أول فنان تشكيلي سوري يُمنح وساماً لدأبه على رسم مدينة دمشق

28/أيار/2008

لقد كتب عنه البروفسور بوكدانوف الأستاذ في أكاديمية سان بتربورغ للفنون الجميلة والمتخصص في فنون الشرق الأوسط، في كتابه الصادر باللغة الروسية عام 1981 تحت عنوان «رسامون سوريون»، واعتبره في طليعة الفنانين الذين اهتموا برسم الطبيعة والأحياء الشعبية في سورية، ونشَر له بعض لوحاته عن دمشق القديمة.

إنه أيضاً أول فنان تشكيلي كرمه محافظ دمشق لاهتمامه برسم مدينة دمشق، إذ منحه وساماً وبراءة تقدير لجهوده ودأبه على رسم دمشق القديمة خلال مدة تقارب أربعين عاماً، وذلك بمناسبة مهرجان دمشق الثقافي الأول الذي أقيم بتاريخ 9/ 11/ 1995.

إنه الفنان عز الدين همت الذي كرمه مؤخراً مدير ثقافة دمشق غسان كلاس في مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية وترافق ذلك مع إقامته لمعرض بعنوان «ذاكرة المدينة» لأربعين فناناً من طلاب المركز في السادس والعشرين من أيار 2008.

يقول عنه الأستاذ بشير زهدي الذي يُعتبر بمثابة ذاكرة فنية نقدية متحفية «همت هو من أحد رواد الفن في سورية، ومن أهم من استشعروا مبكراً جماليات الأحياء الدمشقية الشعبية وجاذبية العمارة المحلية إذ لم يكن هناك بعد كلية أو معاهد فنون جميلة، ولكنه من خلال الممارسة والقراءة الفنية تكونت لديه خبرة مهنية فنية جعلته في تلك الحقبة الزمنية يضطلع بمهمة توثيق وتدوين جمالية الفن المعماري والطبيعة والبساتين الدمشقية ونقلها من خلال فنه ولوحته التشكيلية إلى أصقاع العالم».

بدأ اهتمامه بدمشق منذ طفولته، من غرفة تعلو الطابق الثاني في بيت جده وتسمى «الطيارة» التي كانت تطل على أسطح الحي بأكمله، هذا المنظر كان دافعاً للفت اهتمامه بمنظر أسطح المدينة القديمة وأزقتها. ولعل أول لوحة رسمها -وكان عمره لا يتجاوز خمسة عشر عاماً- كانت لقبّة السيار المقامة على مرتفع في جبل قاسيون، وكانت لوحة زيتية رسمها على قطعة من البلاكة لا تتجاوز أبعادها 30 في 30 سم ومباشرة بالألوان الزيتية من دون تأسيس باللون الأبيض إذ لمّا يتقن مزج الألوان.

انضم همت نتيجة لعدم وجود كلية فنون جميلة في دمشق إلى مجموعة من زملاء الرسم عن الطبيعة وكان منهم السيد وجيه مدور، وجورج جنورة، وسالم الشوا، وبعد دخوله كلية الحقوق لجأ إلى الاهتمام بدراسة اللون وأصول مزجها وكيميائياتها وخصائصها وأكسدتها واستعمالاتها ثم تشجع مع بقية زملائه بإقامة معارض جامعية سنوية في مبنى مكتبة الجامعة عام 1960.

كما تجدر الإشارة إلى أن أول معرض رسمي شارك فيه كان في المتحف الوطني عام 1959، أما معارضه الخاصة والفردية فأقيمت ما بين عامي 1973 و1998م، وبمناسبة تكريمه يقول همت «ظروفي الصحية لا تساعدني على إقامة معرض للوحاتي يضم أعمالي الفنية خلال مسيرة خمسين عاماً من الرسم المباشر عن الطبيعة ودمشق القديمة، فرحلة خمسين عاماً ليست بالأمر اليسير.

«عموماً، أنا شاكر لهم وهي بادرة جميلة من مدير الثقافة بدمشق الذي تابع أعمالي واستدعاني وكرمني، لكنهم تأخروا عليّ. وبالعودة إلى موضوع المعرض تقول ريم الخطيب مديرة مركز أدهم إسماعيل «المعرض جزء من نتاج الطلاب خلال دورتهم التدريبية التي تقوم على مشروعين، أولهما ما يتذكرونه عن المدينة، والآخر هو العمل على إعادة رسم صور من ذاكرة الشام بين 1800 و1900م إضافة إلى الصور الحديثة، وقد تمت الأعمال بمجموعة تقنيات مختلفة (رصاص، الحبر، والباستيل، والزيتي) وبإشراف مدرّسي المركز (عمر قدور، وإسماعيل نصرة، وجهاد سعود، وعبد الكريم مجدل البيك).

«يأتي هذا النوع من النشاط بغية تحفيز الطلاب الذين لديهم نتاج جيد وقابل للعرض، وتعتبر المجموعة المعروضة المؤلفة من أربعين عملاً أفضل نتاجاتهم، ومن جانب آخر يعتبر المعرض خطوة أولى باتجاه علاقتهم مع اللوحة والجمهور».

يذكر أن عز الدين همت هو من مواليد دمشق عام 1938م، شارك في المعارض الرسمية في المتحف الوطني بدمشق منذ عام 1959، هو حائز على الجائزة الأولى في معرض جامعة دمشق عام 1960، كما حاز على الجائزة الأولى في معرض جامعة دمشق عام 1961، حاز على الميدالية الذهبية في المعارض المشتركة بين جامعات سورية ومصر التي أقيمت في جامعة دمشق أيام الوحدة عام 1961.

إنه عضو الاتحاد العام للفنانين التشكيلين العرب، وعضو نقابة الفنون الجميلة في سورية، وعضو جمعية أصدقاء الفن في دمشق ولوحاته مقتناة في برلين، وسانتياغو، ولندن، وباريس، وفرانكفورت، وميونخ، ومونتريال، وتونس، ولاغوس، وبخارست، والمتحف الوطني بدمشق.