيادة الأوركسترا اختصاص معقد، خاصة مع تطور دور القائد من ضابط إيقاع إلى مخرج للعمل الموسيقي.
ميساك باغبودريان في سطور
من مواليد دمشق،
خريج المعهد العالي للموسيقى بدمشق،
تعلّم قيادة الأوركسترا على يد الأستاذ خضر جنيد، والعزف على البيانو على يد سينثيا الوادي عام 1990،
وفي عام 1994، انضم إلى المعهد العالي للموسيقى في دمشق، وبدأ بتلقي الدروس في قيادة الأوركسترا مع صلحي الوادي -عميد المعهد وقائد الفرقة السيمفونية السورية سابقاً-،
شارك بعد ذلك في أول أوبرا سورية كمساعد قائد أوركسترا في «ديدون وإينيا لبورسيل» عام 1996،
بعد هذا العام، حصل على منحة لمتابعة دراسته في إيطاليا, وحسّن تأهيل فنه عبر قيادته للعديد من الفرق، ومنها فرقة أماديوس الفلورنسية،
حالياً قائد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية، وكورال المعهد العالي للموسيقى.


رياض أحمد
اكتشف سورية

Creative Commons License
طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك
محمد خالد:

كل هذا جميل ولكنى عايز اعرف الرسم التخطيطى لمجموعة الاوركسترا .بمعنى عايز اعرف المكان المخصص لعازفى الكمان وكل الادوات الاخرى؟

مصر