حفل تأبين للدكتور فاخر عاقل في جامعة دمشق
فاخر عاقل ترك بصمة بارزة في مسيرة العلم وأثراً لا يمحى

03/آذار/2010

أقامت جامعة دمشق حفلاً تأبينياً للمفكر الراحل الدكتور فاخر عاقل، مساء أمس الثلاثاء 2 آذار 2010، حيث عُرض خلال الحفل فيلم قصير عن مسيرة حياته وأبرز المحطات التي قضاها في التعليم والتأليف والكتابة، إلى جانب مجموعة من الصورة العائلية، وصور أخرى تجسد تجربته الغنية في الحياة كمكفر ومربي كبير.

هذا وقد استعرضت الدكتورة بثينة شعبان -المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية- في كلمة لها، نقلاً عن وكالة الأنباء سانا، مناقب الدكتور عاقل، ورحلة حياته الحافلة بالتعليم والتأليف والعمل، وتفرد شخصيته كمبدع وكاتب تميز بفكره النير وأدبه الجم وتواضعه الكبير وإخلاصه لوطنه وعائلته ومعلميه. كما ودعت الدكتورة شعبان إلى إحداث جائزة علمية للبحث العلمي تحمل اسم الدكتور فاخر عاقل وتسمية مكتبة باسمه، تقديراً لخدماته الجليلة للعلم والتعليم، وترجمة عملية لتكريم السيد الرئيس بشار الأسد له، بمنحه وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة.

من جهته أكّد الدكتور وائل معلا -رئيس جامعة دمشق- أنّ الراحل ترك بصمة بارزة في مسيرة العلم، وأثراً لا يمحى، فكان مفكراً وأديباً ورجلاً تربوياً أغنى الحياة التربوية والثقافية والفكرية بكلّ ما هو مبدع ومتطور.

كما وأوضح الدكتور محمود السيد أنّ فاخر عاقل قد كرّس عمره في خدمة جامعة دمشق، ورعاها بعلمه الغزير وثقافته الواسعة وعواطفه الوطنية الصادقة. وقد أشار السيد إلى أنّ الجامعة قد منحت بإشرافه أول درجة للماجستير والدكتوراه، أثناء رئاسته قسم علم النفس لسنوات طويلة تمّ تطوير هذا القسم ورفده بكل جديد في ميدانه.

وقد ألقيت في الحفل كلمات ذوي الفقيد وأصدقائه التي أكّدت أنّ الراحل كان الأب والمعلم والأخ والعالم والصديق.

وكان الباحث والدكتور فاخر عاقل قد توفي صباح الأربعاء 27 كانون الثاني 2010، عن عمرٍ ناهز التسعين عاماً، قضى جلّها في التدريس والتأليف والبحث العلمي، تاركاً ميراثاً فكرياً تربوياً للأجيال فيما ينيف على 30 مؤلفاً.



اكتشف سورية

طباعة طباعة Share مشاركة Email

المشاركة في التعليق

اسمك
بريدك الإلكتروني
الدولة
مشاركتك
بسام الشطناوي:
رحم الله العالم فاخر عاقل

فقد كان اول مدير لكلية حواره بالاردن 1956-1959

وحواره بذلك الوقت قريه صغيره تحتضن الكلية التي كان طلابها من كل انحاء الاردن
وحسب كلام الاباء بحواره كان العالم فاخر عاقل متفاعلا مع اهل البلدة وياتي الى المجالس لتثقيف اهل القرية صحيا واجتماعيا عن طريق عرض افلام تثقيفية بواسطة برجكتور وماتور كهربائي صغير . وقد اقامت جمعية حواره الخيرية لمؤسسهاالدكتور فاخر عاقل حفل تابين تقديرا من اهالي البلدة لهذا العالم الكبير وتم تسمية الشارع الرائيسي بالبلده باسم فاخر عاقل
وقد كتب الروائي هاشم غرايبه وهو من ابناء حواره عن الفقيد وذكر في مقالة بان مختار قريتنا قبل خمسون عاما قال للدكتور فاخر ( فعلا انك فاخر وعاقل )

