الحرف واللون صراع متوازن في صالة بيت الرؤى

03/آذار/2008

ضمَّت صالة بيت الرؤى للفنون التشكيلية معرضاً تحت عنوان «جماليات الحرف في الفن التشكيلي»، الذي افتُتح بلوحات مجموعة من الفنانين التشكيليين في محاولة للإجابة عن تساؤلات طرحت حول إمكانية خلق فنّ عربي حديث انطلاقاً من المعارف الغربية الوافدة، ومفردات مكانية متواجدة في المنطقة تبدأ من الحرف بصفته نوعاً من أنواع الفنون التي يتميَّز بها مكاننا وشعوبنا كالتي حظيت بها الشعوب الأخرى مثل الأفريقية والآسيوية.
كان للفن العربي بصمة في تاريخ الفن الإنساني، وقدمت اللوحات ضمن إطار الخط والزخرفة المرتبطة بالمكان، وتناولت الخط كوحدة خاصة أضاف للوحة نكهة عربية في منظومة الفن الإنساني بمجمله.
اعتمد المعرض على مفهوم تجديدي، فكما تقدم اللوحة التشكيلية التي تتبع أيّ مدرسة غربية فكرة ويختار مبدعها طريقة للتعبير كذلك يتشابه الأمر مع اللوحات التي شكل فيها الحرف الفكرة والطريقة معاً تبعاً لطبيعته المقروءة والمرئية، وأضاف بعداً آخر هو الموضوع فجاء تعبيراً باللون والكلمة.
قد تتعدَّد الأفكار التي اختارت الحرف أو الكلمة طريقاً للتعبير، ويبدأ صراع بين الكلمة والتشكيل، فيتعاضدان تارة لخدمة الموضوع، أو يتغلب أحدهما على الآخر مبتكراً طريقة جديدة تتنوع في توظيف الحرف فربما يتلاشى وتبقى ضربة الفرشاة تذكّر بوجوده، ويمكن أن يسخّر لمعالجات لونية أو أن يأتي بسياق زخرفي بالتغاضي عن المعنى الدلالي للكلمة أو الجملة التي تتصدَّر اللوحة.
قدَّم المعرض تنوعاً في ترابط الفن العربي -كما يحلو للبعض تسميته- مع عدة أنواع من الفنون الأخرى كالغرافيك، والفنّ المطبوع اعتمد في إحدى اللوحات توظيفاً للعلاقة بين التضاد اللوني في الأبيض والأسود، وتتكامل فيها مكونات اللوحة التشكيلية، ثم برزت الزخرفة نوعاً آخر فتح وسيلة اتصال أخرى على هذا النوع من الفنون في استخدام جمل مكتوبة بنوع خط معروف اتحد مع الخلفية التشكيلية للوحة بتناغم يصعب الفصل بينهما.
بما أنَّ عنوان المعرض جاء في خدمة الحرف العربي فقد اندرج ضمن المشاركات نتاجٌ اقترب من التخطيط الكلاسيكي فأعطي فيه المعنى الكامل للجملة ولكن ضمن علاقة لونية وظّفت اللون بحرفية عالية لتصنع منها لوحة تجريدية بمفهوم حديث.
ضمن الصراع المقبول الذي يطرح نفسه في اللوحة بين الحرف واللون قد يلعب الحرف دوراً تزيينياً وتحديداً لمسارات اللون في حركة العين على السطح، وهذا بحدّ ذاته يختلف عما سبقه من التعبيرات الفردية التي أريقت على اللوحات في المعرض، والتي تعتبرُ جهداً شخصياً إضافياً لصانعيها ربطت نوعين من الفنون أولهما تشكيلي والآخر فنّ الخط العربي المتعدد الأشكال، وقدرة خلق لوحة فنية بمحتويات متعددة وليس بمضمون لوحة خط مكتوبة.
إن استخدام الخط العربي في الفنون البصرية والتشكيلية الذي يضفي عليها طابعاً عربياً وإسلامياً أحد الموضوعات المهمة التي لا تقتصر على الجانب التطبيقي في هذا الاستخدام وإنما تستند إلى منطلقات فكرية وجمالية وثيقة الصلة بالفكر العربي الإسلامي، وبما يحمله من نقاط التقاء وتقاطع مع الفكر والفن الغربيين.



بلدنا

طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك
هاجر الضيف:

رائع ولكن هناك بعض النواقص

تونس