بلغ عدد التلال الأثرية المسجلة في محافظة الرَّقة ما يقارب أربعة وسبعين تلاً أثرياً تتوضع معظمها في حوض البليخ.
ذكر أنس الخابور رئيس دائرة الآثار في الرَّقة إلى سانا أن بعثات أثرية وطنية وأجنبية تعمل في قسم من هذه التلال استطاعت الكشف عن العديد من محتوياتها.
يذكر أن ضِعف عدد التلال المسجلة لم يتم تسجيله حتى الآن في سجلات المديرية العامة للآثار والمتاحف، وذلك بسبب كثرة المواقع الأثرية في منطقة الجزيرة وعدم كفاية الموارد المالية والبشرية المتخصصة.
من جانب آخر، تضم محافظة الرَّقة ما يُعرف تاريخياً بالرَّقة العباسية، حيث تقع غربي مصب نهر البليخ على الضفة اليسرى لنهر الفرات؛ وقد أسّسها الإسكندر المقدوني بجانب تل البيعة كمدينة جديدة باسم نيكيفوريوم Nikephorium، واتخذت بعد الفتح الإسلامي (18هـ/639م) اسم الرَّقة.
تعود الأهمية التاريخية للرَّقة إلى موقعها على الحدود بين سورية وبلاد الرافدين، فمنها انطلقت الطرق التجارية التي تربط سورية بالجوار. ولم تكن الرقة بوصفها عقدة أهم طرق القوافل، المدينة الرئيسة في منطقة الفرات فحسب، بل كانت أحد أهم مراكز الفنون في بلاد المشرق العربي والإسلامي، وتعتبر بحق مدينةً إسلامية نموذجية، رغم نشأتها القديمة.
وقد أسِّست على بعد 2كم من المدينة الرومانية على مجرى الفرات مدينةٌ ثانية جديدة هي الرافقة، التي تعرضت للانحطاط التدريجي إلى أن توسعت الرافقة، وشمل الاسم المدينتين معاً. إن بناء الرافقة يتعلق مباشرة بانتقال مركز الثقل السياسي والثقافي من سورية إلى العراق مع ظهور العباسيين، وذلك عندما أمر الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور (754-775م / 136-158هـ) بإنشاء مدينة الرافقة، التي شيدت وفق مخطط مدينة بغداد ذات الأبواب الأربعة المؤدية نحو الحواضر والأقاليم.
وقد أجرى المعهد الأثري الألماني بالتعاون مع المديرية العامة للآثار والمتاحف في بعثة مشتركة سورية-ألمانية تنقيباتٍ هامة منذ عام 1981 في السهل الواقع إلى الغرب من تل البيعة وإلى الشرق من مدينة الرقة الحديثة، أدت إلى الكشف عن معالم معمارية عباسية هامة مبنية من اللبن ومطلية بالكلس الأبيض، وكانت الأبواب والنوافذ محاطة بإطار من الزخارف الجصية مماثلة للتي اكتشفت في القصور العباسية المجاورة وبعض النوافذ كانت مزينة بالزجاج المعشق.
|