هشام بن عبد الملك
هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، أبو الوليد القرشي الأموي الدمشقي أمير المؤمينين. وأمه أم هشام بنت هشام بن إسماعي المخزومي. ولد في عام (72هـ/691م).
مثلت خلافة يزيد بن عبد الملك مرحلة دقيقة في تاريخ الدولة الأموية، فقد رسمت خط النهاية لهذه الدولة، ذلك أن الخليفة الجديد هشام بن عبد الملك، الذي بويع له بعد وفاة أخيه كان عاجزاً عن القيام بإصلاح ما فسد وترميم ما انهار وإيقاف عجلة التدهور، فقد أصبح الأمر فوق طاقته وخرج عن إرادته بالرغم من اتصافه بالحزم وحسن الإدارة والتدبير، وبالرغم من الجهود، التي بذلها للحفاظ على وحدة الدولة وترميم الحكم الأموي، ومن الإنصاف الإشارة إلى أن الخلافة الأموية استردت في عهد هشام الكثير من حيويتها ومهابتها، ويمكننا أن نعتبر الفترة الطويلة، التي تسلم فيها هشام زمام المسؤولية تشبه صحوة ما قبل الموت.
تسلم هشام الحكم وهو في حوالي الرابعة والثلاثين من عمره، وأقام في الرصافة شمالي بلاد الشام وكان حازماً، حليماً، طيب السمعة، انجرف كغيره من خلفاء بني أمية في تيار التعصب القبلي، لكن مصلحة الدولة عنده فوق الاعتبارات القبلية، وكان الجهاز الإداري في عهده انعكاساً لشخصيته، حيث عهد بالحكم إلى رجال مخلصين وأصحاب كفاءة، محاولاً، بذلك إصلاح ما أفسده أخوه دون جدوى.
من فضائله، أنه كان يجمع المال من وجوهه المشروعة، وينفقه في وجوهه المشروعة، دون تبذير أو تقتير، وهو حريض على تدقيق حسابات بيت المال، وإعطاء كل ذي حق حقه. يتفقد أعمال ولاته ويراقب نهجهم في الحكم وعُرف عنه كراهيته لسفك الدماء.
أولع هشام بالخيل، فكان يشرف على إعداد السباقات في دمشق ومن إصلاحاته: شق قنوات الري، حفر الآبار على طريق الحج. ويعد قصر الحير الشرقي بالإضافة إلى شقيقه قصر الحير الغربي اللذين أمر ببنائهما هشام بن عبد الملك، من أبرز القصور الأموية المشيدة في بادية الشام.
حرص هشام على تربية أولاده تربية صالحة، وهو لا ينفك يرسلهم مع الجيوش للغزو. وشغلت السياسة الخارجية جانباً مهماً من اهتماماته. فقد وجَّه الجيوش للغزو، وحصَّن حدود الأمصار وثغورها. فكانت يداه مشغولتان بالمشاريع العسكرية حتى في أكثر المواقع تباعداً.
قد يكون هشام من عباقرة الحكام، لكنه كان على أي حال قديراً دؤوباً على العمل، صادقا مع نفسه، وناجحاً في حكمه، وتوفي والدولة تنعم بالرخاء.
توفي هشام بن عبد الملك في الرصافة عام 125هـ/742م، وانطوت بوفاته مرحلة مهمة من التاريخ الأموي، ظلت فيها الخلافة مهابة مصانة، وبويع بعده للوليد بن يزيد المعروف باسم «الوليد الثاني» وفي عهده دخلت الدولة الأموية عهد الاحتضار.
كانت العلاقات بين هشام وولي عهده الوليد بن يزيد سيئة جداً. وكان هشام قد حاول دفع الوليد إلى خلع نفسه من ولاية العهد ـ بعد أن رآه لا يصلح للخلافة ـ لكنه أخفق في محاولته وزاد ذلك في التباعد بينهما وفي حقد الوليد على عمه هشام.
توفي هشام في شهر ربيع الآخر عام 125هـ/شهر شباط عام 743م وكانت مدة خلافته تسع عشرة سنة وستة أشهر وأياماً. وخلفه الوليد بن يزيد.
مواضيع ذات صلة: