نقاط لقاء اجتازت الحدود والمساحات الفاصلة 26/تشرين الأول/2008
ضمن احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية وتحت عنوان «دمشق والثقافة توأم لا يفترقان»، بدأت فعاليات الأيام الثقافية البحرينية في المركز الثقافي العربي، حيث أكد قطاع الثقافة والتراث الوطني البحريني - وزارة الإعلام أن دمشق هي العاصمة التي احتضنت طلاب المعرفة البحرينيين الذين شكلوا الطلائع المؤسسة لحركة ثقافية تعيش اليوم ثمراتها في الموسيقى والمسرح والفن التشكيلي والأدب، ولاسيما أنّ بين دمشق والبحرين علاقة عريقة وقديمة قدم التاريخ فمنذ الفينيقيين تشير المراجع التاريخية إلى هجرات من الخليج باتجاه الساحل الفينيقي للشام، وحتى عصر النهضة العربية حيث فاضت أنهار دمشق بمعارفها على مختلف بقاع المشرق العربي وكانت رائدة التنوير في مطلع القرن العشرين.
وقد افتتح هذا المهرجان فعالياته بمعرض للكتاب وللفن التشكيلي، إضافةً إلى وصلات من الموسيقى البحرينية التراثية والحديثة، وشارك في هذا المعرض 15 فناناً عبّروا من خلال لوحاتهم عن الاتجاهات الحديثة السائدة في البحرين، وخاصة أنّ معظم هؤلاء الفنانين اعتمد على لغة اللون وقوته لإنشاء حوار ثقافي مع الآخر أملاً في إيجاد بعض من نقاط لقاء بين الطرفين، فمثلا الفنان محسن غريب الذي له مشاركات محلية ودولية واسعة، قدم لوحة اعتمد فيها على التضاد اللوني كالأبيض الذي احتل الجزء الأكبر من مساحة اللوحة إلى جانب الأسود والأزرق والأصفر والأحمر، ولم تخل اللوحة من مدلولات ورموز مختلفة «كالطائر الملون»، وكذلك استعان بزخارف وحروف عربية في أجزاء من اللوحة، في حين اعتمد الفنان عبد الإله العرب في لوحته على الحرف العربي بلغته الحديثة حيث استطاع أن يدمج بيت اللوحة الحروفية التراثية واللوحة التشكيلية الحديثة عبر إدخال اللون على الحرف ضمن تشكيل مختلف ومتنوع، وحصل عبد الإله العرب على دبلوم التخصص في الخط والتذهيب - القاهرة عام 1980 ودبلوم الخط العربي - القاهرة 1978، وشارك أيضاً في الكثير من المعارض، وحصل على جوائز مختلفة.
كما كان للمرأة حضورها اللافت في الفن التشكيلي حيث قدمت الفنانة فائقة الحسن لوحة تجريدية تعبيرية اعتمدت فيها على اللون الأبيض والأسود مع مشحات من الألوان البنية والبرتقالية وضربات سريعة وخفيفة من اللون الأحمر، وجاءت هذه اللوحة كتصوير لواقع نعيشه اليوم من الحداثة والخراب والدمار يشكل فيه الإنسان محوره الأساسي، وقد أشارت إلى ذلك بأسلوب بسيط خاضع للاختصار والاختزال تلبية للغة الفن الحديث.. وفائقة الحسن فنانة أقامت معرضاً فردياً، كما شاركت أيضاً في الكثير من المعارض الجماعية في الأردن والقاهرة ولندن وإسبانيا وايطاليا والبحرين وقطر. وقد شارك في هذا المعرض العديد من الفنانين الذين تميزوا ببصمتهم الخاصة التي عكست في النهاية واقعهم وآمالهم وأحلامهم.
وبالطبع كان للسينما نصيب من تلك الفعاليات حيث تم عرض فيلم حكاية بحرينية للمؤلف فريد رمضان وللمخرج بسام الذوادي. واستعرض هذا الفيلم أحلام الإنسان البحريني كامتداد للأحلام القومية العديدة التي بزغت مع أحلام الوحدة العربية ثم تحطمت مع الهزيمة في عام 1967، والفيلم لا يعتمد إظهار هذه الحالة بل يقدم مجموعة من الأفراد الذين يجدون أنفسهم في صراع مع محيطهم من أجل تحقيق أحلامهم الصغيرة والخاصة، والتي يفقدونها بمرارة كما تجسدت في الهزيمة العربية حيث سقوط أكبر الأحلام.
وإلى جانب السينما سيتم عرض مسرحية «في انتظار مريم» للمخرج والمؤلف جمال صقر الذي يعكس قصة رجل طال انتظاره لزوجته التي هجرته وابنته التي انساقت وراء والدتها ليبقى وحيداً مع أمه في بيتٍ منعزل متهرئ لا يعرف الكهرباء إلى أسلاكه طريقاً واضحاً، وعلى وتر الروح ستعزف فرقة البحرين الموسيقية ألحاناً وأغاني مختلفة إلى جانب مجموعة من الكلثوميات، وستقدم فرقة الموسيقى الشعبية البحرينية فنوناً بحرية، إضافةً إلى ندواتٍ من الشعر ومحاضرات في الأدب.
|