الصفحة الرئيسية | شروط الاستخدام | من نحن | اتصل بنا
|
استضافت مدينة حلب مساء يوم السبت 2010-3-20 الرئيس الفرنسي الأسبق «فاليري جيسكار ديستان» بمناسبة الأيام الفرانكوفونية، في محاضرة تحدث فيها عن دور فرنسا وأوروبا في السعي إلى السلام وإلى الانسجام العالمي.
وقد قدم الرئيس الفرنسي الذي تولى سدة الحكم في فرنسا في الفترة من 1974- 1981 في البداية إعجابه بمدينة حلب والتي يزورها للمرة الأولى كما يقول، ومن ثم بدأ محاضرته في الحديث عن الروابط التي تقوم عليها الهوية الوطنية حيث قال بأن اللغة لا تشكل لوحدها كل الهوية الوطنية، بل هناك عناصر أخرى مثل الأرض التي نعيش عليها، والإنسان، والجغرافيا إضافة إلى التاريخ الذي يتحدث عن الأحداث والمناسبات التي مر بها الشعب في الدولة الواحدة، وأخيراً طريقة حياة السكان من عادات وتقاليد وطعام ولباس؛ وأضاف بأن عامل اللغة ربما يكون الأبرز من هذه العوامل كونه يقدم الأدب والشعر وهو الوسيلة الأساسية في نقل الحضارة.
بعد ذلك بدأ الرئيس الفرنسي المحاضرة بتعريف الفرق بين السلام والانسجام حيث أكد أن الانسجام أهم من السلام والسبب كما يقول: «أعتقد أن الانسجام برأيي أهم من السلام. فالسلام سيوجد بطريقة أو بأخرى وسيصل إليه السياسيون في النهاية، أما الانسجام فهو أمر أصعب بكثير هو يتحدث عن فن التعايش مع الآخر واحترام عاداته ومعتقداته..».
وتابع بأن أوروبا حالياً تدخل منعطفاً كبيراً في حياتها يتمثل في مفهوم «الاتحاد الأوروبي» مشيراً في الوقت ذاته بأنه لا يمكن مقارنة هذا الاتحاد بالوحدة التي جرت في الصين منذ زمن طويل أو تلك التي حققتها الولايات المتحدة الأمريكية، إنما في الوقت ذاته فإن أوروبا بدأت تمضي في الطريق لتكوين اتحاد كبير ومميز. كما يتابع عن دور أوروبا قائلا: «كان تعداد سكان العالم في بداية القرن العشرين هو 1,5 مليار نسمة يشكل منهم الأوروبيون 20%. أما الآن فتعداد السكان هو 6 مليارات نسمة يشكل منهم الأوروبيون فقط 7% في حين تشكل الصين والهند ما نسبته 18,5% لكل واحدة من الدولتين، ومع ذلك فإن أوروبا ما زالت تحتفظ بأهميتها الاقتصادية والتجارية».
ماذا يعني الاتحاد الأوروبي؟ يقول السيد ديستان متسائلاً، ويتابع بالقول: «إنها مجموعة مؤلفة من اتحاد عدة دول مع احتفاظ الدول هذه لمفهوم وشخصية الدولة بالمعنى المعاصر لها، إلا أنه في المقابل هو تنظيم دولي يحظى باعتراف الجميع، ويمكنه التوقيع على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. لا يشبه واقع الاتحاد الأوروبي حال الولايات المتحدة الأمريكية حيث الدولة المركزية هناك تملك صلاحيات كبيرة جداً، في حين يملك الاتحاد الأوروبي صلاحيات ضمن أربع مجالات فقط وهي: التجارة الدولية، المنافسة، السياسة المالية التي تبنّت العملة الأوروبية الموحدة «اليورو»، والسياسة الخارجية والدفاع المشترك».
ويضف بأن بعض الدول تملك وضعاً استثنائياً في الاتحاد مثل «بريطانيا» ويتابع بالقول بأن الاتحاد الأوروبي حالياً انتخب رئيساً له إلا أنه لم يأخذ صلاحياته بعد، وتم تسمية وزير خارجية للاتحاد إنما بحاجة أيضاً إلى تنظيم وضعه التشريعي والأمر -كما يقول- بحاجة إلى بعض الوقت.
ويتابع بأنه لكي يصل الاتحاد إلى مستوى طموحات الأوربيين فإن عليه أن يقوم بعدد من الأمور يعددها بالقول:
«الطموح الأول يتعلق بمفهوم السلام؛ لم يعد أحد في أوروبا يتخيل أن يحدث فيها حرب بعد الآن وذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية قبل أكثر من نصف قرن. ولكن يجب أن يتجاوز مفهوم اللاحرب مفهوماً أبعد من ذلك بكثير وهو حدوث حالة من «الانصهار» بين شعوب الاتحاد، يجب علينا التوصل لتحقيق الانصهار بأسرع وقت ممكن لكي يتحقق الانسجام. في ألمانيا مثلاً في عهد «نابليون بونابرت»، كان هناك في فترة من الفترات 300 إمارة ألمانية، أما الآن فقد أضحت هذه الإمارات دولة واحدة هي جمهورية ألمانيا الاتحادية. والعالم الآن يميل للتجمع ضمن مجموعات حيث أتوقع أن تقوم مجموعة الدول الإسلامية بالعمل على إقامة اتحاد يجمعها مع بعضها البعض شبيه بالحال لدينا في أوروبا».
أما العامل الثاني كما يقول، فهو احترام الحق والقانون الدولي حيث يقول بأنه يجب على كل الدول احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة مع احتفاظها في نفس الوقت بثقافتها وخصوصيتها.
بعد المحاضرة، تتالت الأسئلة على الرئيس الفرنسي السابق من الحضور، كان أبرزها استطلاع رأيه عن دور سورية ضمن الساحة العالمية حيث أجاب سيادة الرئيس بأن دور سورية بدأ يكتسب أهمية متزايدة على الصعيد الدولي مشدداً على احترام القرارات التي اتخذتها سورية في الماضي والتي أدت إلى تعزيز مكانتها على الساحة الدولية، ومختتماً قوله بأن زيارته هذه جاءت كإحدى نتائج تصاعد دور سورية ضمن الساحة العالمية.
أحمد بيطار
اكتشف سورية
المشاركة في التعليق