الوليد بن يزيد
هو الوليد الثاني إبن يزيد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم، أبو العباس الأموي الدمشقي. بويع له بالخلافة وهو بـدمشق بعد وفاة عمه هشام بعشرة أيام.
بدأ الوليد الثاني عهده بمصادرة آل هشام وسجنهم وتعذيبهم؛ فزاد في تمزيق البيت الأموي والتعجيل في نهاية حكم بني أمية.
كان الوليد الثاني ماجناً، محباً لحياة العبث واللهو وانغمس كأبيه في حمأة الصراع القبلي، متعصباً للقيسية ضد اليمانية، ورماه خصومه بالزندقة تارةً، وبالكفر، تارةً أخرى، وأشيع عنه أنه استهان بالقرآن الكريم بعد استهانته بتعاليم الإسلام وارتكابه للمحرمات، كل ذلك زاد في قوة المعارضة ورأى بعض العقلاء من بني أمية شدة الخطر المحدق بالخلافة من وراء أعماله، التي شملت سجن الكثيرين من الأمويين وقتل الكثيرين منهم، فحاولوا وضع حد لتصرفاته وحكمه ونظموا حركة إنقلابية للتخلص منه.
التف الناقمون من بني أمية وأنصارهم حول يزيد بن الوليد بن عبد الملك، الذي كان يرى في نفسه القدرة على القيام بدور يشبه الدور الذي قام به الخليفة الصالح عمر بن عبد العزيز، وتم تنفيذ هذه الحركة، حيث توجه زعيمها يزيد إلى دمشق ودخلها مع أتباعه ليلاً ووضعوا يدهم على بيت المال واعتقلوا كبار الموظفين ورجال الدولة، وفتحت دمشق أبوابها للإنقلابيين؛ فدخلتها مجموعات الثوار من قبائل كلب وغسان ولخم وكندة والسكاسك وغيرها من اليمانية ولم يجدوا مقاومة تذكر، وفي اليوم التالي تمت في دمشق البيعة ليزيد الثالث، وبدأ العمل كخليفة للتخلص من الخليفة الآخر «الوليد الثاني».
كان الوليد الثاني في البادية، أثناء استيلاء يزيد على السلطة وعندما وصلته الأخبار عن سقوط دمشق بيد الثوار والبيعة ليزيد ومجيء حملة لقبض عليه، التجأ إلى حصن قرب معظم رجاله وجنده فأصابه اليأس ودخل إلى غرفة في الحصن وأمسك القرآن بيده وقال: يوم كيوم عثمان، ودخلوا عليه فقتلوه عام 126هـ/744م.
يعتبر هذا الانقلاب الداخلي أول تصدع دموي داخل الأسرة الأموية، فتح باب الفتنة والثورات ولم يغلق هذا الباب إلا بزوال الخلافة الأموية. لقد كان هذا الانقلاب أول ثورة تقوم بها القبائل اليمانية ضد فرع من البيت الأموي، وجرَّت وراءها ثورات وأصاب بلاد الشام خراب ودمار وقتل ودماء حتى قال بعضهم: إن الخلافة الأموية سقطت بسيوف أهل الشام ولم تسقط بسيوف أهل خراسان الذي أجهزوا عليها فقط. واستلم الخلافة يزيد الثالث.