بسام الشطناوي - حواره -الاردن
بسام الشطناوي:
مقالة الروائي هاشم غرايبة


هاشم غرايبة

-كنت في الصف الأول الابتدائي عندما عرفت فاخر عاقل.. كان ذلك عام 1959م.
كنا ندرس في غرفتين طينتين تابعتين لمدرسة حوارة الإعدادية عندما تهامس المعلمون: جاء الدكتور .. جاء الدكتور! توجسنا نحن الطلاب خيفة أن يكون الدكتور «اللي يدق أبر».. فقد كنا في المدرسة عرضة لزرق الإبر: ضد السل وضد اليفوئيد وضد الجدري.. وغيرها. ودخل الدكتور فاخر عاقل، ففرحنا ! كنا نعرفه.. طويل. أبيض. بشوش. يسرح شعره للخلف. وعندما يتحدث يحرك سبابته كما في التشهد.. دخل وثلة من تلاميذه وجلسوا في المقاعد الخلفية يتابعون أداء الأستاذ «محمود الزعبي» في تدريس «الحساب»، وفي نهاية الحصة قام الدكتور فاخر عاقل، ووزع على الطلاب المجتهدين جوائز: أقلام مكتوب عليها محمد الوتار ذات خط «سييغ» أي قوي، وبرايات «أم قرش ونص»! من في حواره لا يعرف الدكتور فاخر عاقل! إنه أول من عرفنا على السينما ! لم تكن الكهرباء قد وصلت فكان يستعين بماتور كهرباء متنقل يعمل على البنزين لتشغيل السينما.. ويجمع أهالي القرية ليلا على بيدر «طبش»، ويغطي جدار بيت الحجة عيشة غزلان المقابل للبيدر بقماش أبيض، ويعرض للناس أفلاماً عن الصحة العامة.. كيفية حفظ الطعام ب»النملية».. كي لا يطاله النمل - ربما لذلك سميت نملية. وللأولاد: لا تأكلوا الحلوى المكشوفة للغبار والذباب. ثم يظهر من يقول لنا: اغسل يديك قبل الطعام وبعده.. وفي النهاية تعرض لنا السينما فلماً قصيرا للفنان العظيم شارلي شابلن فتصل قهقهات أهل حوارة إلى الصريح.. في حوارة لا يذكرون الدكتور فاخر عاقل دون أن يتذكروا «أفلام شارلي»! من في حوارة لا يتذكر فاخر عاقل! كان أستاذا في دار المعلمين الريفية، وكانت عند اسمها فعلا فلم يتخرج في سنتها الأولى ستة عشر معلما مؤهلا فحسب، بل أهلت قرية بكاملها لتكون نموذجا لغيرها من القرى.. بفضله صرت ترى الكبار وعم بحملون فوانيسهم ويؤمون المدرسة التي تضاء ليلا لتعليم الكبار ومحو الأمية، وأنشئ أول نادي رياضي ثقافي في حوارة، وأول جمعية خيرية، وافتتحت أول روضة أطفال في حوارة أنقذتنا من عصا كتّاب الشيخ ارشيد ونقلتنا - اقصد جيلي- إلى رحاب المعلمة الفاضلة نادية أبو رحمون. وحسب مقالة الدكتور فيصل غرايبه في الرأي الأسبوع الماضي فقد كان الدكتور فاخر عاقل: « جاء إليها ذلك الشاب الدمشقي المتعلم المثقف اللبق المتواضع، الذي يحمل شهادة الدكتوراه في علم النفس التربوي من جامعة لندن، خبيرا مكلفا من قبل المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلوم( اليونسكو) ومقرها باريس، ليعمل على إنشاء مركز للتنمية الريفية من خلال التربية والتوعية والتعليم للصغار والكبار، والذي عرف فيما بعد باسم دار المعلمين الريفية في حوارة، ليناظر دار المعلمين في بيت حنينا، وليماثل مركز التربية الأساسية وتعليم الكبار في سرس الليان في مصر، والذي هو أيضا من مشروعات اليونسكو. وكان أول من عمل على إدخال مفاهيم التنمية المحلية بالمشاركة