الأوس للنشر

التشكيليّة شادية قاسم: الفنّان الحقيقي لا يقف عند حد معيّن

أحارب التشاؤم بكل قدرتي

15/تشرين الأول/2008

الفنّانة التشكيلية شادية قاسم، فنّانة سوريّة مقيمة في الكويت خرّيجة كلية الفنون الجميلة وتُكمل الآن دراستها للماجستير في جامعة دمشق يجمعها بالرسم عشقٌُ لا محدود شاركت في مهرجانات عديدة مهمّة كان أوّلها خلال فترة دراستها حيث شاركت في مهرجان ملتقى الجامعات في أسوان في مصر نظراً إلى تفوّقها ثمّ في الكويت وبعد التخرّج شاركت في معرض في ألمانيا ضمن فعّاليّات الأسبوع الثقافي السوري في ميونيخ ومشاركات أخرى. وهنا أذكرُ أن المهرجانات تعزّز ثقة الفنّان الحقيقي بنفسه وتمنحه خبرات كثيرة لكنّها لا تخلق فنّاناً، والفنّانة شادية اتجهت إلى التصوير الضوئي فأبدعت ولاحظتُ ذلك من الصور التي كان بعضُها أقرب إلى اللوحات في معرضها الأخير الذي تابعته في طرطوس القديمة، مع الفنّانة شادية كان لي هذا الحوار:

الإبداع لا علاقة له بالاختصاص فبعض التشكيليين أطباء وغير ذلك بداية سأسأل: هل قدّمتك دراستك للفنون الجميلة بشكل أفضل؟
دراستي للفنون الجميلة صقلت موهبتي وأضافت لي تقنيّات وأساليب جديدة فمهما كان الإنسان موهوباً فالموهبة وحدها لا تكفي، فضلاً عن الخبرات المكتسبة وتبادل المهارات وإرشادات بعض المدرّسين التي هي منهج ثابت فالدراسة، برأيي- هي الأساس لننطلق بقوّة، وهي اختصار للزّمن فالتشكيليّون الذين لم يدرسوا الفنون سيلجؤون إلى طرق لتعلّم أسس هذا الفن (معاهد مثلاً) وإلاّ فسيبقون في إطار المدرسة البدائية.

ترسمين بالاعتماد على أكثر من مدرسة ما سبب التنوّع؟ وهل ستعتمدين لاحقاً اتجاهاً أو مدرسة معيّنة؟
لكل مدرسة من مدارس الفن التشكيلي جماليّتها وخصوصيتها وهي نتاج لتجارب فنية مرّت بها الحركة التشكيلية في العالم وأنا متأثّرة بعدّة مدارس وهذا يظهر في أعمالي فقد اعتدتُ أن أبحث دائماً وأنتهج منهج التجريب لأصل إلى أسلوب خاص بي، فالفن هو منهج تجريبي متجدّد دائماً، والفنّان يبحث دائماً عن الجديد ولا يمكن للفنّان الحقيقي أن يقف عند حد معيّن أو أن يلتزم بمنهج واحد طوال حياته ولو فعل ذلك يكون قد توقّف عن الإبداع وبدأ يكرّر نفسه. فكبار الفنانين مثل بيكاسو سار بطريقة التجريب ومرّت أعماله بمراحل مختلفة، وبالنسبة لي كل عمل نفّذته كان له حالة إنسانية وظروف معيّنة حدّدت أسلوبه دون أن أقصد الالتزام بأسلوب معيّن اعتدتُ أن أترك لأحاسيسي وريشتي العفوية المطلقة في الأداء وبرأيي هذا بحد ذاته يشكّل أسلوباً خاصّاً بي.

لاحظتُ في لوحاتك الأخيرة ميلاً اتجاه الطبيعة واستخداماً أكثر للألوان المشرقة بم تفسّرين ذلك؟
في الفترة الأخيرة غلبَتْ على أعمالي الزيتيّة موضوعات الطبيعة. هذا يعود إلى حبّي وتعلّقي بطبيعتنا الجميلة فالطبيعة من أخصب الموضوعات للفنّان وهذا الميل قديم عندي وموجود منذ الطفولة وازداد في هذه المرحلة فأنا أشعر بأن الطبيعة من أنقى الموضوعات. أمّا استخدام الألوان المشرقة فهو مستمدُّ من بيئتي لون البحر وسطوع الشمس في بلدي سورية وحتماً الإنسان ابن بيئته ولا بدّ أن تترك أثراً فيه.

من أين تستمدّين تفاؤلك الذي ألمحه ليس فقط في عيونك وإنّما في ألوانك ولوحاتك؟
تفاؤلي ينبع من داخلي والتفاؤل شيء بنّاء لذا أحارب التشاؤم بكل قدرتي وحتّى في مواقف الحياة أتفاءل مهما كانت الظرف صعباً وهذا يظهر في لوحاتي هذا من ناحية ومن ناحية أخرى لديّ قناعة بأن العمل الفنّي يجب أن يقدِّم الجمال فأنا أحب أن يسعد النّاس برؤية لوحاتي وأن يستمتعوا بها ولا أحب أن يكتئب أحد عندما ينظر إلى لوحاتي.

