افتَتح المخرج الكويتي سليمان البسام عرضه المسرحي ريتشارد الثالث في القاعة متعددة الاستعمالات بدار الأسد مساء الثلاثاء، والعرض من تأليف الكاتب الإنكليزي وليم شكسبير ومن بطولة فايز قزق في دور ريتشارد الثالث وأمل عمران في دور مارغريت وجاسم النبهان في دور ستنلي ونقولا دانييل في دور بيكينغهام.

يزاوج العرض بين عدة مناخات لغوية تتنوع بين العربية الفصحى واللهجات الكويتية والعراقية والإنكليزية حيث يقدَّم النص الشكسبيري بعيداً عن اللغة الشعرية القديمة ذات الاسترسالات الوصفية أو المنولوجات المطولة فيعوِّض عنها مخرج العمل بصراعات متصاعدة على المُلك المتنازع عليه للملك إدوارد وما يستتبع ذلك من دسائس ومؤامرات لقتل أنسباء الملكة وابنيها الصغيرين بتدبير من ريتشارد وحليفه بيكينغهام.

لا يخفي العرض إسقاطاته المعاصرة على الواقع العربي ملامساً بذلك محظورات متنوعة يطرح فيها البسام إشارات كثيرة عن الدسيسة السياسية العربية وعلاقاتها مع الغرب الأمريكي الذي يغذي بدوره روح النزاع والاقتتال بين العربي وإخوته تحت حجج استشراقية وبعثات دينية يساعده على ذلك الفساد الإداري في أجهزة السلطة الحاكمة وانصراف مسؤوليها الفاسدين منهم إلى جمع الثروات وتحصيل العمولات المتنوعة.

قُدم العرض لأسباب تقنية في صيغة ديكور مختصرة ولكن ذلك لم يمنع المخرج من تقديم صياغات بصرية أخرى ركز فيها على أفلام الشرائح برفقة موسيقا حية من التراث الكويتي إضافة إلى رقصات وتشكيلات جسدية قوامها العارضة الخليجية واللطميات العراقية وبذلك استطاع البسام أن يقدم نصاً من نصوص عصر النهضة الأوروبية وفق الخيال العربي برموز فولكلورية عربية استطاعت أن تضفي بعداً تشكيلياً وجمالياً على المشهدية المسرحية.

يذكر أن سليمان البسام من مواليد الكويت عام 1972 أما بداياته فكانت في لندن عام 1996 وهو مؤسس مسرح البسام في الكويت عام 2002 واستطاع هذا المسرح أن يحقق صدى عالمياً واسعاً ويثبت وجوده كأحد أبرز منتجي المسرح النوعي في العالم العربي اليوم فمن بريطانيا إلى فرنسا ومن اليابان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، أما عرضه ريتشارد الثالث فقد قُدم في شباط من العام الماضي على مسرح السوان الشهير في مقر فرقة شكسبير الملكية في بريطانيا على مدى اثني عشر عرضاً باعتباره جزءاً من مشروع تقديم إخراجات للأعمال الكاملة لوليم شكسبير تلاها عرضان في مسرح البالاس في قلب العاصمة اليونانية أثينا إضافة إلى حفلات متنوعة في الكويت في أيار 2007 ويقدَّم اليوم للجمهور السوري ليكون أحد أهم أحداث برنامج المسرح العربي في احتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية 2008 وسينقل العرض بعدها إلى كل من فرنسا وهولندا والصين والولايات المتحدة الأمريكية.