الشعبية، وذلك بالتركيز على دور المعلم المرشد المنمي والمحارب للأمية والمثقف لأعضاء الأسرة والمحفز على العمل الجماعي من أجل تحسين الظروف المعيشية الخاصة والعامة. لقد كانت الفكرة رائدة والعمل متميزا، دخل فيه المتدربون البيوت والمضافات ومارسوا العمل في المدارس ومع فرق الإرشاد الريفي والزراعي والمراقبة الصحية في حوارة والقرى المجاورة..» لكني أنا ابن حوارة أعرف أن الدكتور فاخر عاقل لم يكتف بالمراقبة الصحية فحسب، بل قام بمبادرة عملية عندما وزع على أهالي حوارة، بلاطات المراحيض والطوب الإسمنتي كي يقيموا وحدات صحية معزولة في بيوتهم، وخصص جائزة لأفضل مرحاض في القرية.. وفاز بها بيت «عليان العبد الله». وقد وثق ذلك الأستاذ فادي حداد في مدونته عن حوارة. كان طلاب دار المعلمين الريفية يطوفون على الفلاحين بصناديق فيها كتب، كل صندوق يحمله طالبان ويوزعون الكتب ونشرات « التربية الأساسية» على الفلاحين، ويعودون لاستبدالها أو استرجاعها، كل أسبوع.
وأنشأ مجلة حائط لها صندوق بواجهة زجاجية تعلق على جدار الجامع الشرقي.. ثم انتقلت لتعلق عند باب دكان «فالح القاسم» حيث كان فيها شعبة البريد وبدالة التلفون؛ ليسهل حمايتها من العبث. وكان يكتب بها الأساتذة والأهالي وطلاب المعهد مقالات تثقيفية وينشرون بها قصائد وقصصاً.. وتكتب بخط اليد العريض ومزينة برسوم جميلة يسهل قراءتها عن بعد.. وبعد، فقد جاء في الصحف يوم 27/1/2010م: «ودعت مدينة حلب واحدا من أهم علماء وأساتذة علم النفس في سورية والعالم العربي؛ الدكتور فاخر عاقل عن عمر ناهز 92 عاما، وشيع جثمانه من جامع قتيبة بن مسلم قرب دار السعادة للمسنين، حيث كان يقيم، إلى المقبرة الحديثة في حلب. ولد فاخر عاقل عام 1918 في بلدة صغيرة شمال غربي سورية اسمها كفر تخاريم تابعة لمحافظة ادلب، تلقى تعليمه في مدرسة الباب التابعة لحلب، وسافر إلى الجامعة الأميركية في بيروت ليدرس التربية وعلم النفس. وعاد إلى سورية حيث عمل مدرسا في دار المعلمين قبل أن يوفد إلى لندن حيث أمضى ثلاث سنوات نال بعدها الدكتوراه ليعود إلى العمل في جامعة دمشق أستاذا مساعدا ثم رئيسا لقسم علم النفس. عمل أيضا مع اليونسكو مدة سبع سنوات، تجول خلالها في مصر والأردن والسعودية. وخلال وجوده في الأردن ساهم في تأسيس معهد المعلمين في حوارة، وعلّم في الجامعة الأردنية ثلاث سنوات، عاد بعدها إلى جامعة دمشق حتى عام 1983 حين طلب إحالته إلى التقاعد..
ومن مؤلفاته: معجم علم النفس، علم النفس التربوي، أصول علم النفس و تطبيقاته ، التربية قديمها و حديثها ، الإبداع و تربيته،‏ أسس البحث العلمي في العلوم السلوكية، معجم العلوم النفسية .. هذا هو الرجل الذي قال له مختار قريتنا قبل نصف قرن: انت عند اسمك يا دكتور؛ فاخر، وعاقل» .. رجل نفع الناس بعلمه، وكان يقرن العلم بالعمل، والنظرية بالتطبيق..
ما أحوجنا أن نحيي ذكراه، ونحتفي بمروره في حياتنا.. هذا وستنظم جمعية حوارة الخيرية احتفاليا تذكارياً وفاء للدكتور فاخر عاقل، خلال شهر آذار القادم.

الاردن