المؤتمر الدولي الأول للثقافة والمدينة دمشق أنموذجاً

الفسيفساء الدمشقية

12/أيار/2008


ناقشت الجلسة البحثية الثانية مجموعة من الموضوعات المندرجة على جدول أعمال المؤتمر الدولي الأول للثقافة والمدينة دمشق أنموذجاً في اليوم الثاني من المؤتمر وتحدث الأستاذ والمؤرخ عبد الكريم رافق عن الثقافة في دمشق في الفترة العثمانية.

أوضح رافق في مداخلته أن مصادر الحياة الثقافية في بلاد الشام كثرت إبان الفترة العثمانية ومن ذلك كتب الأخبار والتراجم والرحلات وكتب الفتاوى التي ازدادت أعدادها بسبب الحاجة إليها لجلاء التناقض بين الشريعة التي ألِفها العرب والقوانين العثمانية وهناك أيضاً وثائق المحاكم الشرعية التي كتبت بالعربية ونَظرت في مختلف القضايا لكل فئات الشعب وكذلك سجلات تركات المتوفَّين التي أوردت قوائم بأسماء الكتب التي اقتناها بعضهم ومواضيعها.

أضاف أن المطّلع على هذه المصادر يجد نتاجاً معرفياً كبيراً يؤطر لمجتمع عربي الانتماء داخل الدولة العثمانية قوامه ثقافة عربية إسلامية ضاربة الجذور، فتنتظم الفئات الاجتماعية من حضرية وريفية إسلامية وغير إسلامية في إطار مجتمع متكامل.

لقد تبدى هذا الانتماء العربي للعلماء العرب في كتاباتهم منذ مطلع الحكم العثماني حين وُضع ولاؤهم على المحك تجاه دولة عثمانية إسلامية تختلف عنهم لغة وثقافة فظهر بين العلماء العرب ما عُرف بأدب النصيحة مشيراً إلى أنه برزت في كتابات النابلسي ونجم الدين الغزي وغيرهم من علماء بلاد الشام أهمية الوطن ودعوتهم إلى تمسك الإنسان بوطنه وعدم هجرته.

عبد الكريم رافق مؤرخ وأستاذ في جامعة ويليام وماري فرجينيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وله مؤلفات عدة منها تاريخ الجامعة السورية ودراسات اقتصادية في تاريخ بلاد الشام الحديث.

بدورها تحدثت المؤرخة خيرية قاسمية في مداخلتها عن الحياة التعليمية والثقافية خلال حكومة دمشق العربية من 1918 حتى 1920 فقالت «إن الحكومة سارت في سبيل التنظيم والإصلاح سيراً حثيثاً وسط ظروف قاسية» مشيرة إلى أن عملية إعادة تنظيم البلاد وإدارة شؤونها كانت تقتضي سنوات من الاستقرار السياسي المناسب لعملية البناء إلا أن القائمين على الحكم كانوا يجاهدون لإثبات جدارتهم بإنشاء حكومة لها صفة الدولة الحديثة.

أضافت قاسمية: «إن تشجيع العلم والمعرفة كان دليلاً على تقدير الحكومة العربية لقيمة الثقافة وأهميتها في دعم الحركة القومية العربية فعُهد إلى ديوان المعارف إلى جانب الاهتمام باللغة العربية بأمر تصحيح الكتب المدرسية وإحداث المدارس وتفتيشها وتعيين المعلمين والنظر في القوانين المتعلقة بالمعارف وترجمتها مشيرة إلى أنه لم يقتصر تشجيع حكومة دمشق العربية للتعليم على المدارس الابتدائية ودور المعلمين وإنما امتد ليشمل معاهد الدراسات العليا فتم إحياء المعهد الطبي ومدرسة الحقوق».

أشارت المحاضرة إلى أن ذلك العهد شهد نشاطات ثقافية متعددة منها المجمع العلمي الذي اختص بأمور إصلاح اللغة العربية وتنشيط التأليف والتعريب والإشراف على الكتاب والآثار، كذلك متحف الآثار العربية الذي عني بجمع الآثار القديمة بعد أن كانت تُنقل سابقاً إما إلى الغرب عن طريق بعثات أثرية متعددة أو إلى متحف إسطنبول إضافة إلى مساهمة الأهالي في الأنشطة الثقافية مع دعم حكومي.

