أصدقاء عبد الرحمن منيف يتحدثون في صالة تجليات
10 12
في سياق رؤية تجليات المستقبلية، وكي يتجاوز حضورها في المشهد الثقافي السوري دور صالة عرض للأعمال التشكيلية، إلى أن تشكل إضافة لذلك صالوناً ثقافياً يتحاور فيه الفن والأدب والموسيقى، أقيمت مساء الثلاثاء 8 كانون الأول 2009 ندوة تحدث فيها أصدقاء الأديب الراحل عبد الرحمن منيف في الذكرى الخامسة لرحيله، وذلك على هامش المعرض التشكيلي المستمر للفنان مروان قصاب باشي في نفس الصالة.
وقد قدم المتحدثين في الندوة الأستاذ حسن ياغي، حيث تحدث بداية الفنان مروان قصاب باشي عن علاقته بمنيف التي بدأت مطلع التسعينيات وأثمرت عن علاقة صداقة تناغم فيها الفكر إلى جانب الأدب والفن، ونتج عنها الكثير من الأعمال المشتركة بين الأديب والفنان، وهذا المعرض الذي يكشف عن محتوياته لأول مرة هو أحد نواتج هذه اللقاء، والذي كان شرارة انطلاق فكرة على يد صالة تجليات والسيدة سعاد منيف، إذ تحول وقع هذه الفكرة إلى عمل دؤوب ومشترك خلص إلى هذا المعرض وهذا الحديث عن منيف.
ثم تابع «اكتشف سورية» حديث الدكتور فيصل دراج، تحت عنوان «ما رحل وما تبقى»، حيث بدأ كلمته بالحديث عن التمرد والمنفى وتقاسم الكلمة الحرة والمسؤولية التي تساوي قلماً عنيداً كرس نفسه لجماليات المقاومة، فعلى الإنسان أن يمنع الآخرين عن التصرف بحياته، وعلى الأديب أن يعير صوته إلى هؤلاء الذين لا صوت لهم.
ففي «مدن الملح» اعتبر منيف أن النفط كارثة جديدة تضاعف كارثة فلسطين، فقد أراد منيف أن يجابه مكتبات الظلام المحروسة بالبنادق والكتابة الكاذبة، بكتابات التساؤل والمواجهة.
وتابع دراج حديثه عن منيف قائلاً: «إن منيف كاتب نصر الحقيقة حيث كان يصطحب في مساره الكتابي قارئاً يحترمه ويعترف به ويتبادل معه الحوار، فمنيف لم يشأ أن يقلق قارئه بالصنعة البلاغية، بل أراد أن يقلقه بشكل مختلف حين واجه الأدب التعويضي بالأدب التحريضي، عارفاً الغاية والوسيلة، وعلى خلاف أدب واقعي عاش طويلاً، أوكل إلى البطل المتميز المفرد أن ينتصر نيابة عن الجميع، أي أن يهزمهم قبل أن يذهب إلى المعركة».
ثم ختم دراج بالقول بأن الأحياء يموتون، والبعض يموت ولا تموت آثاره، وعبد الرحمن منيف واحد من هؤلاء.
ثم تحدثت سونيا ميشار الأتاسي عن عبد الرحمن منيف والفن الحديث بمشاركة عن «الصداقة، التبادل الرمزي، وفن الكتاب». إذ يعود اهتمام عبد الرحمن منيف بالفن الحديث إلى فترة الدراسة التي أمضاها في العاصمة العراقية في بداية الخمسينيات، ورغم توهج العراق آنذاك بالسياسة التي كان منيف منغمساً بها، إلا أن حياة بغداد الثقافية تركت فيه أثرها البالغ، وممن تركوا أثرهم الفنانان جواد سليم وشاكر حسن والكاتب الفلسطيني جبرا إبراهيم جبرا، إذ كان البيان التأسيسي لهذه الجماعة يتجلى في هدف إنتاج فن يحمل بعداً عالمياً وطابعاً محلياً في الوقت ذاته. فقد كان منيف يحرص على قضاء الكثير من الوقت في المتاحف في باريس والمدن التي عاش بها، ويعتبر الفنان مروان قصاب باشي من أكثر من كتب عنهم منيف إذ خصه بكتاب كامل عنوانه «مروان قصاب باشي: رحلة الحياة والفن». فمنذ منتصف التسعينيات ساهم مروان بشكل كبير في إخراج كتب منيف وباتت رسوماته تظهر على أغلفة هذه الكتب وأحياناً في صفحاتها الداخلية.
واختتم الندوة الدكتور فواز طرابلسي بعنوان خاص «عبد الرحمن وأدب الصداقة»، وبدأ الدكتور طرابلسي الحديث عن تعرفه على منيف مطلع الستينيات من القرن العشرين، وصولاً إلى تمتين هذه العلاقة في منتصف الثمانينيات في المنفى الباريسي المشترك، إذ كان الأدب والفن والسياسة تشكل تقاطعات مشتركة بينهما، ويقول الدكتور طرابلسي أنه أدرك ببطء سبب امتناع عبد الرحمن عن كتابة مذكراته الحزبية، فقد كان مشروعه الكتابي يحمل قناعة مختلفة وعميقة بأن الأدب والفن أوفر حيلة وأكثر ثراء وأوسع حرية في التعبير عن التجربة الإنسانية.
وتابع الدكتور طرابلسي: «في منزل عبد الرحمن في الضاحية الباريسية شاهدت لوحات مروان أول مرة قبل أن اقرأ الدراسة الملهمة التي كان يعدها عنه».
ثم تطرق الطرابلسي مطولاً إلى شخصيات منيف الروائية وخصوصاً متعب الهذال في «مدن الملح» في جزء التيه، فهذه الشخصية المفترضة في الرواية، صادف وأن وجدت لها أثراً أثناء بحثي في غوغل، فقد قرأت عن حادثة اعتقال الجيش الأمريكي لمتعب الهذال، وقد صادف أن متعب هذا هو شيخ قبيلة عنزة العابرة للصحراء العربية، والمفارقة هنا أن وجود هذا القرين لهذا البطل الروائي، يدل على الكيفية التي تبتكر الحياة سردها الروائي الخاص لتكمل الحكاية.
عمار حسن
اكتشف سورية
جانب من الندوة وتظهر مؤلفات الكاتب الراحل وعليها أعمال الفنان قصاب باشي |
جانب من الحضور ويظهر المحاضرون: سونيا ميشار الأتاسي، فواز طرابلسي، فيصل دراج، وحسن ياغي |
المحاضرون يتحدثون عن ذكرياتهم وعلاقتهم بالأديب الراحل عبد الرحمن منيف |
زكرياء خياط:
لو كتب عبد الرحمان منيف في الفلسفة لكان أول من اعتبر فيلسوفا من تربة عربية قريشية.ومع ذلك فالفلسفة عميقة جدا لدرجة أنها تدرك أن الأدب أعمق منها
المغرب
المغرب