اتجهتِ منذ فترة بقوّة نحو التصوير الضوئي، بين الفن التشكيلي والتصوير الضوئي إلى أّيهما ستكون الأولوية في الفترة القادمة؟
في الأصل أنا فنّانة تشكيليّة وموهبة التصوير الضوئي ظهرت عندي جديدة بعد تخرّجي من كليّة الفنون وبدأت أحب هذه الهواية كثيراً كحبّي للرّسم وأصبحت أمارسها وأعمل على تطوير نفسي فيها وتعلّم تقنيّاتها، فتقنيّات الكاميرا تحتاج إلى دراسة وخبرة، وأعتقد أن أساسي كرسّامة يساعدني لأكون مصوّرة لأن عين المصوّر يجب أن تكون عين فنّان ليختار اللقطة المناسبة ليتمكّن من تحويل أي مشهد في الحياة اليومية إلى لوحة. وبما أنّي لا أستطيع أن أحمل عدّة الرسم والألوان إلى كل مكان أذهب إليه فأنا أستطيع أن أحمل كاميرتي على الأقل، وفن التصوير الضوئي أصبح من الفنون المهمّة في عصرنا الحاضر حتّى سمّاه البعض عصر الصورة، وبالنسبة لي أحب أن أمارس الفنًّين معاً (الفن التشكيلي والتصوير الضوئي) وأجد انسجاماً كبيراً بينهما، وفن التصوير الضوئي متمّم لي ولريشتي فكلاهما حالة فنيّة أحسّها وأحبّ أن أمارسها.

ما الذي تنتظرينه من الماجستير كفنّانة أوّلاً وكإنسانة ثانياً؟
كفنّّانة لا أنتظر منه شيئاً لأن الموهبة هي الأساس فكثيرون هم الفنّانون غير الأكاديميّين الذين حقّقوا شيئاً مهمّاً في عالم الفن التشكيلي، والماجستير لا ولن يرفع من قيمة عمل فنّان إذا لم يكن الفنّان حقيقيّاً. أمّا إذا كانت الأبواب متاحة لاكتساب خبرة وخوض مجالات جديدة في الفن فهذا واجب عليّ سواء أكان عن طريق الدراسات العليا أم عن طريق اكتساب ثقافة شخصيّة بطرق أخرى غير الجامعة. أمّا كإنسانة فهو لتعزيز الثقة بالنفس وتحقيق مرتبة أعلى علميّاً.

أنت الآن مقيمة في الكويت مقارنة بسيطة بين كل من الفن التشكيلي والتصوير الضوئي في سورية والكويت؟
خلال إقامتي في الكويت لاحظتُ أنه بلدٌ يشجّع على الثّقافة بأنواعها وقد تابعت عدّة معارض لكل من الفن التشكيلي والتصوير الضوئي، كما لاحظتُ إقبال الجمهور عليها وهذه المعارض ذات مستوى جيّد ومهم ويشارك فيها فنّانون عرب وأجانب من ثقافات مختلفة. ولاحظت أن الشعب العربي يحمل درجة ثقافة متقاربة بما يخص الفن التشكيلي. لكنّ الفن في سورية له طابع خاص فهو حركة نَشِطة أكثر من باقي الدول العربية فسورية متأصّلة بالفن منذ القدم، وصالات العرض فيها كثيرة وعدد فنّانيها أكثر. أما فيما يتعلّق بفن التصوير الضوئي ففي الكويت فن التصوير الضوئي أنضج فهي على مستوى مهم جداً ولاحظتُ احترافهم فيما يتعلّق باستخدام الكاميرا وتقنيّاتها وهذه المعارض تلقى دعماً مادّياً جيّداً على ما يبدو.

لنتحدّث عن شادية كمتلقّية، لوحات مَن مِن فنانينا السوريين تشدّك؟
لوحات الفنّان الراحل لؤي كيّالي، فلوحاته تشكّل مدرسة لأن أعماله ركّزت على الإنسان وعالجت موضوعات كثيرة، فعندما تشاهدين اللوحات التي رسم فيها البيوت الفقيرة لا بد أن تتحرّك مشاعرك.

ما مشروعاتك للفترة القادمة؟
أجهّز ليكون لي موقع على الإنترنت خاصّ بلوحاتي واللقاءات التي أجريت معي والمقالات التي تناولت أعمالي، هذا الموقع الذي سيساعدني كثيراً فعندما يريد أحد أن يتعرّف على أسلوبي في الرّسم يأخذ عنوان الموقع اختصاراً للوقت والتعب. وسأركّز على الماجستير، وطبعاً لن أتوقّّف عن الرسم والتصوير الضوئي.




الوطن


تعليقات القراء

المشاركة في التعليقات:

*اسمك:
الدولة:
بريدك الإلكتروني:
*تعليقك:

الحقول المشار إليها بـ (*) ضرورية

ضيف اكتشف سورية
عبد السلام العجيلي
عبد السلام العجيلي
دمشق القديمة
غاليري اكتشف سورية
غاليري اكتشف سورية
 

 


هذا الموقع برعاية
MTN Syria

بعض الحقوق محفوظة © اكتشف سورية 2008
Google وGoogle Maps وشعار Google هي علامات مسجلة لشركةGoogle
info@discover-syria.com

إعداد وتنفيذ الأوس للنشر
الأوس للنشر