المؤرخة خيرية قاسمية أستاذة في جامعة دمشق ومن مؤلفاتها العلم الفلسطيني ويهود البلاد العربية وعوني عبد الهادي وقضية القدس، ولها بحوث ودراسات منشورة باللغة العربية منها الأوضاع السياسية للفلسطينيين في البلاد العربية وقضية المستوطنات اليهودية والدولة الفلسطينية.

الفسيفساء الدمشقية في مداخلة للروائي نبيل سليمان
تركَّز محور الجلسة الأولى في اليوم الثاني من مؤتمر الثقافة والمدينة دمشق أنموذجاً الذي يقام في قاعة رضا سعيد في جامعة دمشق على مداخلة بعنوان «الفسيفساء الدمشقية» قدمها الكاتب الروائي والناقذ نبيل سليمان.

من خلال أربع عشرة رواية تناولت دمشق كتبها قادمون إليها أو مقيمون فيها تحدث سليمان عن أربعة مستويات تستند إليها هذه الروايات هي دمشق النوستالجيا أي الحنين إلى دمشق العتيقة كتعويض عن دمشق التي تشوهت بالعمران وفقدان الخصوصية ثم هناك دمشق القاع التي تحدثت عن الشرائح الاجتماعية التي قدِمت إلى دمشق وسكنت قاعها وهنا كانت دمشق تارة حضناً وطوراً فكاً مفترساً.

أضاف سليمان أنه في كل هذه المستويات كان ثمة التباس بين القادم إلى دمشق والدمشقي ومِن ذلك الروائي الدمشقي وصنوه القادم إليها، ليَخلص إلى أن دمشق هي الفسيفساء، سواء روائياً أو واقعاً، الغنية بهذه النظرة إلى مكوناتها كافة، غير أن دمشق الروايةَ الحقيقة، برأي نبيل سليمان، لا تزال مؤجلة ولم تأتِ بعد.

الكاتب الروائي نبيل سليمان خريج جامعة دمشق كلية الآداب قسم اللغة العربية عام 1967 وله مؤلفات عدة، في الرواية: ثلج الصيف، وجدماتي، والمسلة، وهزائم مبكرة، ومدارات الشرق، وأطياف العرش، ومجاز العشق، وفي النقد الأدبي والثقافي: النقد الأدبي في سورية وعي الذات والعالم، ومن أعماله المترجمة إلى الروسية ينداح الطوفان، وإلى الإسبانية قيس يبكي.

كما تناولت الجلسة الأولى مداخلة الأستاذ الناقد محمود شاهين من الأردن بعنوان «دبلن في يلويسيس مدينة تشيدها الميثولوجيا» الذي قال إنها رواية راوٍ يتمشى في دبلن: المكان الذي تجري فيه حوادث الرواية، وقد احتشدت ذاكرته بالميثولوجيا ومختلف الرموز التعبيرية كأدوات يبني منها مدينة دبلن من جديد.

الناقد محمود شاهين أستاذ الأدب المقارن في الجامعة الأردنية عمان وله مؤلفات بالإنكليزية والعربية ومنها تحولات الشوق في موسم الهجرة إلى الشمال دراسة نقدية مقارنة، اليوت وأثره في الشعر العربي المعاصر، وآفاق الرواية.




سانا


مواضيع ذات صلة
- احتفالية دمشق تعقد مؤتمرها الدولي الثالث
الحمامات التقليدية حول البحر الأبيض المتوسط: تراث من الماضي واستدامة للمستقبل

- دمشق في مؤتمر الثقافة والمدينة أربع عشرة رواية
التباس خصوصية المكان خلال مرحلتين

- مؤتمر الثقافة والمدينة الدولي الأول تنظمه احتفالية دمشق
الثقافة والمدينة دمشق نموذجاً


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
أنطون مقدسي
أنطون مقدسي
حصاد عام 2008
حصاد عام 2008
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر