جهود الجهات المسؤولة جعلت المهرجان الشعري عالمياً بامتياز 15/نيسان/2008
في نهاية الشهر الماضي ومطلع الشهر الحالي، أتيحت لي فرصة أن أتابع نشاطين ثقافيين متميزين: الأول مهرجان للفنون الشعبية في محافظة حماة، والثاني مهرجان للشعر في محافظة الرقة، واللافت في هذين المهرجانين أمر جعلهما متميزين عن جدارة، وهو ضخامة النشاطات المُقامة فيهما وحجم الأموال التي صرفت عليها. وإذا كنا قد تحدثنا عن مهرجان حماة في الزاوية السابقة، فإن مهرجان الرقة الشعري يُعتبر مهرجاناً عالمياً بامتياز، ليس لأنه ضم شعراء من مختلف أنحاء العالم فحسب، إنما لأن المهرجان كان منظماً بدقة متناهية جعلته يرقى إلى مستوى عالٍ من التنظيم والحضور.
إذا كان من الملاحظ أن محافظتي الرقة وحماة تمكنتا من حل مشكلة الكوادر التي تحتاج إليها هذه المهرجانات في مختلف المجالات، فإن هناك أمراً آخر في غاية الأهمية وهو الاعتمادات المالية الضخمة التي تحتاج إليها هذه المهرجانات الكبيرة، وبالتالي كان لا بد من أن نسأل السيدين محمد عارف قسوم -مدير الثقافة في حماة-، وحمود الموسى -مدير الثقافة في الرقة-، عن الطريقة التي يستطيعون من خلالها تأمين السيولة المالية اللازمة لنفقات هذه الفعاليات، ولا سيما أننا علمنا أن تذاكر الطيران للشعراء المشاركين في مهرجان الرقة الشعري مثلاً تجاوزت قيمتها ربع مليون ليرة سورية غير الإقامة والإطعام والتنقل وما إلى ذلك.
جاءنا الجواب بأنهم إذا اعتمدوا فقط على ما هو مرصود من أموال من قبل وزارة الثقافة للنشاطات الثقافية المختلفة، فإنهم لن يتمكنوا من إقامة ربع مثل هذه النشاطات، ولذلك كان لا بد من البحث عن مصدر آخر، وهذا المصدر لم تكن هناك صعوبة في تأمينه، بفضل وجود قيادة إدارية سياسية متفهمة للعمل الثقافي تدعمه بكل الوسائل والسبل، فنشأ تعاون وثيق مع الفعاليات الاجتماعية والشعبية وفعاليات المجتمع المدني في المحافظتين، وهذه الفعاليات لم تتوانَ عن تقديم كل الدعم لمثل هذه المهرجانات، ما جعل محافظتي الرقة وحماة تصبحان قدوة لبقية المحافظات في هذا المجال.
إذا كنا نتمنى أن يكون في محافظة الحسكة مهرجانات ونشاطات بهذا المستوى العالي، ولا سيما أن جمهور المحافظة متعطش جداً لها، فذلك بدليل أن مهرجان الشباب الثاني للفنون المسرحية الذي أقامته وزارة الثقافة بالحسكة، في مثل هذه الأيام من العام الماضي -على الرغم من أن مديرية المسارح والموسيقا تمكنت من جعله مهرجاناً فاشلاً بامتياز نتيجة لما ارتكبته من أخطاء- قد شهد إقبالاً جماهيرياً منقطع النظير، ولا نملك إلا أن نثني على جهود مديرية الثقافة في حماة والرقة والجهات المسؤولة في هاتين المحافظتين كافة. ونتذكر ذلك المثل الشعبي الذي يقول «الفرَس من خيّالها».
|