الحقيقية الفنية ربما تكون أصدق من الواقع 07/شباط/2009
أنهى طلاب السنة الرابعة لقسم التمثيل في المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق تقديم عرض تخرجهم «ست شخصياتٍ تبحث عن مؤلف» على خشبة مسرح سعد الله ونوس في المعهد، عن نص الكاتب الإيطالي لويجي برانديلو وإشراف فؤاد حسن.
وقدمت عميدة المعهد العالي للفنون المسرحية الدكتورة حنان قصاب حسن لمشروع التخرج على بروشور العرض قائلةً «إنّ عرض تخرج طلبة قسم التمثيل ليس كأيّ عرضٍ، إنِّه التجربة الأولى التي يُعمّدُ بها الطالب مُمثِلاً أمام جمهورٍ حقيقي على خشبة مسرحٍ حقيقي».
وأضافت قصاب حسن: «كم هي جميلةٌ التجربة الأولى وكم هي صعبة، لكنّها في النهاية تبقى في الذاكرة محفورة لا تنسى نتيجة سنوات أربع من العمل والتمرين والخوف، فقد يتحول بعدها بعض الطلاب إلى ممثلين نجوم وقد يترك بعضهم الآخر مهنة المسرح إلى فضاءاتٍ أخرى متنوعة، لكن ذكرى تلك التجربة الأولى تظلُّ في البال».
وركز المخرج المشرف على العرض على تنويعاتٍ مختلفة عند طلابه الذين انقسموا في المسرحية إلى خطين دراميين: الأول يمثّل فرقةً مسرحية يتزعمها مخرج يعتقد أنّ الحياة على الخشبة يجب أن تبتعد عن التطابق مع الواقع وأن تعتمد الخيال لإكمال التواصل مع الجمهور.
والخط الآخر هو شخصيات برانديلو الستّ التي تقاطع تدريبات الفرقة الأولى على مسرحية هاملت لشكسبير، وتطلب من المخرج أن يجد لها مكاناً مع فرقته، لنصل إلى صدام بين الحقيقة الحياتية التي يرفضها مخرج العرض وبين الحياة الحقيقية التي تعيشها الشخصية المسرحية، بمعزل عن ممثلها. لنصل في النهاية إلى أنّ الحقيقية الفنية ربما تكون أصدق من الواقع، وذلك بالتعويل على عالم برانديلو الذي يحاول أن يمايز بين الشخصية المسرحية وبين الشخصية الواقعية، مدعياً أن الشخصية على الخشبة أكثر مصداقية من الحياة في عالم الواقع الصريح والمضبوط زمنياً.
كتب برانديلو مسرحيته بالتزامن مع نظرية موت المؤلف التي وضعها الفيلسوف الفرنسي رولان بارت ومهدت الطريق للفلسفة البنيوية والتفكيكية التي ترى أن النص له حيواته المختلفة عن الحياة التي يرسمها الكاتب لشخصياته أو يحاول وضع حدود له، فالنص في ولادةٍ دائمةٍ ومستمرة وغريبة حتى عن هواجس كاتبه.
ويقول برانديلو على لسان إحدى شخصياته: «ما المسرح؟ إنّه مكانٌ يلعبون فيه لعباً جاداً، ونحن هنا لنقدم مسرحيتنا بطريقة جادة»، ولذلك كما يقول هو يطمح إلى اللعب الجاد الحر والبريء الذي تكلم عنه الفيلسوف الفرنسي شيللر محيلاً الفنون جميعها وفي مقدمتها فنّ الشعر إلى أهمية اللعب وضرورته في تطوير ملكات الإبداع ومهاراته الفطرية الأولى.
يذكر أنّ العرض من تمثيل كلٍّ من مؤيد رومية و لينا دياب و فاتنة ليلى و نوار يوسف و رنا كرم و حنا عيسى و علا الباشا و يامن الحجلي و عهد ديب و ندى العبد الله و جيرار غابا شيان و ومي مرهج، وإضاءة ماهر هربش وتصميم رقصات واختيار موسيقا معتز ملاطيليه، وديكور ريم حلو، وملابس وسام درويش.
|