ظل متحرك وبريق: عرضان راقصان في ليلة واحدة
على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون

17/شباط/2010

تدخل هنريتا إلى المسرح، لتظل دون أي حركة، فترة من الصمت والسكون تحدق بالجمهور وهي تغرس يديها في جيب بنطالها، وكأنها ترنو عبر مرآة متخيلة، تبدو في حالة من التساؤل، في عرض يقوم أساسه على التساؤل عن فكرة الوحدة والعزلة التي يعانيها الفرد، لتبرز للجمهور وكأن نداء التساؤل في داخلها يقول: من أنا؟ ماذا أفعل هنا؟ ما هو موقعي بالنسبة لحشد الناس الذين ينظرون إلي؟

تحت عنوان «الظل المتحرك» (21 دقيقة)، قدمت هنريتا هورن عرضها الأول على مسرح دار الأسد للثقافة والفنون، وكما يوحي عنوان العرض، لعب الضوء فيه دوراً أساسياً، فبدا وكأنه يدفع الظل إلى الحركة، خاصةً وأن مصمم الإضاءة راينهارد هوبرت رتب الإضاءة في صيغة رقعة الشطرنج أعلى الخشبة، وكما في «بريق»، العرض الراقص الثاني في الأمسية، تلعب الإضاءة دوراً جوهرياً في العرض.

في العرض التالي «بريق» (35 دقيقة) ليست الأزياء وحدها وإنما الألوان أيضاً هي ما يحدد مفهوم الحركة. وفي «الظل المتحرك» الرقص هو الذي يقتحم، والذي يواصل المحاولة، والذي يتحول مجدداً و مجدداً في فضاء الخشبة المربع، ويبدو كما لو أنه يكتسب حياة خاصة به، مجدداً و مجدداً. وفي حالة من الهوس تخضع هنريتا للقانون الذي بدأته هي قبل وقت طويل، قانون البحث، نحو الحركة و الفضاء المسرحيين المعاصرين.

قبل العرض عقدت الفنانة هنريتا هورن مؤتمراً صحفياً في المركز الثقافي الألماني بدمشق، تحدثت فيه عن أمسيتها التي ضمت عملين («ظل متحرك»، و«بريق») مؤكدةً أن: «الوحدة أو العزلة لا تزال هي الفكرة الأساسية التي أستند عليها في مجموعة أعمالي الأخيرة». أما من ناحية التقنيات الموجودة في العرض فتؤكد أن «استخدام الإضاءة والموسيقى يلعب دوراً كبيراً في إنجاح العرض، إضافةً إلى الأزياء التي اعتمدتها وهي مستوحاة من الأفكار التي يدور حولها العمل».

وتصف هورن عرضيها قائلة: «بريق هو العرض الملون، ففيه تواصل وتفاعل أعلى مع الجمهور، بطريقة مبسطة، وتغيير في كاريكتر الشخصية. بينما ظل متحرك أستطيع أن أصفه بالأبيض والأسود، ويكون التركيز فيه أكثر على الجمهور من خلال المراقبة والتدقيق والمواجهة، كما تلعب الموسيقى دوراً أساسياً في صياغة العمل وطريقة الحركة على المسرح».

وتضيف هورن عن خصوصية العرض في سورية: «بالتأكيد يتأثر العرض دائماً بالمكان والجمهور، عندما قدمت عرضي الأول في دمشق ضمن احتفالية دمشق عاصمة للثقافة العربية، تفاجأت بردود الفعل الإيجابية التي تلقيتها من الجمهور، وهو ما دفعني للعودة اليوم وتقديم عرض جديد».

أشرفت هنريتا هورن على ورشتي عمل مع طلاب المعهد العالي للعلوم المسرحية، ما جعلها على تواصل مع الكوادر السورية الشابة في مجال الرقص المعاصر وهنا تقول عن المستوى الذي لمسته لدى الراقصين: «هناك تطور ملحوظ في مجال الرقص المعاصر بشكل عام في سورية، وهناك تقدم نحو أمور أكثر إيجابية ومنها مهرجان الرقص المعاصر الذي سيقام في نيسان من هذا العام. كل هذه الأمور جعلتني ألمس تطوراً ملحوظاً إضافة إلى وجود كوادر شابة من الشباب الذين تعاملت معهم خلال ورشتي عمل أشرفت عليهما هنا في دمشق، وكان مستوى بعض المشاركين يدعو بالفعل إلى التفاؤل».

يشار إلى أن هنريتا هورن عملت بين عامي 1999 و2008 مع مصممة الرقص المعاصر الأشهر في العالم بينا باوش، المديرة الفنية لاستديو فولفغانغ للرقص في مدينة إيسين. وتوجت عملها في هذا الاستديو الذي يعد من أهم مختبرات الرقص المسرحي على المستوى الدولي بحصولها على جائزة الفنانين لمقاطعة نورفيغين في مجال الكوريوغرافيا، قسم الرقص المعاصر.

هذه الخبرة الفنية المزدوجة و الاستثنائية في العمل مع باوش وإدارة هذا الاستديو قادت هورن، التي غدت ومنذ تشرين الأول 2008 راقصة و مصممة رقص (كوريوغراف) مستقلة، لإنجاز عرضها المتكامل الأول من خلال العرضين «بريق» و«ظل متحرك»، في تشرين الثاني 2009.

ظل متحرك في سطور:
- كوريوغرافي وأداء: هنريتا هورن.
- موسيقى: أوركسترا جون لوريه الوطنية.
- أزياء: مارغريت كوخ.
- تصميم و تنفيذ الإضاءة: راينهارد هوبرت.
- الفريق التقني: أوفي رينكين وراينهارد هوبرت.
- المساعد: سابينا شتوكر.
- مدة العرض: 20 دقيقة.
- العرض الأول: 21 تشرين الثاني 2009 في هيرني.

بريق في سطور:
- كوريوغرافي وأداء: هنريتا هورن.
- موسيقى: دافيد دارلينغ وبيتر غيغر.
- أزياء: مارغريت كوخ.
- تصميم و تنفيذ الإضاءة: راينهارد هوبرت.
- الفريق التقني: أوفي رينكين وراينهارد هوبرت.
- المساعد: سابينا شتوكر.
- مدة العرض: 35 دقيقة.
- العرض الأول: 8 أيار 2009 في كريفيلد.


عمر الأسعد
اكتشف سورية

طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك